قارئ المقال
|
خاص /
تصنيف الإعاقات هو حديث الساعة لذوي الإعاقة في اليمن هذه الأيام –فماهو تصنيف الإعاقة؟، وما قانونيته؟، ومن يحق له التصنيف؟، ولماذا التصنيف أصلاً؟
سنحاول في المركز الإعلامي لذوي الإعاقة أن نجيب على هذه الأسئلة في هذا المقال بمقاربة حقوقية وقانونية تضع الأمور في نصابها نظرياً في انتظار مؤسسات ذوي الإعاقة لتتحرك فعلياً في الميدان وهذا اختصاصنا، وذاك صميم عملهم. –
ورد تعريف الإعاقة والأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام في كلاً من الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة والقوانين اليمنية دون تصنيف، وقصة تصنيف الإعاقة بدأ فعلياً عندما اجتمعت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية وعددها 191 في الثاني والعشرين من مايو أيار 2001 في الدورة الرابعة والخمسين، ووافقت بالإجماع على الإطار المفاهيمي الموحد المسمى “التصنيف الدولي للأداء والعجز والصحة” والمعروف اختصاراً ICF، ويركز التصنيف الدولي للأداء والعجز والصحة على الوضع السريري والقدرات الوظيفية للإنسان ومدى تكاملها، كما أنه وضع بهدف التدخل الوقائي والتدخل المبكر لمنع تدهور الوظائف والحفاظ عليها أو تحسين أدائها.
وقسم التصنيف الدولي ICF الناس من حيث الإعاقة إلى خمس فئات كما يلي:
الفئة الأولى: بنسبة عجز تتراوح ما بين 1 -4% اعتبرها التصنيف خارج فئات الإعاقة تماماً.
الفئة الثانية: ما بين 5 – 24% إعاقة خفيفة.
الفئة الثالثة: ما بين 25 -49% إعاقة متوسطة.
الفئة الرابعة: ما بين 50 -95% إعاقة شديدة، أو كما عبر عنها التصنيف “مشكلة خطيرة”.
الفئة الخامسة: ما بين 96 -100 إعاقة شديدة جداً، أو بتعبير التصنيف مشكلة مكتملة.
وعقدت العديد من المؤتمرات وورش العمل على المستوى الإقليمي لوضع تصنيفات موحدة تتفق ومضمون التصنيف الدولي ICF آخرها ورشة العمل التي عقدت في دولة قطر في 16 من الشهر الجاري بعنوان: “التصنيف الموحد للإعاقة في الدول العربية”.
ما قانونية التصنيف؟
لا يوجد في الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة وقانون رعاية المعاقين رقم 61 لسنة 1999 ما يشير إلى وضع ذوي الإعاقة ضمن تصنيفات محددة، غير أن اللائحة التنفيذية لقانون رعاية المعاقين الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 284 لسنة 2002 في المادة 9 أشارت إلى أن لمراكز التأهيل والتدريب وما في حكمها الحق في وضع تصنيفات للإعاقة لتقديم الخدمات الصحية والتأهيلية حسب احتياجات كل فئة، وكانت الإشارة واضحة إلى أن ذلك التصنيف يجب أن يكون بناءً على تقارير لا يمكن التوصل لها إلا بواسطة فريق متعدد التخصصات
يضم في عضويته خمسة أعضاء على الأقل وهم:
أخصائي اجتماعي، أخصائي تربية خاصة، أخصائي مهني (علاج طبيعي)، طبيب متخصص، أخصائي نفسي، وهذا نص الفقرة: “الاطلاع على ملف المعاق والتقارير الاجتماعية، والتربوية، والمهنية، والطبية، والنفسية المحالة إلى المركز من الإدارة المختصة لدراستها وتقرير مدى عجز المعاق وحاجته إلى التأهيل والتدريب”.
لماذا يتم تصنيف مستوى الإعاقة؟
كما تقدم فإن غرض التصنيف في البداية كان صحياً سريرياً صرفاً، ولكن لا بأس أن يتم تصنيف الإعاقات لغرض تقديم الخدمات التأهيلية وبعض خدمات إمكانية الوصول والتدريب كلاً حسب طبيعة ودرجة الإعاقة وفق معايير يضعها خبراء ومتخصصون، يشاركهم ذوو الإعاقة عملاً بمبدأ “لا شيء يعنينا بدوننا”.
ولا يجوز أن يتم التصنيف بطرق عشوائية وبلا معايير، كما أن مسألة التعليم والرسوم التعليمية حق لجميع المعاقين بغض النظر عن درجة الإعاقة، وإن محاولة حرمان ذوي الإعاقة البسيطة أو المتوسطة من الرسوم التعليمية يعد انتهاكاً صارخاً للاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة التي عرفت التمييز في المادة 2 بأنه: “أي تمييز أو استبعاد أو تقييد على أساس الإعاقة يكون غرضه، أو (أثره) إضعاف أو إحباط الاعتراف بكافة حقوق الإنسان والحقوق الأساسية”، ولاشك أن التعليم من أهم الحقوق الأساسية. وبقليل من التفكير والمنطق أيضاً سنجد أن رسوم المواصلات التعليمية لا علاقة لها من قريب أو بعيد بدرجة الإعاقة.
وإذا كان الهدف تنمية الموارد المالية لصندوق المعاقين فيجدر بالمختصين وضع حد أعلى للمرتبات، ولائحة تنظم المكافآت، والنسب، والمناقصات التي تدور عليها الكثير من علامات الاستفهام.
من يحق له التصنيف؟.
للأمانة والإنصاف فإن تصنيف الإعاقات ضرورة إجرائية إذا كان الغرض تحسين الخدمات وتجويدها، ويحق لكل المؤسسات وفي مقدمتها المؤسسات التي تقدم خدمات الرعاية والتأهيل والتدريب لذوي الإعاقة أن تضع تصنيفاً للإعاقات المختلفة، ولكن كيف؟
يجب أن يكون التصنيف وفق معايير علمية وقانونية وتربوية متخصصة يضعه فريق متعدد التخصصات، بالاشتراك مع ذوي الإعاقة من خلال المؤسسات التي تمثلهم، على أن يكون التصنيف على المستوى الوطني ولا ينتقص من الحقوق والمكتسبات التي تحققت لذوي الإعاقة من خلال القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية وفي مقدمتها الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة.
وختاماً ندعو بمناسبة هذا النقاش المستفيض عن التصنيف إلى التعامل مع ذوي الإعاقة من منطلقات حقوقية قانونية وتخصصية بعيداً عن القرارات المرتجلة وغير المدروسة، كما ندعو ذوي الإعاقة أفراداً ومؤسسات أن يطلعوا بدورهم، وأن تكون لهم الكلمة والصوت القوي تجاه قرار تصنيف الإعاقة لأنه سيكون إطاراً مرجعياً لكل الخدمات وحتى الحقوق البسيطة التي اكتسبها ذوو الإعاقة الفترة الماضية سواءً الخدمات والحقوق في صندوق المعاقين أو مختلف الجهات الحكومية والخاصة وحتى الجمعيات والمؤسسات الخاصة بذوي الإعاقة.
إذا مر قرار التصنيف بهذه الطريقة فستكثر الاجتهادات والتفسيرات وسيُحرم ذوي الإعاقة من الكثير من الحقوق وحتى حقهم في الانتساب والتصويت والترشح في الجمعيات التي تمثلهم بناءً على درجة إعاقتهم، فالتصنيف بلا معايير سيؤسس لفوضى وضياع للحقوق على المدى البعيد.