قارئ المقال
|
متابعات /
تداولت وسائل إعلام عراقية، الشهر الجاري، قصة لشاب عراقي من ذوي الإعاقة البصرية المصاحبة له منذ الولادة، يعمل في تأسيس الكهرباء للمنازل وغيرها من المباني في مدينة المقدادية شمال شرقي ديالى.وطوّر العشريني عبد الهادي عطا الله قدراته لكسب قوت يومه؛ فيداه اليوم تعرفان طريقهما جيدا في مهنة تصنف بأنها خطرة، وثمن الخطأ فيها كبير.
ونقلت قناة UTV العراقية عن عبدالهادي قوله إن “زبائني لا يصدقون في بادئ الأمر أنني كهربائي، وأنا أعذرهم، لكنني اتفق معهم على عدم تسلم أي مبلغ قبل إنجاز العمل وإنارة المبنى”.ويؤسس عبد الهادي المنازل كاملة حتى تصبح جاهزة للربط الكهربائي بمساعدة عامل معه يستعين به في معرفة ألوان أقطاب الأسلاك وحفر المفاتيح في الجدران.ويستغرق وقت تأسيسه المنزل الواحد قرابة أسبوع، فيما يقول إنه يعمل مجانا في بعض الأحيان لمساعدة الفقراء، ولأنه أيضا لا يحب البقاء في المنزل.
ويقول عبد الهادي إن “الجلوس في المنزل يصيبني بالضجر، لذلك أتمنى مجيء أي زبون ليطلب مني إنجاز عمل في الكهرباء، وأحيانا أقدم خدماتي مجانا للفقراء ومن لديهم أعطال بسيطة”.عبد الهادي متزوج وينتظر أن يُرزق بأطفال، وهو يفخر بتجهيز منازل عديدة في مدينته بالتأسيسات الكهربائية، وسط إشادة من أصحاب المنازل تلك بمهنيته التي تفوق المبصرين على حد قولهم.ويقول محمد صادق، وهو صاحب منزل أسس عبد الهادي كهرباءه، إن “ثقتي به كانت مهزوزة عندما استأجرته لتأسيس الكهرباء في منزلي، لكنني اكتشفت لاحقا أن عمله أفضل من عمل كثيرين من أصحاب البصر”.
وعبد الهادي ليس الكفيف الوحيد في عائلته، فهو واحد من 3 أشقاء ولدوا كفيفين، لكنه آمن بقدراته وانطلق ليمارس حياته طبيعيا ليتحمل اليوم مسؤولية إعالة أسرته في حياة يراها غيره صعبة جدا.وفي قصة أخرى نقلتها وكالة رويترز وقناة الجزيرة ووسائل إعلامية أخرى سبتمبر الماضي، لكفيف عراقي آخر اسمه مصطفى عزيز ويعمل في إصلاح السيارات باللمس والسمع.وبحسب رويترز فإن الشاب مصطفى عندما يمسك جزءا من محرك سيارة، عهد إليه أحد الزبائن بإصلاحها، ويهزه بيده، يكتشف بسرعة ما ينبغي عليه القيام به لإصلاح العطل.
ويقول الشاب البالغ (35 عاما) والمصاب بإعاقة بصرية منذ ولادته، من منزله ببغداد الذي افتتح فيه ورشة إصلاح، إن “بعض الناس يندهشون والبعض الآخر لا يصدقون حتى يروا بأعينهم”.وكان والده، وهو ميكانيكي سيارات، هو من علمه هذه المهارة ونقل إليه الشغف بإصلاح السيارات عندما كان عزيز طفلا صغيرا، وعاما بعد عام، تطورت مهاراته حتى ذاع صيته في المنطقة الآن.وقال عزيز إن المكفوفين يواجهون تحديات كثيرة، موضحا أن عدم وجود بنية تحتية ملائمة في منطقته جعل من الصعب عليه متابعة دراسته في بادئ الأمر.
وقال عزيز إن المكفوفين يواجهون تحديات كثيرة، موضحا أن عدم وجود بنية تحتية ملائمة في منطقته جعل من الصعب عليه متابعة دراسته في بادئ الأمر.يقول إن نجاحه كميكانيكي سيارات هو الذي منحه الثقة بالنفس ليحلم بأحلام كبيرة، وهو اليوم حاصل على دبلوم في الموسيقى ويعزف في فرقة، ويقدم دروسا في الدراسات الإسلامية لذوي الإعاقة.وساعده إصلاح السيارات أيضا على التعرف بالناس وتكوين الصداقات مع أشخاص من خلفيات مختلفة، ودمجه في الدوائر الاجتماعية التي لم تكن لديه إمكانية الوصول إليها من قبل.وفي تصريح نقلته عنه قناة الجزيرة مباشر وتابعه المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة، وجه مصطفى عزيز رسالة مهمة للاشخاص ذوي الإعاقة، قال فيها: “أنصحكم بألا تنتظروا أحدا ، كونوا أنتم المبادرون وكونوا أصحاب طموح في الحياة وأصحاب طموح عالي، وستنجحون بالتأكيد”.
ولا يتوقف حلم عزيز عند توفير دخل لأسرته ومظلة أمان لطفليه؛ بل يريد، على المدى الطويل، تحسين أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق، وتشجيعهم على الطموح والأحلام.