قارئ المقال
|
خاص : ميادة العواضي /
لا تتقبل أم عبير فكرة خروج ابنتها، التي تعاني من التوحد منذ صغرها، من البيت لاعتقادها أن الكثير من الناس يرفض تقبل وجود اشخاص مختلفين عنهم ولذلك تخشى أن تُجرح مشاعر ابنتها، فقد
وأجهت لحظات قاسية عليها كأم عندما أخذت ابنتها معها أحدى المناسبات العائلية فالتندر على ابنتها كان هو الجو السائد في المناسبة، ناهيك عن كثرة الأسئلة التي واجهتها الأم التي كانت تريد لابنتها أن تعيش كقريناتها من الفتيات.
تقول أم عبير: “اتذكر أنني أخذت ابنتي ذات الثانية عشر من عمرها مرة معي إلى إحدى المناسبات وكانت تلك هي المرة الأولى والأخيرة التي ذهبت معي إلى مناسبة اجتماعية”
كحال أم عبير تلجأ العديد من الأسر لمنع فتياتها ذوات الإعاقة من الاختلاط بغيرهن في المناسبات الاجتماعية خوفا عليهن من الإيذاء النفسي الذي يمكن أن يتعرضن له، وهذا من وجه نظر العديد من الأخصائيين يعد حماية مبالغ فيها ويمكن أن يحدث أضرارا نفسية للفتاة ذات الإعاقة.
يؤكد الدكتور محمد عقلان، معالج نفسي وأستاذ جامعي إن حرمان الأبناء من الاندماج في المجتمع من قبل أسرهم يرسخ الصورة السلبية عن ذوي الإعاقة التي تحصرهم في أنهم أشخاص غير اجتماعيين.
ويرى عقلان أن الفتاة ذات الإعاقة عندما تفكر في الذهاب إلى المناسبات الاجتماعية يكون لديها تخوفات وترتيبات تختلف عن تلك الفتاة من غير ذوات الإعاقة خوفاً من نظرة المجتمع، أو تخوفات تخص البيئة الملائمة لها ولقدرتها على الاندماج، لذا فهي تحتاج الكثير من الدعم من قبل أسرتها لمساعدتها على الاندماج مع الآخرين بأفضل الطرق.
الثقة وعدم الانهزامية أولاً.
يرى الدكتور نايف الأبرط، من قسم التربية والعلوم في جامعة البيضاء، أن من حق الفتيات ذوات الإعاقة الاختلاط بالناس أسوة بغيرهن من الفتيات، مؤكدا على دور الأسر في تشجيع بناتهم، وإعطائهن القوة والثقة لحضور المناسبات العائلية والاجتماعية، والاندماج أكثر في المجتمع المحيط بهن.
من جهتها تشجع صباح العواضي، وهي صديقة لفتيات ونساء من ذوات الإعاقة صديقاتها بأن يمارسن حياتهن كباقي الفتيات، وأن يحضرن المناسبات الاجتماعية والعائلية.
تقول صباح: “إن ذوات الإعاقة يتمتعن بالقوة والإرادة التي تجعلهن يختلطن بشكل طبيعي مع الآخرين بعيدا عن الانهزامية، فقط عليهن الثقة بأنفسهن أكثر، وبالتالي سيفرضن حضوراً مبهراً وجميلا في المناسبات”.
ترى هناء محمد، “غير معاقة” أن الفتاة من ذوات الإعاقة لها الحق الكامل في عيش حياتها مثل غيرها حتى لو كان المجتمع رافضاً فالناس عادةً ما تكون لهم أحكام مسبقة تتغير بالإصرار مع الوقت، وعبرت عن استيائها مما أسمته مصادرة حق الفتيات ذوات الإعاقة في ممارسة حياتهن بشكل طبيعي.
رغبة في الاندماج، ورهبة من نظرة المجتمع.
يلعب المجتمع دورا أساسيا في حياة الفرد المعاق، وخصوصا فيما يخص الفتاة ذات الإعاقة، فالمجتمع يمكن أن يكون له دور في تقبل الفتاة ذات الإعاقة أو حرمانها من أبسط حقوقها واختلاطها بالآخرين.
يقول الدكتور نايف: “إن عملية إدماج الفتيات ذوات الإعاقة يتم منذ الصغر سواءً في المدرسة أو في العائلات فذلك من شأنه أن يكون له أثر في تقبل المجتمع لهن واندماجهن تدريجيا في البيئة المحيطة”.
إن نظرة المجتمع السلبية تجاه الفتاة ذات الإعاقة واعتقاد الناس بأن المعاق لا يستطيع الاندماج بشكل كامل كل هذا يمثل عائقاً في التكيف مع البيئة وعدم الارتباط بالمجتمع والانتماء إليه، ولهذا كله آثار بالغة على نفسية الفتاة ذات الإعاقة يجملها الدكتور نايف في “الشعور بالفشل، والانسحاب، والعدوانية، وظهور مشاعر غير متزنة، وعدم توجيه المشاعر بشكل صحيح، والتعرض لاضطرابات انفعالية، وسوء التوافق نتيجة للتنشئة الخاطئة”.
هناك أفكار خاطئة وتوجه اجتماعي سائد يريد تنحية المعاق بشكل عام والفتيات بشكل خاص عن مسار الحياة الطبيعي، وعزله في زاوية مظلمة لا يرى فيها النور، هذا ما تؤكده انتصار عبد الرزاق، من ذوات الإعاقة الحركية التي تقول: “غالباً ما أحضر المناسبات الاجتماعية، ولا أرى أي مانع من حضور الفتيات ذوات الإعاقة لمثل هذه المناسبات، ولكن نظرات الناس وهمساتهم هي ما تدفعني إلى العزوف عن حضور المناسبات العائلية”.
وتتمنى انتصار أن يغير المجتمع والناس نظرتهم لوجود شخص معاق بينهم، فمن حقه أن يتم إدماجه بشكل طبيعي من دون شفقة أو استعطاف على حد تعبيرها.
لصفاء العجاج، من ذوات الإعاقة البصرية رأي آخر فيما يخص تقبل المجتمع لحضور الفتيات ذوات الإعاقة واندماجهن في المناسبات الاجتماعية المختلفة
حيث تقول: “أحضر مناسبات عائلية واجتماعيه كثيرة، ولا أشعر أنني مختلفة، بل على العكس أجد الاحترام من الجميع، وأنا سعيدة بهذا الاندماج، وأنصح كل فتاة من ذوات الإعاقة بالاندماج، لأن هذا حقها في اختيار ما تريد فعله”
تتحدث صفاء للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة عن العوائق التي قد تتسبب في عزل الفتاة ذات الإعاقة لنفسها، منها عدم الإدماج منذ الصغر، والعوائق البيئية، والعقبات في التنقل.