المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى بمناصرة حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة

مقابلة مع الخبيرة الدولية في حقوق الإنسان وذوي الإعاقة – رجاء المصعبي.

قارئ المقال

خاص : إبراهيم محمد المنيفي /

يعتبر الأشخاص ذوي الإعاقة أن الاتفاقية الدولية لتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة CRPD أكبر نصر حقوقي أحرزوه في تاريخ نضالهم الطويل، وفي اليمن استطاع ذوو الإعاقة أن يلقوا حجر في النهر لتتأسس جمعيات ومراكز ومؤسسات تُعنى بذوي الإعاقة هم من أسسوها ويديروا دفتها، كما استطاعوا أن ينتزعوا بعض المكتسبات القانونية والتشريعية المهمة وأصبح لهم صوت ورقم من الصعب تجاهله.

وفي هذا اللقاء يسرنا أن نتعرف عن قرب على شخصية لامرأة فولاذية من ذوات الإعاقة الحركية كان لها دور كبير وبارز في التأسيس للعمل الحقوقي في اليمن ووضع البذرة للعمل المؤسسي لذوي الإعاقة في البلاد.

ضيفتنا هي: الأستاذة القديرة رجاء المصعبي، عينها المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة سفيرة للسلام الدولي في اليمن عام 2013م. هي خبيرة دولية في مجال حقوق الإنسان، وخبيرة دولية في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وواحدة ممن شاركوا في وضع مسودة الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة وشاركت في الاجتماعات لذلك الغرض ابتداء من عام 2002 وحتى صدورها عام 2006م.

أهلاً وسهلاً بك أستاذة رجاء، نريد أن نعرف الجمهور على شخصيتك عن قرب فمن هي رجاء المصعبي؟

“أهلاً بكم وأشكركم على الاستضافة، أنا: رجاء عبد الله أحمد المصعبي، من أبناء عزلة بني مصعب- مديرية كُسمة- محافظة ريمة، مواليد 1968م، رئيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان، خبيرة دولية في حقوق الإنسان وسفير النوايا الحسنة للسلام العالمي في اليمن كما تفضلتم في المقدمة”.

سنناقش معك عدة ملفات، لكن قبلها نحن مهتمون أن نعرف أكثر عن شخصك الكريم، – كيف عشتِ تفاصيل طفولتك؟ وكيف استقبلت أسرتك موضوع وجود طفلة ذات إعاقة ضمن أفراد الأسرة؟

“لقد عشت الكثير من طفولتي بين المستشفيات وعلى سرير المرض حيث أنني أصبت بشلل الأطفال وحمى على إثر ذلك ما أدى إلى إعاقة حركية، وتضاعفت الإعاقة بسبب خطأ طبي في إحدى المستشفيات وعمري سنة وشهر، وما زاد الأمر بلة هو انتشار الجهل والاعتماد على ما يُسمى الطب العربي إذ تعرضت للكي وهو ما تسبب بتلف الأعصاب جعل الإعاقة شديدة،. أما تقبل الأسرة فلقد كان والدي ووالدتي رحمهما الله متقبلين الإعاقة بشكل كبير وشعرت مع إخواني السبع بكامل الحنان والرعاية والعطف دون تمييز، وعلى الآباء والأمهات أن يتقبلوا طفلهما كما هو بغض النظر كان من ذوي الإعاقة أو لم يكن كذلك فهو ابنهما ولابد من تقبله”.

حدثينا عن مشوارك في التعليم؟

“التحقت بالتعليم وعمري أربع سنوات بداية السبعينات وكان في اليمن نظام تعليم مبدع يعتمد التسريع بمعنى جمع السنتين في سنة واحدة لمن يمتلك القدرات التي تؤهله لذلك، وفي عام 1985 حصلت على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية من كلية الآداب- جامعة صنعاء، بعدها حصلت على درجة الماجستير في الدراسات النسوية من مركز البحوث التطبيقية والدراسات النسوية في الجامعة نفسها، ودولياً حصلت على درجة الماجستير في حقوق الإنسان من مركز حقوق الإنسان بجنيف، بالإضافة إلى العديد من الدورات والدبلومات الدولية في مجال حقوق الإنسان”

سيرتك غنية بالإنجازات ولاشك ويعرفها الكثيرون ونريد أن نسلط الضوء على حياتك المهنية في عجالة من فضلك؟

“بدأت حياتي المهنية وأنا طالبة في المرحلة الإعدادية في إذاعة الحديدة تحديداً، وفي المرحلة الجامعية وبحكم تخصصي كنت مسؤول الترجمة الفورية وقسم الأجانب في مستشفى الثورة بصنعاء، كما كنت مسؤول السكرتارية الفنية لتحديد نسب العجز، استمريت في مستشفى الثورة ثلاث عشر سنة، وفي وزارة الصحة كنت مدير إدارة الجودة التي تحولت بعد جهود حثيثة إلى إدارة جودة الرعاية الصحية وسلامة المرضى والاعتماد وشكلت فرق منسقين على مستوى المحافظات وإدارات في المستشفيات الحكومية وكانت التجربة الأولى في الوطن العربي ولكن للأسف لم تستمر ووئدت في بدايتها”.

ماذا عن عملك في المجال الاجتماعي والحقوقي؟

“العمل الاجتماعي والحقوقي هو أكثر المجالات التي أحببتها وقد كنت من مؤسسي جمعية المرأة التي تحولت بعد الوحدة إلى اتحاد نساء اليمن، وأنا كذلك عضو جمعية رعاية الأسرة، وواحدة من خمسة أشخاص قمنا بتأسيس جمعية المعاقين حركياً بصنعاء عام 1988 هم: أحمد عقبة، سعد العاقل رحمهما الله، وعلي الوجيه، وعبد الرحمن المروني بارك الله في عمريهما، وبالمناسبة الأربعة من معاقي الحوادث وكنت الوحيدة معاقة منذ الولادة”.

ما الذي دفع الأستاذة رجاء للعمل الحقوقي بكل هذا الحماس والتفاني الذي نلاحظه؟

“ما دفعني للعمل الحقوقي هو المفهوم الخاطئ الذي كانت وما تزال تُعطى من خلاله بعض حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والنساء”

كيف ذلك ممكن توضحي أكثر؟

“حينما تُعطى الحقوق الأساسية المتأصلة كالكرامة والحق في التعليم والعمل وغيرها فهي حقوق أساسية لا منة فيها ولا يجوز التباهي بأننا نقدمها أو نعتقد أننا نقدمها مقابل الأجر والثواب بل هي واجبات على من يتحمل المسؤولية وحقوق لمن يتلقاها والقول مثلاً بأننا نعلم المعاقين وغيرهم بشكل متساوي ما هو إلا وجه للتعبير عن النظر إلى تلك الحقوق كحقوق إضافية أو مزايا وهذا غير مقبول”.

هل هناك مرحلة فارقة في العمل الحقوقي للأستاذة والخبيرة الدولية رجاء المصعبي؟

“لا أعتقد أن هناك مرحلة فارقة بعينها بل هو عمل تراكمي فمنذ البداية حرصت على العمل وفق منظور حقوقي بحت وكل خطوة تؤدي إلى الأخرى”.

هل تعتقدي أنكِ أحدثتِ فرق في النضال الحقوقي لذوي الإعاقة في اليمن سواءً من حيث الوعي أو من حيث تطبيق المنظور الحقوقي ذاته؟

“أعتقد بالفعل أنني أحدثت فرق في العمل الحقوقي الخاص بذوي الإعاقة تحديداً منذ عام 2002 وحتى 2010 وهو جهد أعتز به حيث أنني شاركت في اجتماعات إعداد المسودة للاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة وكنا نعقد اجتماعين في العام منذ 2002 وحتى رأت الاتفاقية النور، لقد كانت اليمن بفضل ذلك الجهد أول دولة عربية وبعدها دولة قطر تحضران اجتماعات إعداد مسودة الاتفاقية، ومع ذلك فقد تأخرت اليمن في التشرف بتوقيع الاتفاقية حتى مارس عام 2009 بسبب تأخر مجلس النواب في المصادقة عليها للأسف”.

ماذا يعني لك اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في 25 نوفمبر تشرين الأول وحملة ال16 يوم الخاصة بالمرأة؟

“أنا أرفض أن يتم تجاهل قضايا النساء طوال العام وفي أيام ومناسبات موسمية تتم المزايدات والدعايات فيما لا يقدم للمرأة شيء حقيقي على أرض الواقع”.

أين موقع النساء ذوات الإعاقة من المنظمات النسوية في اليمن؟

“لا يوجد”

لماذا؟

“لأن تلك المنظمات تتجاهل ذوات الإعاقة وبصراحة لا تؤمن بقدراتهن رغم نجاح النساء ذوات الإعاقة وحصولهن على درجات علمية مرموقة”.

من المسؤول هل المنظمات أم أن النساء ذوات الإعاقة ومؤسساتهن تتحمل مسؤولية أيضاً برأيك؟

“ذوات الإعاقة ومؤسساتهن يتحمل جزء من المسؤولية بالتأكيد، لكن المسؤولية الأكبر تتحملها المنظمات النسوية ومنظمات المجتمع المدني وحتى معظم المنظمات الدولية في اليمن ترفض وتتلكأ في إشراك النساء ذوات الإعاقة ضمن أعمالها وبرامجها، المنظمات في اليمن لا تلقي بال لذوي الإعاقة ولا تعمل لهم خاطر حتى في إمكانية الوصول وعدم تهيئة المباني للأسف”.

ختاماً ماهي أبرز رسائل الأستاذة رجاء ولمن توجهيها باختصار؟

“رسالتي الأولى للنساء ذوات الإعاقة: عليكن بالمزيد من النضال والتحرك ولا تنتظرن أن تُعطى لكن حقوقكن من الآخرين، ورسالتي الثانية للأسر والمجتمع: أبنائكم مسؤوليتكم واستثماركم الحقيقي في المستقبل، ابنك هو ابنك بنت أو ولد معاق أو غير معاق أنت مسؤول عنه –أتذكر بحرقة عندما كانت النساء تزور والدتي وأنا في غيبوبة ويقولين لها: “اتركيها تموت أعز لها” لكن أمي رحمها الله لم تفعل بل حينما مرضت آخر عمرها كنت أنا من وقف بجانبها أكثر من أربع سنوات وعملت معها ما لم تتخيله يا أستاذ وهذا واجبي ولاشك–، ورسالتي الأخيرة أحب أن أوجهها للجهات الحكومية تحديداً: جميع الوزارات والمصالح الحكومية مسؤولة عن ذوي الإعاقة كونهم مواطنين ومن غير المقبول التنصل عن دورها نحوهم، وحتى قانون رعاية المعاقين رقم 61 الخاص بذوي الإعاقة أدعو إلى إلغائه وتضمين قضايا وخصوصية ذوي الإعاقة في فقرات خاصة في كل قانون بدلاً من عزلها في قانون خاص والتنكر لهم في بقية القوانين والتشريعات”.

الخبيرة الدولية في حقوق الإنسان والخبيرة الدولية في حقوق ذوي الإعاقة الأستاذة –رجاء المصعبي أشكرك على تلبية الدعوة وعلى إجاباتك الصريحة، ونأمل أننا عرفنا متابعينا أكثر على شخصية ملهمة ومتميزة من ذوات الإعاقة نرجو أن يتخذوها قدوة لهم في الإنجاز والعطاء والتحرك الجاد والفاعل نحو قضايا ذوي الإعاقة وحقوقهم في مختلف المجالات.

رسالة الخبيرة الدولية رجاء المصعبي بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة