المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى بمناصرة حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة

صورة ذوي الإعاقة في الأمثال الشعبية (2).

صورة ذوي الإعاقة في الأمثال الشعبية (2).

خاص : إبراهيم محمد المنيفي.

في التقرير السابق تناولنا نماذج من التناول السلبي للأشخاص في الأمثال الشعبية وكيف قرأها بعض الأكاديميين والكتاب كقضية موجودة بالفعل، وفي هذا التقرير نعرج على وجهة نظر ذوي الإعاقة تجاه تلك القضية. حيث يقول – عمار الصبري (وهو كفيف بكلاريوس آداب في اللغة الإنجليزية): “إن الأمثال تناولت ذوي الإعاقة وقضايا أخرى بشكل سلبي لأنها نتاج المجتمع بكل تناقضاته وتصوراته القاصرة، ولكن ذوي الإعاقة أكثر فئة ظلمتها الأمثال الشعبية وخصوصاً المكفوفين.

من جهتها ترى – رحمة القباطي، ( بكلاريوس لغة عربية) أن الأمثال الشعبية تعكس الوضع الحقوقي المتأخر لذوي الإعاقة في اليمن ودول العالم الثالث بشكل عام، وتشير القباطي للأمثال في الثقافة الشعبية الغربية التي تناولت ذوي الإعاقة بشكل إيجابي على حد قولها، وفيما يخص باقي ميادين الأدب ترى القباطي أن ذوي الإعاقة قُدموا بشكل إيجابي أحياناً لأنهم تواجدوا وفرضوا أنفسهم في تلك الميادين وسردت الكثير من الأسماء لذوي الإعاقة في هذا الجانب.

الأمثال تقدم ذوي الإعاقة بصورة سلبية فما الحلول؟ وفي حين يتفق الجميع على أن الأمثال الشعبية قد قدمت ذوي الإعاقة بصورة سلبية وقاتمة فإن صورة ذوي الإعاقة في الأمثال الشعبية تضل مشكلة على المستوى الأكاديمي البحثي ومشكلة حقوقية من حيث تكريسها لوجهات نظر نمطية وتحيزية ضد ذوي الإعاقة فضلاً عن الوصمة والتأثيرات النفسية على الأفراد من ذوي الإعاقة الذين يواجهون تلك الأمثال بشكل شبه يومي في حياتهم.

من هنا ينادي الناشط والإعلامي -عبد العزيز القدمي ( بكلاريوس علم اجتماع) بضرورة أن تفرد مؤلفات لدراسة الأمثال الشعبية التي تخص ذوي الإعاقة ومعالجتها أكاديمياً وبحثياً في ضوء المنظور الحقوقي للأشخاص ذوي الإعاقة.

بينما يؤكد الإعلامي والكاتب – علي السياني ، أن الأمثال كانت نتاج ثقافة وواقع كان ذوي الإعاقة فعلاً مهمشين فيه وغير قادرين على القيام بالكثير من الأعمال على العكس من الواقع اليوم والذي سيفرز بطبيعة الحال أمثال جديدة تعكس الواقع الإيجابي في المستقبل. ويؤكد الكفيف عمار الصبري ( بكلاريوس أدب إنجليزي) على ضرورة إطلاع وسائل الإعلام بدورها في التوعية الكافية وتناول الأمثال الشعبية لغرض التصحيح والتصويب.

صورة ذوي الإعاقة في الأمثال الشعبية (1).

صورة ذوي الإعاقة في الأمثال الشعبية (1).

خاص : إبراهيم محمد المنيفي. /

ضرب المثل من أكثر أساليب التعبير الشعبية انتشاراً وشيوعاً ولا تخلوا أي ثقافة من الأمثال الشعبية. والمثل هو صورة من صور التشبيه إذ يصور الثاني وحاله وصفاته بحال الأول وصفاته على اعتبار أنها تنطبق عليه وذلك لأغراض كثيرة أهمها المدح والذم.

وما يعنينا هنا هو صورة الأشخاص ذوي الإعاقة في الأمثال الشعبية، إذ تعج الأمثال الشعبية بالكثير من الصور السلبية والنمطية عن الأشخاص ذوي الإعاقة ولكن لم يتم الانتباه إليها كثيراً بسبب التدوين النخبوي للأمثال بحسب – عبد العزيز القدمي (خريج علم اجتماع وناشط إعلامي) حيث يقول القدمي لل MCPD : ” إن الأمثال المتداولة شعبياً عن ذوي الإعاقة ترسم صورة قاتمة وسيئة عن ذوي الإعاقة، لكننا لم نجدها بين دفات الكتب لأن عملية التدوين كانت نخبوية”.

نماذج من بعض الأمثال المتداولة شعبياً. (بشروني بوليد أعمى) ويقال هذا المثل عندما يكون الخبر المنتظر صادماً وناقص وليس عند حجم التوقعات ، وهذا المثل بوضوح يساوي بين الإعاقة البصرية والعجز أو النقص. (عمياء تخضب مجنونة) وهذا المثل يضرب لأي طرفين كلاً منهما أعجز من الآخر في تنفيذ المهام الموكلة إليه، وهذا المثل إلى جانب الوصمة التي يوصم بها ذوي الإعاقة العقلية فإنه يعمم صورة سلبية توحي بعجز ذوي الإعاقة البصرية فضلاً عن الإيحاء التمييزي تجاه النساء من هتين الشريحتين.

(كالأطرش في الزفة) ويضرب هذا المثل لمن يكون محتكاً بالأحداث مباشرةً لكنه لا يعلم عنها شيء فضلاً عن التأثير في مجرياتها، وهذا المثل يكرس نظرة سلبية عن شريحة الصم ويوحي بصورة غير مباشرة بأنهم أغبياء أو منفصلون عن مجتمعهم تماماً. ( أعمى وأعرج وعلى الله المخرج) ويضرب هذا المثل لأي إثنين كلاهما عاجزين عن مساعدة بعضهما، وبحسب المثل فإن الكفيف عاجز عن أن يقود ذا الإعاقة الحركية وفي ذات الوقت فذو الإعاقة الحركية عاجز عن قيادة الكفيف.

والأمثال بشكل عام قد تناولت ذوي الإعاقة بصورة سلبية لأن الأمثال تعكس الثقافة العامة للمجتمع بحسب الدكتورة – أمة الغفور عقبات، أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء، حيث تقول لل MCBD : ” إن الأمثال الشعبية انعكاس للعقل الجمعي للمجتمع شأنا أم أبينا والأمثال تمثل نظرة المجتمع ككل عكس باقي ألوان الأدب كالقصة والشعر الذي تعكس وجهة نظر النخبة في المجتمع” ويتفق الإعلامي – علي السياني ، وهو كاتب للكثير من المسلسلات اليمنية الشعبية مع هذا الرأي إلا أن السياني يلفت إلى أن الأمثال الشعبية قد تناولت قضايا وفئات أخرى بشكل سلبي أيضاً لأنها عكست الثقافة التي ولدت فيها بكل مكوناتها وأبعادها.

وهكذا فإن الجميع يكاد يجمع على أن الأمثال الشعبية قد تناولت ذوي الإعاقة بصورة سلبية – فكيف يرى ذوي الإعاقة تلك الأمثال؟ وماهي الحلول المقترحة لعلاج مشكلة فرضتها صيرورة الحياة الاجتماعية والثقافية على ذوي الإعاقة؟ هذا ما سنتعرف عليه في الجزء الثاني من التقرير.