خاص : محمد الشيباني /
“ننتظر إلى قبل نهاية الفصل تقريباً حتى يستقر الدكاترة على مقررات المواد الدراسية، ثم ندفع بها إلى متطوعين ومتطوعات ليقوموا بتسجيلها صوتياً بسبب عدم توفرها بطريقة برايل للمكفوفين، ولا تصلنا التسجيلات إلا قبل الامتحانات بأيام وبعض المواد تصلنا ليلة الامتحان وبعضها الآخر لا تصلنا تماماً” عتاب الصنعاني، جامعية كفيفة، تتحدث للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة عن الصعوبات التي تواجهها وزميلاتها في الجامعة، وتضيف: “بسبب هذا التأخير نتعثر كثيرا في المذاكرة وغالبا نذاكر في عجالة ثم نفاجأ بدخول أسئلة من محاضرات لم نذاكرها أو نمر عليها مرور الكرام بسبب ضيق الوقت”
كثيرة هي الصعوبات التي تواجه ذوي الإعاقة على مختلف شرائحهم في التعليم الجامعي، ومشكلة توفر المنهج بطريقة برايل أو صوتياً واحدة من المشاكل التي تواجه المكفوفين ولم توضع لها معالجات دائمة ورسمية حتى اليوم.
يذكر أن هناك مبادرات تطوعية إما مستقلة أو تحت إشراف المركز الجامعي لذوي الإعاقة في جامعة صنعاء تقوم بتسجيل المقررات الدراسية للمكفوفين غير أن شكاوي الطلاب لم تتوقف ما يعني أن المشكلة لم يتم احتوائها بعد.
البحث عن حلول بين ركام المشاكل.
في ظل عدم كفاية الحلول المطروحة لسد احتياجات الطلاب المكفوفين في الجامعات تنشط مبادرات عربية على شبكات التواصل الاجتماعي لتسجيل المقررات الجامعية للمكفوفين بالإضافة للكتب الثقافية وغيرها ويقوم مسؤولو تلك المبادرات بالتواصل مع طالبي الخدمة وإرسال المقاطع الصوتية بالبريد الإلكتروني أو عبر تطبيق الواتساب، ومع ذلك فإن بطء الإنترنت وعدم التشبيك بين تلك المبادرات ومؤسسات المكفوفين في اليمن يمثل عقبة أمام توظيف ما يُقدم في مصلحة الطلاب بالشكل الأمثل.
وفي الوقت الذي استفاد الكثير من المكفوفين من تلك المبادرات إلا أن ذلك لم يضع حلول نهائية للأمر، يقول كمال الفقيه، كفيف جامعي من قسم اللغة العربية: “بعض الكتب والمراجع لا تتوفر إلكترونياً ما يصعب الاستفادة من تلك المبادرات على الإنترنت، كما أن بعض الدكاترة يحيلوننا إلى مكتبة الجامعة لقراءة كتب أو مخطوطات بعينها وكمكفوفين نواجه عقبات لأن مكتبة الجامعة لا يوجد فيها نسخ بطريقة برايل ولا توفر متطوعين لقراءة الكتب، وتزداد المشكلة سوءاً حينما تنبني على تلك التكاليف درجات نُحرم منها لذلك السبب”
وترى عتاب، أن المكفوفين في المحافظات أكثر حرماناً وأقل استفادة فلا توجد مراكز أو مؤسسات خاصة بالمكفوفين لتغطية حتى جزء من المشكلة ويترك العبء كله على الطلاب على حد تعبيرها.
من ناحية أخرى يعاني الطلاب ذوي الإعاقة الحركية من صعوبة التنقل وتهيئة الظروف المناسبة لهم في المباني الجامعية، وتخصيص بعض المحاضرات في الطوابق العليا دون وجود مصاعد كهربائية أو ممرات خاصة ما اضطر بعض الطلاب ذوي الإعاقات الحركية لتغيير تخصصاتهم أو الانتقال لجامعات أخرى وحتى التوقف عن مواصلة الدراسة كما أفاد بعضهم في أحاديث صحفية وفعاليات سابقة نظمها المركز.
وفي هذا الإطار سألنا الدكتور عادل المتوكل، رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا، عن سبب عدم اهتمام الجامعات بإمكانية الوصول؟
فأرجع المشكلة إلى عوائق مادية مستشهداً بتأخر بعض الطلاب عن تسديد الرسوم الجامعية على حد قوله.
من جهتهم يشكو الصم من محدودية خياراتهم في التخصصات الجامعية وعدم اعتماد لغة الإشارة في الجامعات اليمنية ما يقلل من فرص عملهم وتوظيفهم بعد التخرج.
يعتقد ذوو الإعاقة أنهم يخوضون قصة نضال في الجامعات في مواجهة التنكر لمكتسباتهم الحقوقية والقانونية التي تبدأ من المناهج وحق إمكانية الوصول وصولاً لعدم العمل بالإعفاءات من الرسوم وتكبيدهم مبالغ غير قانونية فضلاً عن التوقف عن صرف مستحقاتهم من الجامعات التي كانت تصرف سابقاً، ومشكلة عدم توفير كُتاب مدربين للمكفوفين أو اعتماد طريقة برايل في أداء التكاليف والامتحانات، وكل تلك المشاكل تؤثر بطريقة أو بأخرى على التحصيل الأكاديمي لذوي الإعاقة.
الجميع يرى المشكلة.. والجميع يبحث عن المسؤول.
يرى الطلاب ذوي الإعاقة أن الجامعات هي المؤسسات الرسمية المعنية بوضع حلول للمشكلات التي يواجهونها كونهم طلاب بها وأن تحميل أي جهات أخرى المسؤولية ليس شأنهم، من ناحيته يقول الدكتور يوسف سلمان، رئيس قسم الإعلام سابقاً بجامعة العلوم والتكنولوجيا: “إن على مؤسسات ذوي الإعاقة أن تقدم رؤى وأفكار للجامعات في سبيل تهيئة الظروف المناسبة لخدمة ذوي الإعاقة لأن تلك المؤسسات تمتلك الخبرة والتجربة”
إلا أن مؤسسات ذوي الإعاقة تؤكد أنها تبذل جهوداً كبيرة في هذا الشأن، تقول دنياً العبسي، أمين المركز الثقافي للمكفوفين بجامعة صنعاء: “لقد قمنا بالعديد من الندوات وورش العمل في الكثير من الجامعات التي يوجد بها طلابنا للتوعية والتثقيف، كما قمنا بتحرير مذكرات رسمية خاطبنا من خلالها رؤساء جامعات وعمداء كليات للتوجيه بتقديم جميع التسهيلات التعليمية وتهيئة الظروف المناسبة، بالإضافة لتكريم المتعاونين من قيادات جامعية وتطوعية مع المكفوفين”
ويلفت محمد غانم، رئيس جمعية رؤية للمكفوفين بالمكلا، إلى ضرورة تفعيل الدور النقابي للاتحادات والمؤسسات الخاصة بذوي الإعاقة والدور التكاملي والضاغط الذي يجب أن تطلع به تجاه وضع حلول استراتيجية لمشاكل ذوي الإعاقة في التعليم عموماً والتعليم الجامعي على وجه الخصوص.