قارئ المقال
|
خاص :المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة / mcpd
يتنقل، بسام الرباعي، شاب من ذوي الإعاقة البصرية المتوسطة، بين مشروع وآخر، ليس لأنه يحقق الربح، بل لأنه يواجه تحديات تفشل كل فكرة يطلقها، كان يأمل منها أن تكفيه وأسرته شر العوز، لكنه وجد نفسه محملا بالديون.
حال بسام ينطبق على رجال ونساء من ذوي الإعاقة، يكافحون من أجل الحصول على لقمة العيش، فيجدون في المشاريع الصغيرة أملا للخلاص من المعاناة، لكن الظروف تعاكس ما تشتهيه سفنهم.
ويقبل هؤلاء على المشاريع الصغيرة ليس لأنهم لم يكملوا تعليمهم، بل لقلة الوظائف أو استغلالهم تحت بند (تطوع) من دون مقابل.
يشرح بسام الرباعي معاناته للمركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة، ويقول: “عام 2017 بدأت مشروعا بسيطا، وهو عربة لبيع المكسرات في مدرسة أهلية، ولكن بسبب كثرة المنافسين، وبُعد المدرسة عن منزلي، تأثر سير العمل، ثم أخذت قروضا وبدأت مشروعا آخر وهو عربة أخرى لبيع الأحذية”.
لكن بسام واجه تحديات من نوع آخر، فقلة لزبائن كانت عائقا أمام نجاح مشروعه الثاني، “توقفت بعد انتهاء رأس المال الذي نفد بسبب عدم وجود الزبائن بشكل مستمر، وهو أمر يجبر مالك المشروع أن يسد احتياجاته من رأس المال”.
ومع تفاقم تبعات الحرب في البلاد، ، وانتشار البطالة بين الشباب، لا سيما الشباب من ذوي الإعاقة، لجأ كثيرون إلى تكوين مصادر دخل وأدوات أخرى غير الوظائف لاكتساب الرزق. فالنساء من ذوات الإعاقة، يعملن كأسر منتجة من خلال صناعة العطور والبخور وأعمال التطريز والخياطة، وكل ذلك يتم من المنزل، هذا غير الأطباق الخيرية في البازارات والأعراس.
وتحكي حفيظة، كفيفة كليا، قصتها للمركز، وهي معلمة متطوعة لعدة سنوات، لكنها خاضت تجربة إنشاء مشروع صناعة المباخر والنسيج الصنعاني. وتقول: “أعمل في مجال التطريز وصناعة المباخر كهواية، ولعله يكون مصدر دخل إضافيا للأسرة، وأواجه بعض الصعوبات مثل التعامل مع الإبرة المخصصة التي تعاني منها حتى بعض المبصرات”.
وتضيف حفيظة أن “الدخل بسيط جدا، حيث تنقصني بعض المستلزمات الضرورية للعمل، ولم أفكر بطلب تمويل أو دعم لمشروعي حتى الآن”.
“سرقة وابتزاز” وصعوبات أخرى.
ليس التمويل وقلة الأدوات وعدم ملاءمتها، هي المشاكل التي تواجه أصحاب المشاريع الصغيرة من ذوي الإعاقة فقط، بل هناك مشاكل من نوع آخر، حيث يشرح بسام كيف يتعرض عاملون بمشاريع صغيرة في الميدان، من ذوي الإعاقة، أحيانا “للسرقة والابتزاز، ومحاولات الاستغفال والسخرية، وخصوصا من بعض الأطفال أو عديمي الضمير” كما يصفهم.
كما أن هناك من الأشخاص من ذوي الإعاقة الحركية يعملون على بسطات مفروشة على الأرض، أو على عربات متنقلة، حسب قدرتهم الجسمية ودرجة الإعاقة.
وتقول، مسؤولة الإعلام بجمعية التحدي للمعاقات حركيا، جهاد حمود، إن الذين يعانون من تقزم خلقي أو قصر اليدين، يواجهون صعوبة تتعلق بمد اليد للبضاعة، والبعض يعاني من صعوبة قبض الشيء، بسبب الرعاش أو شلل جزئي في الأصابع.
ويشتكي ذوو الإعاقة من قلة فرص تمويل مشاريعهم الصغيرة أو استهدافهم من قبل الجهات التي تدعم المشاريع الصغيرة أو خضوعهم للمنافسة مع غيرهم في أحسن الأحوال، من دون مراعاة ما قد تفرضه الإعاقة من معاناة إضافية، تخل بمبدأ تكافؤ الفرص للحصول على القروض أو التمويل.
ويعلق المسؤول في بنك الأمل للتمويل الأصغر، محمد الجعوري، للمركز على هذه النقطة بالقول إن “القروض والمنح التي تقدم لأصحاب المشاريع التجارية لا تقتصر على شريحة معينة، بل هي مبنية على دراسات الجدوى التي تقدم من أصحابها من دون النظر إلى إعاقته أو جنسه”.
وبشأن دعم صندوق رعاية وتأهيل المعاقين للمشاريع الصغيرة لذوي الإعاقة، يقول مدير المشاريع في صندوق رعاية المعاقين، هشام القدسي، إن الصندوق لم يقم حاليا بدفع أي مبالغ لدعم المشاريع الصغيرة، ووعد بأن هذه الآلية ستنفذ على المدى الطويل.
وأوضح القدسي أن الميزانية المقدمة للصندوق لا تكفي، وهي مكرسة للخدمات التعليمية بشكل أساسي، إضافة إلى الخدمات الصحية”.
ورغم الصعوبات التي يواجهها ذوو الإعاقة، من أصحاب المشاريع الصغيرة، فإنهم يصرون على إيجاد حلول لظروفهم الصعبة، في ظل عجز الجهات المسؤولة عن تقديم حلول جذرية، إذ إن هؤلاء أنهوا تعليمهم الجامعي، للحصول على فرصة تمكنهم من العيش بكرامة.
وبالفعل، نجح عدد منهم وتطورت مشاريعهم الصغيرة التي باتت تكيفهم لسد احتياجاتهم، فيما ينتظر آخرون حلولا أخرى تعوضهم عما خسروه في مشاريع لم يكتب لها النجاح.