قارئ المقال
|
خاص : سحر علوان /
هديل عبدالله الشرماني فتاة يمنية من ذوات الإعاقة البصرية
ولدت في محافظة تعز لسنة ١٩٩٩ لأم من ذوات الإعاقة البصرية أيضا..
إلا أن هذه الإعاقة لم تكن الحاجز في طريقهما للنجاح، بل كانت سببا وجيها لإيقاظ بصيرة الحياة المتوقدة لعزيمة كلا منهما.
“بصيرة هديل تجعل منها فتاة ترى كل شيء بقلبها حينما تكون هديل بحالة فرح تتحدث وترى الأشياء كما هي وكأنها غير معاقة، وحينما تحزن كأن غشاوة سوداء تحجب عنها الحياة” بدأت أم هديل حديثها بهذه العبارة
وعندما كانت هديل في عمر الثلاثة أشهر وفي لحظة ضعف مني دعوت الله “أن تموت هديل” من حبي وخوفي عليها كنت أبكي وتقيدني فكرة المعاناة التي قد تعيشها ابنتي حينما تكبر وتواجه العالم والحياة)
تضيف أم هديل ( هذا الشريط مر بذاكرتي اثناء تكريم هديل وفوزها بالجائزة)
أدركت لحظتها أن أقدار الله وألطافه أكبر من توقعاتنا وخوفنا نحن البشر والأمهات.
هديل الحاصلة على المركز الثالث على مستوى الوطن العربي في مسابقة التحدث باللغة العربية الفصحى وفن الخطابة والإلقاء الشعري للمرحلتين الإعدادية والثانوية بالتعاون مع جامعة الدول العربية، والأولى على مستوى اليمن، هديل التي ترشحت ضمن الكثير من المشاركين و دول عربية، لم تكن المسابقة محصورة بذوي الإعاقة فقط فقد كانت مسابقة عامة.
والتي تم تكريمها من قبل مكتب الثقافة بتعز ممثلة برئيس الوزراء ومكتب الأوقاف، التكريم الحافل بهديل و اداءها المبهر في فن التقديم والإلقاء والخطابة.
ترشحت هديل لهذه المسابقة من خلال مندوب التربية والتعليم في تعز مع مجموعة مشاركة من الشباب والفتيات المتقدمين بإسم اليمن، وكون هديل تمتلك قدرات تميزها في الأداء والمعرفة عن باقي المشاركين فقد تم إختيارها لكونها تستوفي الشروط كاملة.
تقول هديل للMCDP : (خضت تجربة مع شباب وفتيات من دول عربية، وحققت نجاح افتخر به ووصولي إليه، برغم ارتباك بعض المشاركين والقلق الذي كان يسيطر عليهم والذي أدى بدوره لتراجع بعض المتسابقين عن المراكز الأولى، ورفض بعضهم، إلا أن ثقتي ويقيني بأني في المكان المناسب الذي سأمثل اليمن فيه والحمدلله توفقت )
ولدت هديل لا ترى إلا بصيص ضوء خافت في إحدى عينيها، و في عمر السنتين واثناء اللعب مع أطفال العائلة تعرضت لحادث أفقدها ذاك البصيص الخافت التي كانت ترى من خلاله الضوء وفقدت من بعده البصر تماما، تعيش هديل على عدسات صناعية ، كما أنها عانت من وجود ثقب في القلب منذ طفولتها وأجرت عملية جراحية في مصر واستعادت عافيتها.
تعيش هديل مع والدتها وأختها وئام، طفولة هديل مليئة بالمعاناة سيما بعد انفصال والديها وهي في عمر السنة والنصف، كما أنها تربت على طفولة مفعمة بالعاطفة من والدتها التي ظلت لها الأب والأم والسند، تخاف عليها كثيرا وبحسب حديث والدة هديل لل MCPD:( لم أترك هديل وكنت احتظنها في كل لحظة من خوفي لتعرضها لأي أذى،
عانيت الكثير واعتزلت الناس والمجتمع وكنت اشعر انني الوحيدة التي ليس باستطاعتها أن ترى في هذا المجتمع، لم أكن أعلم بوجود مؤسسات أو جمعيات لذوات الإعاقة البصرية وكوني اكتسبت هذه الإعاقة وانا في الصف الثامن وهذا ما ضاعف معاناتي كوني أدركت واعرف كل شي من حولي وفجأة فقدت كل ذلك، كنت اخاف على ابنتي هديل ولا أريدها أن تعاني ما عانيته.
تضيف هديل:( لقد عشنا أيام صعبة، وكان الجميع يراهن على اننا سنفشل في الحياة، إلا أن أمي كانت السند الكبير وعملت كل شيء بوسعها عمله لي ولأختي ولم تتركنا أبدا)
عن بدايات هديل في الإلقاء فقد كانت تشارك في المهرجانات المدرسية وتقوم بتقديمها منذ صفوفها الأولى،
وعند دخولها جمعية الأمان لرعاية الكفيفات وهي في الخامسة من عمرها واثناء تحليل الشخصية تقول أم هديل: “الأستاذة فاطمة العاقل رحمة الله عليها التمست من هديل قدرات واخبرتنا أن هديل ستكون شخصية عظيمة في المستقبل”.
تنقلت هديل في مراحل دراستها ما بين جمعيات رعاية تأهيل المكفوفين وبين مدارس الدمج في صنعاء وإب وتعز،
وحصلت في الثانوية العامة على معدل 94 ولكن هذا لم يشفع لها بتحقيق حلمها لدخول كلية الإعلام بجامعة تعز، فقد تم رفض تقديمها لدخول كلية الإعلام بحجة أنها فتاة من ذوات الإعاقة البصرية.
رضخت للواقع وخاضت تجربة الدخول في قسم اللغة العربية إلا أنها انسحبت مبكرا ولم تعثر عن شغفها في ذلك القسم،
لم تستسلم هديل وحاليا تدرس في كلية العلوم الإدارية قسم إدارة الأعمال وهي الآن في سنتها الجامعية الأولى، و متطوعة في جمعية تأهيل رعاية المكفوفين في محافظة تعز.
تطمح هديل لأن تصبح رائدة في مجال الإعلام، الذي حرمت من دراسته في الجامعة، ولأن هديل تمتلك مهارات في التقديم والإلقاء، فقد يكون لها حضور وبصمة في المجال الإعلامي يوم ما.
لم تكن الصعوبة يوما في فقد البصر فمعظم الصعوبات تتقيد بفقدان البصيرة.