المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى بمناصرة حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة

يحيى سرور “الصوت صار تمام”

صورة عبدالله سرور
قارئ المقال

خاص:إبراهيم محمد المنيفي /

وجدنا في المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة صورتين تبدوان متشابهتان في الملامح إلى حد كبير. الصورة الأولى: بالأسود والأبيض وتعود لنهاية السبعينات وفيها يظهر شاب عشريني من اليمن يحمل بين يديه مسجل الترانزيستور القديم وحوله جمع من الطلاب يبدو أنهم من بلدان عربية مختلفة، عرفنا بعد التقصي أن الشاب كان يجري معهم لقاءات مسجلة للذكريات في أكاديمية كييف العسكرية بأكرانيا التابعة للاتحاد السوفيتي حينها ، وعرفنا أن اسم الشاب يحيى وكان يرشحه أبناء شهداء ومناضلي ثورة سبتمبر في المهجر ناطقاً بإسمهم فهو إعلامي مفوه ووالده النقيب قاسم علي وشقيقه صالح قاسم من شهداء ثورة سبتمبر.

أما الصورة الثانية: فهي واضحة كثيراً ومألوفة للكثير، يظهر فيها رجل يحمل هاتفه المحمول يبدو أنه يوثق حفلاً أو مناسبةً ما، وعند التحقق والتدقيق لا تخطأ العينان أن ذلك الرجل يحمل سماعتين في الأذنين، فهو إعلامي مشهور وذو حضور واسع في مناسبات الأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم.

وبين الصورتين نسرد قصة بطلنا في السطور التالية:

يحيى قاسم علي سرور. من مواليد 1957 في العاصمة صنعاء. ولد يحيى لأسرة يمنية مناضلة، وعاش طفولة مفعمة بالذكريات الجميلة لا يزال يتذكرها بكل حنين.

تلقى يحيى تعليمه فيما كان يُعرف حينها ب(الكتاتيب) وهي مدارس بدائية كانت منتشرة ذلك الحين، ثم تنقل بين العديد من المدارس بصنعاء بعد ثورة سبتمبر، ثم التحق بمعهد معين الثقافي الذي كان يعتبر بمثابة جامعة في الوقت الحاضر. وبعد التخرج التحق يحيى موظفاً بوزارة المواصلات، ثم انتقل للسلك العسكري في القوات المسلحة متدرجاً في المهام حتى وصل لمكتب القائد العام للقوات المسلحة.

وبعدها تم ابتعاثه لدراسة الطيران منتصف السبعينات في المملكة العربية السعودية، وفي عام 1979 انتقل للاتحاد السوفيتي لاكمال الدراسات العليا في مجال هندسة الطيران والتصوير الجوي، وهناك حصل على دبلوم عالي في هندسة الطيران من أكاديمية كييف العسكرية ليعود إلى اليمن ويلتحق بسلاح النخبة في القوات الجوية اليمنية منتصف الثمانينات.

من التحليق في القوات الجوية إلى التحليق في سماء الإعاقة.

وبعد حياة عسكرية حافلة بالعطاء تقاعد العميد يحيى سرور في عام 1996 من السلك العسكري، لكن وبسبب التدريبات القاسية والمكثفة في أجواء وبيئات وظروف عمل قاسية كان سمع يحيى يضعف تدريجياً حتى فقد السمع بنسبة 90% في كل ت ا الإذنين ما جعل الأطباء يقررون له سماعات طبية بشكل دائم.

يحدثنا العم يحيى عن الشعار الذي رفعه من ذلك الحين (ارفع صوتك لكي أسمعك) وهو شعار يكشف عن روح وبساطة العم يحيى أكثر من أي شيء آخر. يؤكد لنا العم يحيى أن البساطة والابتسامة الدائمة جزء من شخصيته التي جبل عليها وهو لا يستطيع إلا أن يكون هكذا كما يقول.

انظم لجمعية الصم عضواً ثم نائب رئيس للجمعية ذاتها قبل أن يتم انتخابه رئيساً لها حيناً ويختار بالتزكية حيناً آخر وما يزال رئيساً للجمعية إلى اليوم فهو الذي أحبه الصم كما أحبه الجميع.

يحيى سرور ظاهرة إعلامية فريدة.

بدأ يحيى بالنشاط الإعلامي منذ كان شاباً من خلال الأنشطة الطلابية في المدارس أو في المهجر حيث كان يسجل لقاءات مع الطلاب العرب المبتعثين لأكاديمية كييف العسكرية بالإضافة لنشاطه كأحد أبناء شهداء ومناضلي الثورة اليمنية، ومع بداية ظهور وسائل التواصل الاجتماعي قرر العم يحيى أن يكون وسيلة إعلام متنقلة يرصد مختلف أنشطة المجتمع من أفراح وأحزان، وينقل صور حية ومباشرة للمواطنين العاديين، والعمال، والفنانين، والقيادات الاجتماعية، والمبادرات المجتمعية المختلفة، كما يصور في أماكن أثرية ومناطق سياحية،

يجري اللقاءات في المؤسسات، في الأسواق وينقلها للمغتربين وغير المغتربين، كما لا يغيب عن رصد وتوثيق أي فعالية من فعاليات الأشخاص ذوي الإعاقة. كل ذلك عبر حسابه على الفيسبوك الذي يطلق عليه (صفحة المحبة والسلام) حيث أنشأها قبل تسع سنوات ويتابعه 215 ألف متابع من داخل اليمن وخارجها.

لا تغيب عن العم يحيى روح الدعابة حتى ونحن نطرح عليه الأسئلة لنروي قصته الملهمة والحافلة بالحيوية والنشاط، يحدثنا العم يحيى عن الكثير من المواقف الطريفة في حياته المهنية حيث يستوقفه البعض أثناء مروره في الشوارع لالتقاط الصور ومن بين ذلك نساء يرغبن بالتقاط صور له مع أطفالهن فلا يمانع، وكيف أن بطارية السماعات تنطفئ فجأة أثناء بعض التغطيات والاحتفالات الرسمية فينزعها بكل بساطة ويقوم بتنظيفها وتركيب بطاريات جديدة ويلتفت للحضور قائلاً (صار الصوت تمام).

العم يحيى سرور بتواجده في كل فعاليات المجتمع ومع مختلف الشرائح وبطريقة تغطيته الجميلة البسيطة والمثيرة ظاهرة إعلامية فريدة تثبت بأن الإعاقة لم تكن يوماً مانعاً من الإنجاز والابداع بقدرما هي الظروف والمعيقات من حول ذوي الإعاقة.

وأخيراً وليس آخراً العم يحيى يقول لكم:” إن الصوت صار تمام” ويتمنى في المقابل أن تكون الصورة لديكم عن ذوي الإعاقة تمام.