المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى بمناصرة حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة

الاستسقاء: الخطر الداهم على أطفالنا.. كيف نوقفه؟.

الاستسقاء: الخطر الداهم على أطفالنا.. كيف نوقفه؟.


خاص: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD / ميادة العواضي

بدأت أم الطفلة –مها حُميد، البالغ عمرها ستة أشهر تلاحظ على طفلتها أعراض تراها لأول مرة، حيث بدأ رأسها يكبر كثيراً، وكثر التقيؤ لديها، مع فقدان للشهية، ولكن دائماً ما أخبرها من حولها بأن هذا أمر طبيعي وأن عليها ألا تقلق.

ولأنها لم تطمئن قررت أن تأخذ ابنتها إلى الطبيب الذي أخبرها بأن ابنتها تعاني من استسقاء في الدماغ، تقول أم مها أنها لم تسمع عن هذا المرض من قبل، وعندما شرح لها الطبيب طبيعة هذا المرض رجحت أن تكون سوء التغذية والعمل الشاق سبباً لإصابة ابنتها وخصوصاً أنها تعيش في قرية نائية بإحدى المحافظات.

يعد الاستسقاء الدماغي (Hydrocephalus) واحد من أهم الأمراض التي تتسبب في الكثير من الإعاقات وسنكشف في هذا التقرير عن أرقام صادمة عن ضحايا الاستسقاء بين المواليد الجدد في اليمن، -فماهو الاستسقاء الدماغي؟

يُعرف موقع Mayo Clinic الطبي الاستسقاء الدماغي بأنه: ”

“تراكم سائل في التجاويف (البُطينات) الموجودة في عمق الدماغ، وتزيد السوائل المتراكمة حجم البُطينات وتُحدث ضغطًا على الدماغ فيتدفق السائل النخاعي عادةً من خلال البُطينات ويمُر بالدماغ والعمود الفقري، ولكن الضغط الذي يحدثه فرط تراكم السائل النخاعي المرتبط بالاستسقاء الدماغي يمكنه أن يُلحق ضررًا بأنسجة الدماغ مسببًا مجموعة من المشكلات في وظائف الدماغ”، وهو ما يتسبب للمريض بإعاقات مختلفة أما بصرية أو عقلية أو حركية، أو إعاقات مزدوجة.

تعتبر قلة الوعي وبعض العادات الخاطئة كالزواج المبكر سبباً لإصابة الأبناء بالاستسقاء الدماغي، تقول أم الشاب –راشد الحرازي: “لقد تزوجت في سن مبكرة جداً وفي السنة الأولى من الزواج أنجبت ابني راشد، وكان يتمتع بصحة جيدة، إلا أنه أصيب بحمى شديدة وعمره سنة تقريباً ولم أعرف ما الذي يجب علي فعله لصغر سني حينها، وبسبب الأهمال والتأخر في أخذه للمستشفى أصيب بداية بشلل في الأطراف، ثم بدأ رأسه ينتفخ شيءً فشيءً، وتم تشخيص حالته بأنه يعاني من استسقاء في الدماغ”

وتقول أم راشد: إن وضع ابنها تحسن نوعاً ما بعد زراعة جهاز التحويلة الذي يصرف السائل الدماغي، لكن ورغم أنه في التاسعة والعشرين من عمره إلا أنه يعيش بعقل طفل صغير فلا يفكر بالزواج، أو الدراسة.

وفي هيئة المستشفى الجمهوري كانت –لينا محمد، من محافظة حجة شمال اليمن تستعد لإجراء عملية زراعة جهاز التحويلة لعلاج التشوش في البصر، تقول والدة لينا لل-MCPD: “لقد فوجئنا دون مقدمات أن لينا تشتكي من تشوش بصرها ثم عدم القدرة على الرؤية، فأخذناها إلى أحد الأطباء في مستشفيات حجة فاشتبه بوجود ورم في الدماغ، بعدها قررنا عرضها على أطباء آخرين بصنعاء للتأكد من التشخيص الصحيح، فأخبرونا بأنها تعاني من استسقاء دماغي نتيجة الورم الموجود في رأسها”

أسباب كثيرة يمكن للأمهات تجنبها.

يذكر المختصون أن أسباب الاستسقاء الدماغي قد يتعرض لها أي طفل وعلى الأمهات معرفة تلك الأسباب لتجنب هذا المرض المتزايد بين الأطفال مؤخراً

تقول الدكتورة –أزهار فضايل ،طبيبة مقيمة في قسم جراحة المخ والأعصاب بهيئة المستشفى الجمهوري بصنعاء: “إن من أهم أسباب حدوث الاستسقاء الدماغي:

  • أورام الدماغ والحبل الشوكي.
  • عدوى الجهاز العصبي المركزي كإلتهاب السحايا البكتيري، أو النكف.
  • النزيف في الدماغ نتيجة للسكتة، أو الإصابة في الرأس.

وتقول –فضايل: “إن من أكثر الأسباب لإصابة الأطفال في اليمن بالاستسقاء هو سوء تغذية الأم الحامل نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، بالإضافة لعدم وعي الأمهات والتزامهن بأخذ بعض الفيتامينات الضرورية أثناء الحمل”

كما ترجع –فضايل، بعض أسباب تفاقم وتدهور حالات الاستسقاء عند الأطفال للجهل والخرافة وربط كبر حجم الرأس بالعين أو لأسباب خرافية أخرى والتأخر عن الكشف والتدخل المبكر.

أعراض الاستسقاء الدماغي.

تلخص الدكتورة –أزهار، الأعراض بعدة نقاط وتقول: “أعراض الاستسقاء تختلف بحسب عمر الطفل، وأهم الأعراض الشائعة هي: كبر حجم الرأس بصورة غير طبيعية، القيئ المتكرر، التحديق بالعينين إلى أسفل، الصداع، ضبابية وازدواجية الرؤية، ضعف التناسق الحركي، فقدان الشهية، فقدان التحكم بالمثانة أو زيادة معدل التبول، تدهور الذاكرة وتدني التركيز وغيرها كثير”

أرقام صادمة

ازدادت مؤخراً حالات الاستسقاء الدماغي بين المواليد الجدد بصورة لافتة في اليمن، حيث تقول الدكتورة –أزهار فضايل:  “إننا في المستشفى الجمهوري مثلاً نستقبل ثلاث إلى أربع حالات استسقاء أسبوعياً”

من جهته يتحدث –حسن عردوم ،مدير الإعلام والعلاقات بصندوق رعاية المعاقين، عن أرقام صادمة وأعداد كبيرة من حالات الإعاقة حيث يستقبل الصندوق من ثلاثين إلى أربعين حالة يومياً وكثير منها سببها الاستسقاء الدماغي.

ويؤكد عردوم أن حالات الاستسقاء في تزايد مضطرد على حد وصفه بسبب ما قال أنها أوضاع صحية متدهورة بالإضافة لظروف الحصار والحرب التي تشهدها اليمن. وعن دور صندوق رعاية المعاقين قال عردوم: “لقد نفذ صندوق رعاية المعاقين مشروع دعم مرضى الاستسقاء الدماغي في اليمن من خلال تمويل عمليات المرضى وإمدادهم بأجهزة الشفط، وتوفير الأدوية، وتكاليف المواصلات للمرضى الذين هم خارج أمانة العاصمة….

وقد وفر الصندوق خلال العامين الماضيين  أكثر من ألف جهاز شفط سائل دماغي من خلال التعاون مع الهلال الأحمر القطري، وألف عملية جراحية لألف مريض من مرضى الاستسقاء الدماغي”

صورة راشد

محدودية خيارات اللعب ونفسية الأطفال ذوي الإعاقة

محدودية خيارات اللعب ونفسية الأطفال ذوي الإعاقة

خاص : سحر علوان /

سارة طفلة صغيرة دائمة الابتسام، وخاصة عند دخولها للمدرسة في أول سنة دراسية، لم يلبث الفرح في ثغرها طويلاً فقد سُحب ملفها الدراسي ولم تكمل نصف العام!ولكن لماذا؟!تعاني سارة من اضطراب التوحد، إن وجه لها كلاماُ لا يروقها من أحد زملاء صفها، وإن نهرها أي شخص بعبارات لا تفهمها، قد يصل بها الحال للاشتباك بالأيدي، وهذا ما جعلها عرضة لتجارب وشقاوة الأصدقاء.لم تستطع سارة حتى اللعب في ساحة المدرسة أو المشاركة في الأنشطة الترفيهية والعاب الصف فقد كان الزملاء يأخذون من يديها أي لعبه كونها برأيهم لا تستطيع اللعب كبقية الأطفال.لم تعد سارة للمدرسة فقد أصبح محيط لعبها في حدود المنزل وعلى نطاق الأسرة الصغيرة، وحتى في الشارع لا يمكنها اللعب فجميع الأطفال لا يفضلون اللعب معها.. كونها مختلفه عنهم.هكذا شرحت لل ـ MCPD الأخصائية الاجتماعية ا/ وفاء محمد عن سارة من أحدى مدارس صنعاء

(يمثل اللعب عنصراً أساسياً للتطور الاجتماعي والعاطفي والإدراكي الطبيعي إذ يجعل الإنسان أكثر ذكاء وقدرة على التكيف وأقل توتراً، ووفق دراسات نفسية فإن الطفل الذي لا يلعب في صغره قد يتحول في كبره لشخصية مضطربة وغير قادرة على الانسجام في المجتمع).وحيث تنص اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة في الفقرة 31 ( إن لكل طفل الحق في الراحة والاسترخاء واللعب والمشاركة في أنشطة ثقافية وإبداعية)وهذا الحق يمتلكه جميع الأطفال بصرف النظر عمن هم وأين يعيشون وما إذا كانوا ذوي إعاقة أو أي لغة يتكلمون.

الإساءة العاطفية والأثر النفسي

الإساءة العاطفية للطفل تمثل الهدم النفسي وتعتبر شكلاً من السلوك الذي يؤثر بشكل خطير على النمو الإيجابي للطفل.ومن المتوقع سلفاً أن الإساءة العاطفية هي أقل اشكال الإساءة فهماً ووضوحاً، رغم أنها قد تكون الأكثر تدميراً بين كل أنواع الإساءة العاطفية، يشار هنا إلى أن الأطفال المحرومين بشده من الرعاية العاطفية الأساسية وحتى لو لقي الرعاية البدنيةـ فقد يتأخر نموه الإدراكي.

والأشكال الأقل شده من الحرمان العاطفي والرعاية قد تؤدي لنمو أطفال قلقين لا يشعرون بالأمان، وربما يقل احترامهم لذواتهم.وتحدث هذه الإساءة نتيجة الفشل الذي قد ترتكبه العائلات بحق أطفالها وتقصيرها في توفير الاحتياجات الأساسية للطفل عاطفياً ( كزرع الثقة بداخله) وبدنياً كتوفير الغذاء والرعاية الصحية وحق التعليم وكذلك الحق في اللعب وتوفير المحيط والأشخاص المناسبين.

الجدير بالذكر أن الإساءة العاطفية وسوء المعاملة اللفظية والرفض وإجبار الطفل على الانعزال والترهيب والسخرية كلها تندرج تحت مسمى الإساءة.يخاف بعض الأطفال من المشاركة التفاعلية أثناء خروجهم للمحيط وينعكس هذا السلوك على شخصياتهم سيما إن تعرضوا للتنمر أثناء اللعب أو إن واجهوا عبارات لفظية جارحه من أقرانهم تثبط من قدراتهم أو تقلل منها نتيجة إعاقتهم.

ويتفق علماء النفس على أن زيادة المخاوف لدى الطفل تعوق حريته وتلقائيته، كما تؤدي إلى نقص قدرته على مواجهة توترات الحياة، كما يصعب على الطفل تكوين صداقات ويفضل العزلة وعدم اللعب.

نماذج مؤسفة

تحكي أم لؤي تجربتها المريرة وتقول:( لدي طفل معاق وفي يوم خرجنا للحديقة مع والده وأثناء لعب لؤي “بالزحليقة” دفع الولد الذي كان أمامه برغم عدم تضرر الولد حينها، إلا أن والد الطفل نهر ابني وقام بضربه، وصرخ علينا بقوله: (ابنكم معاق خلوه بالبيت)لم أنسى ذلك اليوم وحتى اليوم أبكي من هذا الموقف الذي أثر عليا أنا نفسياً، فما بال طفلي وما ذنبه؟!كذلك حسن محمد يقول:” لدي فتاتين لديهما إعاقة وعند ذهابهما للعلب مع الصديقات، تفر صديقاتهما هاربات ويهتفن: (مجنونات ما نعلب معاهن)يعقب حسن بقوله أتمنى من الأهالي تعليم أطفالهم الأدب وخاصة إن واجهوا أطفال من ذوي الإعاقة”.ويضيف: (أصبحت ما أخليهم يختلطوا مع أحد غير الأقارب ووفرت لهم كل شي يحبوه).

مُعالجات وحلول

يقول الخبراء الأخصائيون الطفل بحاجة إلى التفريغ النفسي والإنفعالي للمشاعر المكبوتة والتي قد يكون اكتسبها في عزلته، حيث يعجز الكثير من الاطفال عن الحوار اللفظي للتعبير عما يجول في خواطرهم، لذلك يكون اللعب الحر والرسم وتمثيل الأدوار أدوات هامة لتفريغ هذه الإنفعالات، إضافة إلى محاولة إخراج الطفل من دائرة العزلة التي قد تطوق عنقه، وتوفيرالجو الملائم الذي يشبع فيه ميوله واهتمامه وممارسة الأنشطة المثمره والترفيهية، إضافة إلى الإنخراط في جو المرح مع الأصدقاء.

وخلاصة توجيهات المختصين في هذا المجال أنه على الأهل في حال تعرض الطفل لظروف إساءة نفسية تنمر أو ألفاظ ومواقف سخرية على الأهل إحاطتهم بالاطمئنان وعدم تركهم عرضه لمواجهة ألفاظ أو مواقف دون دعم نفسي، كما على الأهل تعزيز الثقة لدى الأطفال، وذلك عن طريق الحديث المتواصل معهم مع التركيز على بث كلمات تشجيعية وتشتيت فكرهم عن الألفاظ والمواقف المسيئة وتطمينهم بأن كل شي سيكون بخير وأن الأحداث الصعبة تكسبهم مناعة وتقبل للآخر بالإضافة للقناعة والرضا عن التعايش مع الآخرين رغم الاختلافات الفكرية والآراء الشخصية. متى سيكون دور الأهل والمجتمع والأطفال أجمع داعم إيجابي للعب الاطفال ذوي الإعاقة؟ ومتى ستُهيأ الحدائق العامة بجو يحتضن مرح الأطفال دون منغصات لفظية أو نظرات استغراب؟ومتى سيدرك الجميع أن كل الأطفال لهم الحق الكامل باللعب سواء أطفال ذوي إعاقة أو دون إعاقة؟!