خاص : المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة / MCPD / فاطمة العنسي
دفع اليمنيون بكل شرائحهم ولا يزالون يدفعون ثمناً باهضاً للحرب التي تدور رحاها منذ سبعة أعوام، ولكن تعد شريحة ذوي الإعاقة من أكثر شرائح المجتمع التي تأثرت بالحرب بشكل غير مباشر مثل إغلاق الجمعيات والمؤسسات الخاصة بهم جراء انعدام النفقات، أو تدني الخدمات وصعوبة الظروف الاقتصادية، حيث تذكر تقارير دولية أن 90% من ذوي الإعاقة يعيشون تحت خط الفقر.
وتزداد مأساة ذوي الإعاقة بانضمام أعداد كبيرة لهم بسبب الحرب الدائرة في البلاد، وفي هذا التقرير نسلط الضوء على الفئة الجديدة التي استحدثت بفعل الحرب وهم المعاقون الجدد، الذين أصبحوا من ذوي الإعاقة جراء تعرضهم لمقذوفات نارية، أو قصف جوي، أو صواريخ بالستية، أو إطلاق نار أو الغام.. الخ، ووصلت أعداد المعاقين الجدد خلال الثلاث السنوات الأولى من الحرب إلى 92الف معاق وفق “الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين اليمنيين”.
عريس يقتل بجوار زوجته.. وطفلة تفقد شقيقتها وتنظم لذوات الإعاقة
العروسة الشابة والجميلة ابنة عدن “إيمان” التي أطاح بها انفجار في منطقة البساتين في المحافظة، تعرضت إلى بتر ساقيها وقتل على الفور زوجها الذي كان برفقتها في هذا الوقت، تقول إيمان: “حاولنا الهرب بعيدًا، لكن الوقت كان قد فات لتتبدل حياتنا كلها في جزء من الثانية”. وفق، اللجنة الدولية للصليب الأحمر،.ويعاني المعاقون الجدد وضعاً إنسانياً صعباً للغاية لأنهم ولدوا غير معاقين ولم يكونوا يعانون من أي إعاقة جسدية وهذا ما قد يؤثر على وضعهم النفسي أكثر كلما تذكروا حياتهم قبل الإعاقة وبعدها بحسب المختصين.
لم تستثنِ أطراف الحرب الطفولة فقد كان لها النصيب الأكبر من الألم، الطفلة الصغيرة ” حياة” البالغة من العمر ثلاث سنوات فقط، تعرضت لتجربة مليئة بالمعاناة والتعب، عقب تعرض منزلها الكائن في منطقة القفلة، بمحافظة عمران للتدمير خلال، إحدى الغارات الجوية التي وقعت في 15 أكتوبر تشرين الأول 2015م،
وفقدت حياة شقيقتها، دنيا، وأصيبت هي بشظايا ألحقت بقدمها أضرارًا بالغة لينتهي الأمر ببترها، تعيش الطفلة، حياة، والتي تحمل اسما ليس له معنى في بلد تنهكه الحروب باستمرار، معاقة مبتورة القدم بعد أن كانت لا تعاني من شيء وتلعب مع أقرانها في الحي.
صدمة الإعاقة الجديدة.. لا يتقبلون وضعهم ولا يستجيبون للعلاج ونظرة سوداوية، ولكن.
تؤكد، نضال الشيباني، مشرفه إدارة حالة بمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل واخصائية اجتماعية بمركز، السلام للمعاقين حركياً، أن الأشخاص الذين أصيبوا وتضرروا جراء الحرب وتسببت تلك الإصابات لهم بإعاقات دائمة مرشحون ليؤثر الأمر على نفسيتهم وحياتهم بشكل كبير، أكثر من الأشخاص الذين ولدوا معاقين أو كبروا ووجدوا أنفسهم معاقين جراء إصابتهم بأي عارض صحي. وأضافت الشيباني في تصريح خاص للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة: “إنهم يرفضون الواقع الذي هم عليه ونجد ذلك في تصرفاتهم، فهم يفضلون العزلة عن الاخرين، ويرفضون وجود الأشخاص معهم ونجد تصرفاتهم عدوانية تجاه أهلهم والمقربين لهم، وكذلك المجتمع المحيط”
وتلفت، الشيباني، إلى الصدمة النفسية التي تعقب الإعاقة الحديثة وتقول: ” “أن عدد كبير من المعاقين الجدد بسبب الحرب يرفضون الاستجابة للعلاج والتأهيل البدني ويشعرون باليأس من الحياة، وينظرون نظرة تشاؤمية للحياة وليس لهم رغبة بأي شيء، لذا فهم بحاجة لعمل جلسات للدعم النفسي والاجتماعي المركز وكذلك للإرشاد الاسري في كيفية التعامل مع هؤلاء الأشخاص لإخراجهم من الواقع والوضع الذي يعيشونه”.
حلول ممكنة
في حين تستمر وتيرة الحرب الجارية في اليمن ضراوة، وتتقلص فرص السلام فإن أبرز الحلول التي يطرحها المهتمون لتجنب المزيد من أعداد ذوي الإعاقة هو تجنيب المدنيين أتون الحرب، ولكن هناك ثمة حلول أخرى يجب ألا تتوقف حتى في ظل الحرب ومن أهمها:
تعزيز فرص الحصول على الخدمات وفق استراتيجية منظور الإعاقة
تقدم الكثير من المنظمات الدولية العاملة في اليمن مشاريع متنوعة في الحماية والاستجابة الإنسانية ولكنها لا تراعي إمكانية الوصول وتكافؤ الفرص للحصول عليها من قبل ذوي الإعاقة بحسب تقييم منظمة العفو الدولية في تقرير لها بعنوان: “مستبعدون حياة ذوي الإعاقة في اليمن” نشرته نهاية 2019، وعلى نفس المنوال فإن الكثير من المشاريع الصغيرة والمنتجة التي تقدمها منظمات محلية ودولية للأفراد والأسر لا تراعي منظور الإعاقة مما يحرم ذوي الإعاقة من الاستفادة من تلك الخدمات بشكل حقيقي وعادل بحسب مراقبين.
إعادة التأهيل البدني
تعمل الكثير من المنظمات المحلية والدولية في هذا الجانب مع تفاوت الخدمات وجودتها من منظمة لأخرى، ومن تلك المنظمات “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” التي أنشأت أربعة مراكز في أربع محافظات يمنية هي: صنعاء، وعدن، والمكلا، وتعز، وقالت المنظمة: “أنه قد استفاد منها خلال عام 2016 فقط ما يزيد على 25400 من ذوي الإعاقة من الدعم المقدم من اللجنة الدولية، حيث حصل 12.800 معاق على العلاج الطبيعي، وأنتجت المراكز ما يزيد على 394 طرفاً اصطناعياً، وما يقرب من 5977 من أجهزة تقويم العظام”.
تتزايد وتيرة عدد المعاقين في اليمن، بفعل الحرب القائمة في البلاد منذ سبعة أعوام، والتي خلفت آلاف القتلى والجرحى والمعاقين فضلا عن المخفيين قسرا والمعتقلين.ويرى مراقبون للمشهد اليمني أن عداد الإصابة بالإعاقة لن يتوقف والذي بلغ عددهم 15%من عدد السكان بحسب آخر احصائيات، مالم تتوقف أزمة الحرب الذي خلفت أسوأ أزمة إنسانية في العالم أجمع.