خاص : براهيم محمد المنيفي /
أثار تعميم من إدارة التأهيل والخدمات التعليمية بصندوق المعاقين عاصفة من ردود الأفعال الرافضة والمستنكرة من أكاديميين في التربية الخاصة ومسؤولين في جمعيات ومراكز تعمل بمجال الأشخاص ذوي الإعاقة. حيث أصدرت إدارة التأهيل والخدمات التعليمية في العاشر من الشهر الجاري تعميم حمل رقم 446 تطالب فيه الجمعيات بتسجيل الطلاب المنتسبين إليها في المدارس الحكومية والخاصة عملاً ببرنامج الدمج، وحدد التعميم الصفوف التي يتم فيها دمج كل فئة ودرجة من ذوي الإعاقة ، حيث نص التعميم على: “دمج ذوي الإعاقة السمعية والحركية الخفيفة من الصف الأول الأساسي، وذوي الإعاقة الذهنية البسيطة من الصف الثالث الأساسي بينما يتم دمج ذوي الإعاقة المتوسطة من الصف الرابع الأساسي، وكذلك يتم دمج ذوي الإعاقة الحركية الشديدة (كالشلل الرباعي) من الصف الرابع الأساسي، أما ذوي الإعاقة البصرية فيتم دمجهم من الصف السادس الأساسي، بينما يتم دمج ذوي الإعاقة السمعية الشديدة في الطابور المدرسي والإستراحة ” وأهاب التعميم بالجميع الالتزام وسرعة موافاة الصندوق بكشوفات الطلاب المُسجلين والبيانات المطلوبة.
لماذا يعترض الأكاديميون وذوي الإعاقة على القرار؟
وقد لاقى التعميم ردود أفعال رافضة ومستنكرة من أكاديميين وإخصائيين في التربية الخاصة ومسؤولين في جمعيات ومؤسسات عاملة في مجال الأشخاص ذوي الإعاقة حيث اعتبروا إن التعميم لم يراعي مستويات الفئات القابلة للدمج وخصوصيتها. يقول الدكتور تميم الباشا (أستاذ مساعد في التربية الخاصة) : “كأكاديميين ومتخصصين لدينا اعتراضات على كل نقطة وردت في التعميم، فهو لم يراعي أبسط الشروط العلمية للدمج” ويعتبر الدكتور الباشا إن هذا التعميم يعتبر حرمان فعلي للطفل ذوي الإعاقة من التعليم حيث يفرض عليه الدمج في بيئة لم يتم تهيئتها تماماً فضلاً عن أن هناك فئات ذكرها التعميم وهي غير قابلة للدمج وحتى غير قابلة للتعليم كالإعاقة الذهنية المتوسطة التي من المعروف إنها فئة قابلة للتدريب فقط. من جهته اعتبر الدكتور عبد الحكيم الحسني (مدير مركز القاسم للنطق والتربية الخاصة) أن القرار غير مدروس وإن صندوق المعاقين بمثل هكذا قرار يتخلى عن مسؤولياته تحت مبرر الدمج، وفي حديثه للمركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة سخر الدكتور الحسني من بعض فقرات القرار التي وصفها بالمرتجلة وتساءل: “هل على الطلاب الصم أن يتركوا جمعياتهم ومراكزهم للذهاب إلى المدارس العامة لتطبيق التعميم من خلال الدمج في الطابور والإستراحة ثم يعودوا كون معظم المدارس لا تحتوي على فصول خاصة بالصم لدمجهم؟!!”
وفي اتصال لل MCPD مع الدكتور أمين الزقار عميد كلية التربية الخاصة بجامعة آزال للتنمية البشرية عبر الزقار عن استنكاره لاتخاذ مثل هكذا قرار دون الرجوع إلى المختصين، ووصف القرار بالكارثة على الأشخاص ذوي الإعاقة، وطالب الزقار جمعيات ذوي الإعاقة بأن يكون لهم موقف واضح ينحازون فيه لمصلحة أبنائهم ذوي الإعاقة على حد تعبيره.
هل يعد التعميم قرار انفرادي من صندوق المعاقين؟
في تصريحات لل MCPD عبرت ابتهال الأصبحي (مدير إدارة التأهيل والخدمات التعليمية بصندوق المعاقين) عن استغرابها من ردود الأفعال التي أعقبت التعميم ووصفتها بالمبالغ فيها وأن هناك حملة تطبيل غير مبررة على حد وصفها، وقالت الأصبحي: ” القرارتم اتخاذه بالاشتراك مع لجنة من المختصين والأكاديميين في التربية الخاصة، وقد بدأنا بالتواصل مع وزارة التربية والتعليم والمكاتب المحلية وسيتم تطبيق القرار على مراحل” وحول اعتراض المختصين على القرار قالت ابتهال الأصبحي: “القرار ليس قرآن كريم ومن أبدوا وجهات نظر علمية سيتم مناقشتها والأخذ بها ولن يُدمج إلا من كان قابلاً للدمج”
غير إن الدكتور أمين الزقار ينفي نفياً قاطعاً استشارة الصندوق لمختصين في التربية الخاصة وتساءل: “هل يُعقل إن مختص في التربية الخاصة سيقول إن ذوي الإعاقة الذهنية المتوسطة قابل للتعليم فضلاً عن دمجه في المدارس العامة؟!” من جهتها عبرت صباح الجوفي (مدير إدارة التربية الشاملة بوزارة التربية والتعليم) عن أسفها لمثل ذلك القرار وقالت لل MCPD : ” التعليم العام ليس من اختصاص صندوق المعاقين بحيث يفرض من سيتعلم فيه، ولكنه مفتوح ومتاح للجميع تحت إشراف وزارة التربية والتعليم لفئات قابلة للتعليم العام وأخرى قابلة للتدريب الخاص وهذا الأمر يمكن مناقشته مع صندوق المعاقين والمختصين للخروج بنتائج علمية وصحيحة” وأضافت الجوفي: ” نحن آخذون موقف من صندوق المعاقين ولم يتم استشارتنا مطلقاً في القرار، وهناك مشكلة كبيرة في القرار أنه لم يفرق بين الفئات القابلة للتعليم العام والتعليم الخاص، والفئات القابلة للتعليم والقابلة للتدريب فقط”
ما أثر القرار على جمعيات ومراكز ذوي الإعاقة
عبر مهتمون عن تخوفهم من العواقب السلبية على الطلاب ذوي الإعاقة ومؤسساتهم حال تنفيذه، فبالإضافة للآثار النفسية والأكاديمية السيئة فإن مدارس ذوي الإعاقة قد تتعرض للإغلاق، وفي هذا الصدد طالب عبد الله بنيان (مدير إدارة ذوي الاحتياجات الخاصة بأمانة العاصمة وعضو مجلس إدارة صندوق المعاقين) بأن يكون صندوق المعاقين كما أراد له القانون وعاء مالي يوزع الموارد لمؤسسات ذوي الإعاقة حسب نشاطها واحتياجها ولا يقوم بأعمالها ومنازعتها صلاحياتها، وقال بنيان: “لا يصح أن يكون صندوق المعاقين هو الممول والمنفذ والمراقب في نفس الوقت”
تحركات لرفض القرار وإيقافه
على الرغم من أن إدارة التأهيل والخدمات التعليمية بصندوق المعاقين وصفت القرار بالعاجل والمهم إلا أن العديد من المؤسسات العاملة في مجال ذوي الإعاقة قالت لل MCPD إنها لم تتلقى القرار بصورة رسمية وأنها تعرفت عليه من خلال ت داوله في وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت صباح الجوفي: “إلى اللحظة لم نتلقى القرار بصورة رسمية و عندما يصلنا رسمياً فإن لنا وجهة نظر وسيتم الحديث عنها في حينه”
من جهته عبر عبد الله بنيان عن أمله في تعليق القرار ومالم يتم تعليقه فإن إدارة ذوي الإحتياجات الخاصة بأمانة العاصمة ستعقد اجتماع مع جمعيات ذوي الإعاقة للخروج بموقف موحد إيزاء القرار على حد قوله. أما أمين الزقار فقد أكد لل MCPD أنه بالفعل قد دعا نقابة التربية الخاصة والدكاترة بكلية التربية الخاصة بجامعة آزال لاجتماع بعد غد الخميس لبلورة موقف موحد وصياغة رسالة إلى صندوق المعاقين بخصوص القرار الأخير. فهل ينجح ذو و الإعاقة والأكاديميون في إيقاف القرار؟ أم أن القرار سيصير واقعاً يتجرعه ذوو الإعاقة كما تجرعوا قرار التربية من قبل بدمجهم في الصفوف العليا دون أن تتوفر أدنى متطلبات الدمج الحقيقي والعادل؟