قارئ المقال
|
خاص : إبراهيم محمد المنيفي /
“يوجد في عائلتنا خمس فتيات كفيفات منهم إثنتين من بناتي ألحقتهم بمدرسة القرية، لكن وبسبب التنمر والإيذاء من زملائهم تعقدتا ورفضتا الذهاب للمدرسة مرة أخرى وهما الآن محرومتان من التعليم ومن أي خدمة أخرى” هكذا قال لنا _ عبد الوهاب من ريف محافظة تعز، ويضيف عبد الوهاب: “تواصلت بجمعية للكفيفات واتفقنا على إلحاق بناتي وباقي الفتيات بالجمعية ولكن بسبب الحرب لم نستطيع إلحاقهم ومكتب الجمعية في تعز تم إغلاقه، ولا نستطيع الذهاب إلى صنعاء لأسباب كثيرة منها أسباب مادية”
وتمثل هتان الفتاتان نموذج لذوي الإعاقة في الأرياف الذين حرموا من أبسط الحقوق والخدمات الصحية والتعليمية وغيرها.
يقول مهتمون إن ذوي الإعاقة في الأرياف منسيون تماماً ولا يلتفت إليهم أحد، وأنهم إلى جانب حرمانهم من الخدمات المختلفة يتعرضون لانتهاكات خطيرة لا تغطيها وسائل الإعلام ولا يعرف عنها الناس شيء كجريمة الاغتصاب الجماعي الذي حدث بحق إحدى ذوات الإعاقة العقلية في مديرية وصاب بمحافظة ذمار قبل عدة سنوات أو الفتاة المعاقة التي تعرضت للاغتصاب بمحافظة لحج العام الماضي، فضلاً عما يتعرض له ذوي الإعاقة في الأرياف من تنمر ومعاملة لا إنسانية في بعض الأحيان.
ما واقع ذوي الإعاقة في الأرياف؟
إبراهيم صلاح (ناشط اجتماعي) يقول لل-MCPD إنه قام مع مجموعة من المهتمين برصد حالات الإعاقة التي لا توجد لديها بطاقة إعاقة من صندوق رعاية المعاقين ولا تتلقى أي خدمات بمديرية ميفعة عنس حيث تمكنوا من رصد أكثر من 170 حالة في أربعة عشر قرية، يقول إبراهيم: “إن هذه الحالات التي استطعنا توثيقها وأغلبها لأطفال دون سن الثامنة عشر لا يتلقون أبسط الخدمات سواءاً من الدولة أو من المنظمات” ويشير إبراهيم إلى صعوبة الرصد ورفض الكثير من الأسر لرصد أبنائهم كأفراد ذوي إعاقة مرجعاً ذلك لقلة الوعي وثقافة العيب وتذمر الأسر وعدم ثقتها بالدولة والمنظمات.
ويعاني ذوو الإعاقة في القرى من وعورة الطرق وعدم تمكنهم من القدرة على الذهاب للمدارس والمرافق الصحية البعيدة، حيث تحدث –صادق عبد الله (معاق حركياً ويعاني من نوبات صرع) أنه تمكن بصعوبة من الدراسة بإحدى مدارس برع الابتدائية في محافظة الحديدة غرب اليمن حتى الصف السادس ولكنه توقف عن مواصلة التعليم بسبب وعورة الطريق وعدم وجود مدارس قريبة.
من جهته يقول –عبد الله سريح، مستشار محافظ إب لشؤون ذوي الإعاقة لل-MCPD: “إن أوضاع ذوي الإعاقة في الأرياف بالغة السوء، وإنهم محرومون من مجمل الخدمات الصحية والتعليمية والتأهيلية وغيرها،” محملاً الدولة المسؤولية بالدرجة الأولى عن تهميش وإغفال قضايا ذوي الإعاقة بشكل عام وفي الأرياف بشكل خاص.
لماذا المعاقون في الأرياف خارج دائرة الضوء.
يرى إبراهيم صلاح أن هناك عدة أسباب ساهمت في إقصاء ذوي الإعاقة عن المشهد منها:
قلة الوعي والتعامل بشفقة ورحمة مع ذوي الإعاقة من قبل أسرهم ورفضهم لتسجيلهم لدى الجهات المختصة بحجة الخوف عليهم من جهة وخشية التعيير من جهة أخرى بأنهم غير قادرين على كفاية أبنائهم والاهتمام بهم.
عدم ثقة الأسر والأهالي بالدولة والمنظمات لشدة ما لاقوه من أهمال بالإضافة لاستغلال بعض ضعاف النفوس لأسر ذوي الإعاقة لغرض التكسب المادي.
أما أشواق سيف (رئيس جمعية عبد الله بن أم مكتوم للكفيفات بتعز) فتقول إن هناك قرى بعيدة فعلاً ولا يصل إليها أحد، وتشتكي أشواق من القصف والاعتداءات التي تعرضت لها بعض جمعيات ذوي الإعاقة وتقول: “إننا لا نستطيع الوصول لمقر الجمعية بسبب وقوعها في منطقة اشتباكات فما بالك بالكفيفات في الأرياف التي تفصلنا عنهن العديد من الجبهات ومناطق التماس، فضلاً عن النزوح المتكرر للبعض والذي لم نعد نعرف عنهن شيء”
وحمل إبراهيم صلاح الدولة ممثلة بصندوق رعاية المعاقين والصندوق الاجتماعي للرعاية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية ورجال المال والأعمال مسؤولية الالتفات لمعاناة ذوي الإعاقة في الأرياف.