قارئ المقال
|
خاص : إبراهيم محمد المنيفي. /
ضرب المثل من أكثر أساليب التعبير الشعبية انتشاراً وشيوعاً ولا تخلوا أي ثقافة من الأمثال الشعبية. والمثل هو صورة من صور التشبيه إذ يصور الثاني وحاله وصفاته بحال الأول وصفاته على اعتبار أنها تنطبق عليه وذلك لأغراض كثيرة أهمها المدح والذم.
وما يعنينا هنا هو صورة الأشخاص ذوي الإعاقة في الأمثال الشعبية، إذ تعج الأمثال الشعبية بالكثير من الصور السلبية والنمطية عن الأشخاص ذوي الإعاقة ولكن لم يتم الانتباه إليها كثيراً بسبب التدوين النخبوي للأمثال بحسب – عبد العزيز القدمي (خريج علم اجتماع وناشط إعلامي) حيث يقول القدمي لل MCPD : ” إن الأمثال المتداولة شعبياً عن ذوي الإعاقة ترسم صورة قاتمة وسيئة عن ذوي الإعاقة، لكننا لم نجدها بين دفات الكتب لأن عملية التدوين كانت نخبوية”.
نماذج من بعض الأمثال المتداولة شعبياً. (بشروني بوليد أعمى) ويقال هذا المثل عندما يكون الخبر المنتظر صادماً وناقص وليس عند حجم التوقعات ، وهذا المثل بوضوح يساوي بين الإعاقة البصرية والعجز أو النقص. (عمياء تخضب مجنونة) وهذا المثل يضرب لأي طرفين كلاً منهما أعجز من الآخر في تنفيذ المهام الموكلة إليه، وهذا المثل إلى جانب الوصمة التي يوصم بها ذوي الإعاقة العقلية فإنه يعمم صورة سلبية توحي بعجز ذوي الإعاقة البصرية فضلاً عن الإيحاء التمييزي تجاه النساء من هتين الشريحتين.
(كالأطرش في الزفة) ويضرب هذا المثل لمن يكون محتكاً بالأحداث مباشرةً لكنه لا يعلم عنها شيء فضلاً عن التأثير في مجرياتها، وهذا المثل يكرس نظرة سلبية عن شريحة الصم ويوحي بصورة غير مباشرة بأنهم أغبياء أو منفصلون عن مجتمعهم تماماً. ( أعمى وأعرج وعلى الله المخرج) ويضرب هذا المثل لأي إثنين كلاهما عاجزين عن مساعدة بعضهما، وبحسب المثل فإن الكفيف عاجز عن أن يقود ذا الإعاقة الحركية وفي ذات الوقت فذو الإعاقة الحركية عاجز عن قيادة الكفيف.
والأمثال بشكل عام قد تناولت ذوي الإعاقة بصورة سلبية لأن الأمثال تعكس الثقافة العامة للمجتمع بحسب الدكتورة – أمة الغفور عقبات، أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء، حيث تقول لل MCBD : ” إن الأمثال الشعبية انعكاس للعقل الجمعي للمجتمع شأنا أم أبينا والأمثال تمثل نظرة المجتمع ككل عكس باقي ألوان الأدب كالقصة والشعر الذي تعكس وجهة نظر النخبة في المجتمع” ويتفق الإعلامي – علي السياني ، وهو كاتب للكثير من المسلسلات اليمنية الشعبية مع هذا الرأي إلا أن السياني يلفت إلى أن الأمثال الشعبية قد تناولت قضايا وفئات أخرى بشكل سلبي أيضاً لأنها عكست الثقافة التي ولدت فيها بكل مكوناتها وأبعادها.
وهكذا فإن الجميع يكاد يجمع على أن الأمثال الشعبية قد تناولت ذوي الإعاقة بصورة سلبية – فكيف يرى ذوي الإعاقة تلك الأمثال؟ وماهي الحلول المقترحة لعلاج مشكلة فرضتها صيرورة الحياة الاجتماعية والثقافية على ذوي الإعاقة؟ هذا ما سنتعرف عليه في الجزء الثاني من التقرير.