خاص : إبراهيم محمد المنيفي /
في الثاني عشر من إبريل نيسان الماضي أصدر المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD بياناً بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك هنأ فيه أبناء الأمتين العربية والإسلامية عامة والأشخاص ذوي الإعاقة خاصة. ولكون شهر رمضان المبارك يمثل موسماً سنوياً لأجهزة ووسائل الإعلام المختلفة لإنتاج كم كبير من الإعمال والإنتاجات الإعلامية المتنوعة فقد طالب ال- MCPD من وسائل الإعلام المختلفة أن تستعين بالأشخاص ذوي الإعاقة وذوي الاختصاص عند تناول قضايا وموضوعات ذوي الإعاقة أو شخوصهم تفادي للوقوع في القصور واستعمال الصور النمطية التي تسيء للأشخاص ذوي الإعاقة، كما طالب البيان عموم المتابعين والمشاهدين من الأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم أن يشاركوا ال- MCPD الرصد والتوثيق لأي أعمال إعلامية أو فنية قد تتناول قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة سلباً أو إيجاباً وإبلاغ ال- MCPD بها.
نماذج من الانتهاكات الإعلامية والفنية التي تم رصدها خلال شهر رمضان المبارك.لقد رصدنا في ال- MCPD تراجعاً ملحوظاً في نشر التصورات الإيجابية والواقعية عن الأشخاص ذوي الإعاقة في ه ذا الموسم مقارنة بالموسم الماضي. ورغم الطرح الإيجابي لقضايا وموضوعات الأشخاص ذوي الإعاقة في هذا الموسم إلا أنه طرح عابر ولا يكاد يذكر مقارنة بالصور النمطية والتحيزية ال تي رصدناها هذا العام ونذكر منها:
*برنامج (غازي مجننهم ) وهو برنامج مقالب من إعداد وتقديم الإعلامي غازي حميد، وتم عرضه على قناة المهرية الفضائية، فكرة البرنامج تقوم على استدراج إحدى الشخصيات المعروفة لزيارة مصحة نفسية للإطلاع على أحوال المرضى النفسيين عن قرب، إلا أن الضيف يتفاجأ بعدوانية مفرطة من بعض النزلاء الذين تصفهم المذيعة المساعدة بأنهم خطيرين جدا ً، ويقدم البرنامج النزلاء بملابس وصور مخيفة مما يكرس نظرة العزل والتخويف من الأشخاص ذوي الأمراض النفسية والإعاقة العقلية وأنهم خطيرين ومن الممكن أن يشكلوا خطر على الآخرين بدلاً من التوعية بأهمية استيعابهم وتقبلهم وعدم الإساءة إليهم بحجة أنهم خطرين ومؤذيين.
*برنامج (باص الشعب الموسم الثالث) من إعداد الإعلامية حنان فازع وتقديم مجموعة من المذيعين والمذيعات بقناة الهوية، وهو برنامج مقالب يستمد فكرته من أحد البرامج العربية المشهورة حيث يقوم على فكرة باص نقل ليقل الركاب من منطقة لأخرى وعلى متن الباص يتم عمل تمثيل لموقف مستفز ورصد ردود أفعال الركاب من خلال كاميرا مثبتة على سقف الباص لا يراها الركاب. وقد تناولت الحلقة التاسعة من برنامج باص الشعب قضية الاحتيال على المكفوفين في وسائل المواصلات وهي قضية موجودة فعلاً وإن كانت بشكل نادر وقد تم طرح القضية بشكل إيجابي بداية البرنامج إلا أن البرنامج انحرف عن المسار حينما صور الكفيف بأنه غبي يسأل عن إحدى المناطق في صنعاء بينما الباص لا يزال في محافظة ذمار، بل يقوم الممثل لدور الكفيف بدفع مبلغ مضاعف عن المبلغ المتعارف عليه بالإضافة للبطاقة الشخصية لشخص لا يعرفه أصلاً ما نقل صورة نمطية عن الكفيف بأنه قليل الحيلة وشخص يبدو ساذجاً ومسكيناً إلى الحد الذي يستوجب الرحمة والشفقة وعدم تركه بمفرده فهو غير قادر على الاعتماد على نفسه.
*وفي الحلقة الرابعة عشر من نفس البرنامج يظهر في المشهد شخص أصم يسخر منه أحد الركاب ويطالبه بالنزول من على متن الباص فيتفاجأ بردة الفعل الإيجابية من بقية الركاب وهذه لفتة توعوية جيدة بيد أن المذيعة استعملت مصطلحات غير ملائمة من قبيل”أعمى ، أعجم” فضلاً عن الموقف العام الذي تسعى المذيعة لغرسه في أذهان المشاهدين وهو أن السخرية من الأصم ومطالبته بالنزول من الباص موقف قاسي ويتناقض مع قيم الرحمة والإحسان لكنها تتجاهل أن توصل رسالة مفادها بأن ما حصل انتهاك يجرمه القانون وأن من حق الأصم أن يتنقل بكل حرية واستقلال كحق مكفول قانوناً بغض النظر عن نظرة الشفقة والرحمة.
*برنامج ( غاغة الموسم الخامس ) للفنان محمد الأضرعي ، وهو برنامج سياسي ساخر عُرض على قناة سهيل الفضائية، وفكرة البرنامج تقوم على قوالب السرد وتمثيل والأغنية. وقد رصدنا تناول البرنامج في مواسم سابقة أكثر من مرة قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة بطريقة غير ملائمة وتوظيفها لغرض السخرية غير مكترث بمتابعيه من ذوي الإعاقة حيث يظهر البرنامج في الحلقة 23 أحد الممثلين لدور المكلف باستقطاب مقاتلين لأحد أطراف الحرب وهو يجلب معه أحد الصم وآخر من ذوي الإعاقة العقلية ويوصفه بأنه “أخبل” بينما يرد الأضرعي بأن المجنون بحسب وصفه سيقتل أكبر عدد ممكن والأصنج حسب تعبيره سيقتحم الجبهة المطلوبة ولن يسمع أصوات الرصاص، ويعتبر هذا المشهد استغلال وتوظيف سيئ ومهين للأشخاص ذوي الإعاقة لغرض السخرية.
كيف تسيئ المسلسلات والبرامج لذوي الإعاقة وما الحلول؟
ترى ليزا الكوري (عضو اللجنة الإعلامية في الاتحاد العربي للمكفوفين) إن تناول الأشخاص ذوي الإعاقة وقضاياهم في اليمن سلبي جداً مرجعة ذلك إلى قلة الوعي وتعمد كتاب المسلسلات والمنتجين تقديم الأشخاص ذوي الإعاقة بصور سلبية ومهزومة ومثيرة للشفقة أو ساخرة لغرض جذب الكثير من المشاهدات. من ناحية أخرى لا تنكر ليزا الكوري وجود لبعض الشخصيات التي تطرحها المسلسلات على أرض الواقع لكنها تقول: ” أنها ليست الصورة كاملة وإن هناك صور ونماذج إيجابية ومتميزة وتعمد إغفالها وإبراز غيرها هو ما نرفضه ونعتبره إساءة للأشخاص ذوي الإعاقة”
من جهة أخرى تحدث الفنان أحمد المعمري (مدير عام المسرح بوزارة الثقافة) لل MCPD عن الدور الإيجابي الذي قام بتأديته عن شخص من ذوي الإعاقات النطقية في مسلسل (أنياب الشر) للكاتبة يسرى عباس والذي عُرض على قناة اليمن في صنعاء، حيث يؤدي المعمري دور الشاب فؤاد الذي يلعب دوراً مهماً في كشف إحدى العصابات المنظمة التي يتحدث عنها المسلسل. ويرى المعمري إن الكتاب لا يتحملوا وحدهم مسؤولية النصوص والأعمال التي تتضمن إساءة للأشخاص ذوي الإعاقة فالنصوص غير مقدسة على حد وصفه ويمكن للمخرجين أن يكون لهم دور في تصويبها وتعديلها، فيما يحمل المعمري المسؤولية الأكبر للفنانين الذين قبلوا أن يؤدوا أدوار مسيئة للأشخاص ذوي الإعاقة. وعن الحلول ترى ليزا الكوري بأنها تبدأ من كتاب المسلسلات ومعدي البرامج الذي ينبغي أن تكون لهم تصورات واعية ومسؤولة تجاه شريحة مهمة من أبناء المجتمع على حد تعبيرها، بينما يقترح أحمد المعمري على الكتاب والممثلين أن يقوموا بزيارات لمراكز ومؤسسات الأشخاص ذوي الإعاقة للتعرف عليهم وعلى قضاياهم عن قرب لمقاربتها بشكل موضوعي ومهني بالإضافة لاستشارة ذوي الإعاقة والاسترشاد برؤيتهم لكيفية طرح قضاياهم من خلال المسلسلات والبرامج والقوالب والأشكال الإعلامية المختلفة.