قارئ المقال
|
خاص : إبراهيم محمد المنيفي/
في عام 2011 أعلنت منظمة التربية والثقافة والعلوم يونيسكو 13 فبراير شباط يوماً عالمياً للإذاعة وبعدها تبنت هذا اليوم الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرار رسمي رقم 124-67 في منتصف يناير كانون الثاني 2013، والثالث عشر من فبراير شباط هو اليوم الذي تأسست فيه الإذاعة الدولية للأمم المتحدة عام 1946 عقب الحرب العالمية الثانية بعام واحد.
وتعد الإذاعة من أكثر وسائل الإعلام انتشاراً وتأثيراً على مستوى العالم بحسب اليونيسكو وذلك لقلة تكاليف التشغيل وسهولة وصولها إلى قطاعات كثيرة ومختلفة تتجاوز الصعوبات الجغرافية واللوجستية وغيرها.
وبوصف الإذاعة صوتاً للمجتمع فعليها أن تكون منبراً حقيقياً لكل المجتمع بمختلف فئاته ومنهم الأشخاص ذوي الإعاقة كما يقول علاء الهمداني، وهو إعلامي ومخرج إذاعي من ذوي الإعاقة البصرية، ويؤكد علاء أن إدماج قضايا ذوي الإعاقة ضمن المحتوى العام للإذاعة يكاد يكون مفقوداً إذا استثنينا التناولات الموسمية أو البرامج المتخصصة التي تخصصها بعض الإذاعات لهذه الشريحة وتلك التناولات الموسمية والبرامج الخاصة لا تعتبر صورة من صور دمج قضايا ذوي الإعاقة في المحتوى العام على حد قوله.
ويرى الدكتور عبد الكريم الوصابي، أستاذ مساعد في الإعلام بعدة جامعات، أن قضايا ذوي الإعاقة لا تحضى بالاهتمام الكافي في مختلف وسائل الإعلام ومنها الإذاعة بطبيعة الحال فضلاً عن الحديث عن قضية متقدمة مثل إدماج قضايا الإعاقة ضمن المحتوى العام للإذاعة، فبحسب الدكتور عبد الكريم: “حتى البرامج الخاصة بذوي الإعاقة نادرة ولا نكاد نجدها على الرغم من كثرة الإذاعات وتزايد أعداد ذوي الإعاقة، ويفترض أن تتناول الإذاعة عدة قضايا ذات أولوية لهذه الفئة مثل: القضايا التعليمية، والاقتصادية، والصحية، والحقوقية القانونية الإعلامية، وكذلك التوعية بأهمية السعي لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة سياسياً واجتماعياً وثقافياً وذلك وصولاً إلى تغيير النظرة المعتمة عنهم”
ما الذي يحول دون دمج قضايا الإعاقة في المحتوى العام للإذاعة؟
يشكو الكثير من الإعلاميين ذوي الإعاقة أن وسائل الإعلام وفي مقدمتها الإذاعات تحصرهم بتقديم برامج تخص الشريحة ولا تتيح لهم تقديم برامج ذات محتوى عام وأن الإذاعات تحصر الحديث عن ذوي الإعاقة في المواسم أو برامج خاصة ما يساهم في عزلهم عن قضايا المجتمع والتفاعل معها على اعتبار أنهم جزء من المجتمع وليسوا منفصلين عنه ويتأثرون بما يتأثر به محيطهم.
وفي هذا السياق يقول الإعلامي ماجد شروان: “لا نستطيع تحميل المسؤولية لأحد بعينه فقد تشترك وسائل الإعلام والمؤسسات الخاصة بذوي الإعاقة وذوو الإعاقة أنفسهم في تمكين هذه الشريحة من تقديم محتوى يليق بقدراتهم وإبداعاتهم وليس حصراً فقط بمواسم معينة أو برامج تخصهم، ولكن من منظور إيجابي: البرامج التي تخص ذوي الإعاقة عندما تُقدم بصدى أصواتهم ستكون أكثر إثراءً وعمقاً وهذا لا يعني أنهم ليسوا قادرين على تقديم محتوى آخر”
من جهته يحمل علاء الهمداني، مؤسسات ذوي الإعاقة مسؤولية توفير الموارد المعلوماتية الكافية لوسائل الإعلام حيث أن العديد من الإعلاميين يتجنبون الحديث عن قضايا ذوي الإعاقة لشحة المعلومات المتوفرة عنهم.
وتتفق معه ريما الفقيه، طالبة في قسم الإذاعة والتلفزيون- جامعة العلوم والتكنولوجيا، حيث تؤكد أنه لا يوجد مدخلات ضمن المقررات في كلية الإعلام تلفت نظر الطلاب لقضية ذوي الإعاقة، وتضيف: “الطلاب في كلية الإعلام هم إعلاميون الغد وذوي الإعاقة شريحة مهمة وموجودة في المجتمع وإذا لم تكن الإذاعة ووسائل الإعلام عموماً صوتاً لهم فمن سيكون، ولكن على مؤسسات ذوي الإعاقة أن تنفذ حملات توعوية في كليات الإعلام حتى تصبح قضية ذوي الإعاقة ضمن اهتمامات الطلاب الذين سيكونون إعلاميون غداً وبعضهم هم يعملون في الإعلام فعلاً رغم أنهم مازالوا طلاب”
إلا أن عبد الهادي طاهر، وهو إعلامي معروف ومعد للعديد من البرامج الإذاعية، يشدد على المسؤولية المجتمعية للإذاعة وأنه حتى لولم تستطع مؤسسات ذوي الإعاقة الوصول إلى الإذاعة بسبب إمكانياتها فهذا لا يعفي الإذاعة من مسؤوليتها في التعبير عن كل فئات المجتمع وأخذ قضية ذوي الإعاقة بعين الاعتبار في التخطيط الإستراتيجي والخطط البرامجية، ويتساءل طاهر: “تلك الإذاعات التي تقدم فترات مفتوحة تمتد لساعة وساعتين لماذا لا تخصص مساحة في تلك الفترات للحديث عن ذوي الإعاقة وهم شريحة مهمة وجزء من المجتمع زادت أعدادهم مؤخراً بشكل لافت؟!، كما أن الإعلاميين لهم جيران وأصدقائ من هذه الشريحة فلما لا يلفت ذلك نظرهم؟!”
بارقة أمل وحلول في المتناول.
حملنا في المركز الإعلامي لذوي الإعاقة تلك الانتقادات لأحد متخذي القرار وسألنا الإعلامي صدام الوائلي، مدير البرامج في إذاعة سمارة إفإم، وقد اتفق مع السابقين في تشخيص الوضع القائم بخصوص إدماج قضايا ذوي الإعاقة في المحتوى العام للإذاعة، لكنه لفت إلى بقعة ضوء ونماذج برزت مؤخراً تمثلت في تقديم مذيعين من ذوي الإعاقة برامج إذاعية ذات محتوى عام.
وتحدث الوائلي عن تجربة إذاعة سمارة إفإم التي انطلقت من فلسفة أن الإدماج الحقيقي لذوي الإعاقة وقضاياهم تتمثل بداية بتشغيلهم واستيعابهم ضمن العمل الإذاعي إدارةً وتخطيطاً برامجياً وتقديماً وغير ذلك على حد تعبيره، وأضاف: “انطلاقاً من تلك الفلسفة لم نقتصر على التغطيات الموسمية رغم أهميتها بل عملنا على استيعاب شخصيات إعلامية من ذوي الإعاقة ودربناها على الإعداد والتقديم لمحتوى عام يهم كل المجتمع بمن فيهم ذوي الإعاقة، كما نعمل حالياً على تدريب أحد الإعلاميين لدينا من ذات الشريحة على الهندسة الصوتية والإخراج، ومن حيث المبدأ نحن منفتحون على استيعاب قضايا ذوي الإعاقة والتفاعل معها وأبوابنا مفتوحة ونحتاج لتفاعل الشريحة معنا أفراد ومؤسسات”.
ويلخص الدكتور عبد الكريم الوصابي، الحلول والمعالجات بالقول: “إن من أبرز الحلول لمشكلة تناول قضايا ذوي الإعاقة هي: إشراكهم العمل الإعلامي إعداداً وتنفيذاً لأنهم خير من يعبر عن قضاياهم، وكذلك تدريب الكوادر الإعلامية من غير الشريحة على كيفية تناول قضايا ذوي الإعاقة المختلفة، بالإضافة إلى خلق شراكة بين وسائل الإعلام والمؤسسات الخاصة بهم، وحتى نضمن التأثير في البرامج أو المساحات الإذاعية المخصصة لهم يجب الإلمام بالمعرفة فيما يخص القوانين والمعاهدات الدولية ذات الصلة”.