قارئ المقال
|
بقلم : د . محمد الشميري /
كثيرا ما لفتت نظري ومازالت تلفته هذه العبارة وما تسبقها من كلمات ، أقصد” إن الرقم المطلوب خارج نطاق التغطية أو أن الجهاز مغلق “
ليس فقط حلاوة الصوت التي تجذبني ، بل الجرس الداخلي الذي تقرعه العبارة، وما يتردد بعدها من صدى، فقررت اقتباسها بقليل من التعديل، ولا أدري من صاحب الحق في الاستئذان قبل الشروع في الاقتباس:
إن الإعلام المطلوب خارج نطاق الخدمة أو أن باب رمضان مقفل.
في إحدى الندوات التي شاركت فيها مؤخرا، وكانت حول ذوي الإعاقة، تحدثت عن حاجة الإعلام إلى حملات توعية بمعظم القضايا التي تطرحها البرامج الإعلامية، بما فيها البرامج التوعوية حول ذوي الإعاقة وحقوقهم، وكنت قبلها قد كتبت منشورا حول طريقة تعاطي كثير من المؤثرين والإعلاميين مع الأشخاص ذوي الإعاقة.
غالبا، يضع الإعلاميون المعاقين في واحدة من اثنتين، خانة المعجزات حين يبالغون في تعظيم حضورهم ومشاركتهم في أي نشاط طبيعي، يظنون في ذلك بأنهم يرفعون من شأنهم ويحفزون غيرهم، بينما الحقيقة، أنهم يقتلون روح الآخرين، ويغرسون في تربة نفوسهم شعور العجز والاستحالة، فالمعجزات خارجة عن نطاق القدرة البشرية، وهكذا يكتفي المعاقون الآخرون بسردية بطلهم الخارق، ويبحثون عن شماعات يعلقون عليها قرارات الركون إلى الحظ، أو مارد القمقم، وقد ينتظرون_ في أحسن الأحوال _ليلة القدر تطرق شبابيك انتظارهم الكسول…!
الخانة الأخرى، يرافقها شريط الأخبار محملا بأرقام التبرعات وشيلان الشاذة على أبواب المساجد وشاشات التلفزة، ولا داعي للحديث عن لصوص الصدقات، وصيادي المواسم الرمضانية.
في زيارتي إلى مدينة تعز، قبل شهور، اكتشفت مركزا خيريا لذوي الإعاقات المزدوجة، ولا أبالغ لو قلت إن معظم أصدقائي من الناشطين والاعلاميين، لم يفهموا ماذا تعني إعاقات مزدوجة، سأخبركم عنها، حين يعاني الشخص من إعاقتين معا، مثلا إعاقة حركية وأخرى ذهنية أو غيرها…
ناقشت الأمر مع صناع محتوى ومقدمي برامج، للأسف كانت الأفكار التي طرحوها تتجه مباشرة للصدقات ومراسم البر والإحسان!
قد نعذر المجتمع وعامة الناس، الذين تسوقهم عاطفة الأجر والثواب لدرجة تفقدهم الشعور بحق الآخرين، الحق الذي كفله الدستور والقانون، وقبله الدين، لكن حين يتصرف الإعلام وفق منظومة الأجر والآخرة وفلسفة الصدقات قبل الحق والقانون فهذه أمية مرعبة، تصل حد الكارثة، ولست ممن يتحاشى الصراحة والافتعال والحساسية المفرطة حين أتخذها كردة فعل، فهي أقل القليل الذي أتمسك به في مجتمع يتاجر بالإعاقة ويتقن صناعة المتسولين حتى لو لبسوا أغلى الماركات وصعدوا منابر الصلوات…!