خاص : ميادة العواضي /
عندما تتصفح صفحته يمكنك أن تلاحظ صورته وهو مبتسم ابتسامة رائعة ومبهجة، إنه عبد الواحد أحمد يمتلك صفحته الخاصة في الفيس بوك بمساعدة أخيه الأكبر، يشارك فيها أصدقاءه أحلامه ولحظاته الجميلة ويعطي درساً بأن الحياة تستحق أن نعيشها بتفاؤل.
عبد الواحد أحمد، من محافظة إب وسط اليمن 23 عاماً، عازب، لم يستطع دخول المدرسة وتعلم تعليم منزلي فقط.
يعاني عبد الواحد من متلازمة داون منذ مولده، يقول عبد الرحيم أحمد الأخ الأكبر لعبد الواحد أنه عانى كثيراً من قصور الوعي في المجتمع حوله، ويضيف عبد الرحيم: “انطوى عبد الواحد وبقي فترة طويلة خائفاً من الاختلاط بالناس والمجتمع لأنه وجد مضايقات كثيرة حينما كان يخرج إلى الشارع، لذلك عانى من رهاب الخروج من المنزل،”
إيجابية المتابعين وعفوية عبد الواحد صنعتا الفرق.
يقول عبد الرحيم للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة أنه حينما أحس بأن أخيه يواجه خطر الوحدة لمعت في ذهنه فكرة إنشاء صفحة في الفيسبوك كمحاولة منه لخلق فرصة أخيرة يستطيع من خلالها الخروج بأخيه الأصغر من حالة العزلة التي يعانيها.
لم تسعف عبد الواحد كلماته في إيصال ما يريده بداية الأمر فكان عبد الرحيم الوسيط بينه وبين الناس، وبعدها حدث التواصل بين الأصدقاء المتابعين وبين عبد الواحد، واستطاع بعفويته وبراءته كسب قلوب العديد من المتابعين.
عكس المتوقع تماماً كانت التعليقات لطيفة وإيجابية من متابعي عبد الواحد، ولم تكن ساخرة أو متنمرة، يقول عبد الرحيم: “تفاعل الجميع مع عبد الواحد منذ أول لحظة وبدأت الصفحة تؤتي ثمارها… فإلى جانب أنه استطاع أن يعبر عن مشاعره في مساحته الخاصة ويكسر عزلته المجتمعية ويتلقى ردوداً إيجابية ممن كان يعتبرهم سابقاً مصدر خوف… فقد استطاعت الصفحة أيضاً أن تنقل رسائله للآباء والأمهات في تغيير نمط تربية الأطفال… وتعليمهم أكثر بخصوص هذه المتلازمة والطرق الصحيحة للتعامل معهم.”
في أحد المنشورات يقوم عبد الواحد بأداء رقصة البرع الشعبية المعروفة لدى اليمنيين، وبكل تلقائية قام بالرقص في الشارع وبإمكانك الإحساس بمدى سعادته وهو يقوم بأداء الرقصة بكل عفوية.
عبدالواحد بعيون متابعيه.
يرى صديقه وليد الحمودي، أن ما يقدمه عبد الواحد كمثل هذا الفيديو هو لطيف جداً ومؤثر، وبالرغم أنه لم يلتقِ عبد الواحد وجها لوجه يوماً إلا أنه حريص على متابعته وتشجيعه حسب قوله.
تلقى عبد الواحد العديد من ردود الفعل المحفزة والتشجيع في أحدث منشور له وهو يخوض تجربة أشعة البانوراما للأسنان الذي كان يخافها كثيراً، لم يعد يخاف منها كما في السابق، فبحسب المنشور استطاع عبد الواحد التغلب على خوفه وهو ما يعتبره إنجازاً.
في أحد منشوراته كتب عبد الواحد: “من المهم جداً أن أكون شريكاً في الحل أيضاً وليس فقط في المشكلة” ليعطي درساً هاماً أن الإنسان يجب أن يتحمل نتيجة خطئه بنفسه
من خلال حكايته مع الآيباد الذي لم يحافظ عليه وكسره مرة أخرى بعد أن أصلحه له أخوه عبد الرحيم، وتمت معاقبته على ذلك الإهمال.
يسلط عبد الواحد الضوء على إشكالية التنمر المجتمعي تجاه ذوي متلازمة داون ولكن بطريقته الخاصة، حيث نشر منشور يتحدث فيه عن رغبته في الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة ولكنه وعلى الرغم من استيقاظه مبكراً وارتدائه الثوب استعدادا للذهاب لم يجد من يأخذه إلى هناك، ولن يستطيع الذهاب بمفرده لأنه عادة ما يتعرض لمضايقات كثيرة لا يستطيع تحملها.
تلقى منشورات عبد الواحد تفاعلاً كبيراً من قبل أصدقائه منهم بليغ حجر، صديق عبد الواحد وهو أخصائي اجتماعي، حيث يتحدث عنه ويقول: “لدى عبد الواحد العديد من المتابعين والمحبين إذ يرون فيه اللطافة، وأن الأمر رائع أن يحصل عبد الواحد على تلك المحبة التي يستحقها.
وبخصوص إدارة صفحة عبد الواحد قال عبد الرحيم للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة أنه يتابع كل التعليقات التي ترد صفحة عبد الواحد باهتمام.
ويضيف: “أصدقاء عبد الواحد يتابعونه بشغف ويعبرون عن محبتهم له، وأعتقد أن الصورة النمطية عن متلازمة داون بدأ هو بتغييرها حيث أعطى صورة جميلة ومختلفة عنهم من خلال فيديوهات ومشاركتها للآخرين”
يستطيع عبد الواحد أن يغير وجه نظرك عن ذوي متلازمة داون، وهذا ما يراه صديقه مصعب حميدي، الذي يقول: “إن عبد الواحد شخص لطيف ومحبوب من قبل الجميع ويعطي أملاً كبيراً لغيره بأن المجتمع مستعد ليتقبلهم كما هم”