قارئ المقال
|
خاص : إبراهيم محمد المنيفي /
كمن مشكلة العطور في أنها تتحول وجوه، أماكن، ألوان، مشاعر، ابتسامات، وهلم عطر، كما يقول عبد الرحمن ثامر:”وفي حين قد تكون تلك مشكلة فهي في الغالب أمر جميل يبعث على الانتعاش، ونحن مدينون لصانعات البخور والعطور والجمال في حياتنا”.
وإحدى هؤلاء بطلة قصتنا أماني عبد اللطيف الثلايا من محافظة صنعاء. ولدت فاقدةً للبصر، وعاشت طفولتها في أكناف أسرتها التي تصفها بالحضن الدافئ، وكما تقول أماني: “فقد عشت طفولتي بحب وحنان وتقبل كبير من قبل الأسرة، ولم أشعر بأني مختلفة عنهم على الإطلاق بل كنت كأي فرد داخل الأسرة”
تقول أماني أنه ونتيجةً لتعامل أسرتها معها لم تشعر بأنها كفيفة وأنها قد تكون مختلفة عن أخوتها وأخواتها لكنها بدأت تشعر بالاختلاف والشجون حينما كن أخواتها وباقي الأطفال يذهبون إلى المدرسة بينما تظل في المنزل لا لشيء فقط لأنها كفيفة.
ولم يدم ذلك طويلاً فقد التحقت بمركز النور للمكفوفين في عام 1995 وهي في العاشرة من عمرها وذلك قبل أن تنتقل لمعهد (الشهيد فضل الحلالي ) الذي أسسته الراحلة فاطمة العاقل رحمها الله نهاية التسعينات كأول مدرسة للكفيفات في اليمن. وفي الجامعة تخصصت أماني إذاعة وتلفزيون في قسم الإعلام، والدافع كما تقول لل MCPD شغفها وحبها للإذاعة، وإلى جانب تخصصها الجامعي تجيد أماني الحاسوب وتمتلك شهائد خبرة في التدريس بالإضافة لدورات متنوعة في الإدارة والتنمية البشرية وغيرها. وعلى الرغم من أن أماني بحثت عن فرصة عمل في تخصصها إلا أنها لم تجد أو لنكون أكثر دقة لم تتح لها الفرصة، فأخذت أماني تعيد اكتشاف ذاتها لتبحث عن مهاراتها فوجدت أن لها مهارة وذائقة في صناعة البخور والعطور والمستحضرات النسائية المختلفة.
وحينما أطلقت جمعية الأمان للكفيفات برنامج (أنامل مبصرة) العام الماضي استغلت أماني الفرصة لتعزز هوايتها بالتدريب لتصبح مهارة وحرفة. فاحترفت صناعة العطور والبخور والزباد وملطف الجو والكثير من المستحضرات بشكل متميز، ورغم ما قد تتطلبه هذه الحرفة من دقة في وضع المستحضرات وتحديد المقاييس فإن أماني تؤكد لل — MCPD أنها تحضر الطبخات بمفردها دون أي مساعدة من أحد إلا ما استفادته من التدريب والتجربة أو العينات التي تقترحها بعض الزبونات ممن لهن خبرة في المجال.
بروح إيجابية ومثابرة تصر أماني على أن الأمر بسيط ولا توجد أي صعوبات تواجهها إلا عدم الإقبال على منتجاتها رغم جودتها العالية، وطالبت أماني من التجار والجهات المختصة أن يشجعوا مثل تلك الحرف والمنتج ات لسببين: الأول أنه دور مجتمعي، والآخر أن المنتجات جيدة ومنافسة من حيث الأسعار والجودة. و هكذا أثبتت أماني ورفيقاتها الكفيفات كما كل ذوات الإعاقة ألا مستحيل أمام الإرادة وأن الروائح الطيبة يمكن أن تعتمد على الذائقة في الاختيار بينما ترتاح العينان من عناء التجميع والمزج والتركيب والمسألة روائح ومستحضرات لطيفة أكثر من كونها ألوان زاهية ومتناسقة على الرغم من أنها لا تغفل الأمرين في نفس الوقت.
وتثق أماني في الختام بأنه ثمة عاشقين وعاشقات للورد والعطر الجميل، وتوصيكم بأّلا تغفلوا أناقتكم ولا تنسوا أن تتبادلوا الهدايا المفاجئة فهي أطيب للخاطر وأدوم للذكرى الجميلة.