خاص /
بالتزامن مع إحياء الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومؤسسات ذوي الإعاقة للعديد من المناسبات في هذا الشهر، وعلى الرغم من أهمية أحياء تلك المناسبات في نشر وإذكاء الوعي بين أفراد المجتمع بقضايا وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أن من المهم جداً إعادة التذكير بالالتزام الأممي تجاه ذوي الإعاقة واعتبارها قضية ذات أولوية وشرطا أساسيا لدعم حقوق الإنسان والتنمية المستدامة، والسلام، والأمن، كما أنه من الأمور المحورية لتحقيق وعد خطة التنمية المستدامة لعام 2030 فيما يتصل بضمان ألا يتخلف أحد عن الركب وذلك من خلال الأهداف السبعة عشر التي تعمل الأمم المتحدة والعالم على تنفيذها بحلول ذلك العام.
وتأسيساً على اعتراف الأمم المتحدة والدول الأطراف في الاتفاقية الدولية لتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة واليمن واحدة منها بإن ذوي الإعاقة من أشد الفئات تعرضاً للتهميش والإقصاء في المجتمع، فإنه يتوجب على مؤسسات ذوي الإعاقة وهي تحشد عشرات الملايين من الريالات أن تجيب ذوي الإعاقة عما سيتحقق لهم فعلياً على أرض الواقع من منجزات غير الاحتفالات المعتادة؟.
كما أنه ينبغي على ذوي الإعاقة أفراداً ومؤسسات أن يوجهوا الجهود الإعلامية والحقوقية والميدانية الضاغطة نحو المساءلة المجتمعية وتحقيق الشفافية لدى المؤسسات العاملة في مجال ذوي الإعاقة عموماً والمنظمات التابعة للأمم المتحدة وشركائها على وجه الخصوص، لا سيما بعد أكثر من عامين على تدشين “استراتيجية إدماج منظور الإعاقة”، حيث قال الأمين العام للأمم المتحدة #أنطونيوغوتيرش حينها: “لابد أن تكون الأمم المتحدة هي القدوة التي يُحتذى بها، ولابد من تحسين معايير المنظمة فيما يتصل بإدماج منظور الإعاقة في كل ركائز العمل ابتداءً بالمقر الرئيس وانتهاءً بالميدان”
ومن الواضح إن ذوي الإعاقة يغيبون عن اهتمامات المنظمات الدولية العاملة في اليمن بشكل كبير إلا من تمويل بعض الاحتفالات وورش العمل المتكررة كل عام دون العمل حتى على تنفيذ توصياتها، هذا فضلاً عن إشراك ذوي الإعاقة في التخطيط والتنفيذ لأنشطة تلك المنظمات وفق ما تلزمها به استراتيجية منظور الإعاقة.
لقد عانى ذوو الإعاقة من الظلم والتعسف والحرمان حتى من قبل اندلاع الحرب في اليمن، وتخلت عنهم معظم الجهات الحكومية ملقيةً بكل المسؤولية على صندوق المعاقين الذي أُنشئ في عام 2002 ولم تُخصص له الموارد الكافية، ولم يتم تحديد أهداف تنموية لتحقيقها بقدر ما انشغل الصندوق بتغطية نفقات المراكز والجمعيات والجوانب الصحية، فضلاً عن الاختلالات المالية والإدارية التي طالما اشتكى منها ذوو الإعاقة على مدار سنوات تأسيس الصندوق.
وزاد الأمر سوءاً تدني الخدمات الصحية والتأهيلية والتعليمية بفعل استمرار الحرب الدائرة منذ سبع سنوات.
كما أدى توقف الضمان الاجتماعي منذ 2015، وانقطاع الرواتب عن الموظفين في بعض المناطق، أو ثباتها في مناطق أخرى في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار إلى زيادة معدلات الفقر بين ذوي الإعاقة حيث تذكر بعض التقارير أن حوالي 90% من ذوي الإعاقة في اليمن يعيشون تحت خط الفقر.
لقد واجه الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن تبيعات الحرب أكثر من غيرهم، فقد تعرضت مؤسساتهم للقصف الجوي والمدفعي، كما تعرضت للنهب والحرق من قبل بعض أطراف الحرب، فضلاً عن تعرضها للإغلاق إما بسبب توقف النفقات والمخصصات أو لوقوعها بالقرب من مناطق عسكرية.
عام الانتهاكات.
أما العام 2021 فقد كان من أكثر الأعوام التي تعرض خلالها ذوو الإعاقة للانتهاكات بمستوياتها المختلفة.
فقد شهدت بعض الجبهات تصعيداً عسكرياً كبيراً مما ضاعف من معاناة ذوي الإعاقة وخصوصاً النساء والأطفال، حيث تحدثت بعض النازحات ومسؤول من الوحدة التنفيذية للنازحين بمأرب للمركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة عن اضطرار بعض النساء ذوات الإعاقة للنزوح لأكثر من مرة، كما وثق التقرير الذي نشره المركز بعنوان: “النازحات ذوات الإعاقة أنين بلا صدى” المعاناة الكبيرة لظروف نزوح النساء ذوات الإعاقة.
وأدى استمرار إغلاق الجمعيات والمدارس لحرمان الكثير من الأطفال ذوي الإعاقة من التعليم في بعض المحافظات، وقد رصد المركز أسماء مدارس تعمل على فتح أبوابها للطلاب ذوي الإعاقة لأسبوعين أو ثلاثة قبل إجراء الامتحانات وتصعيدهم من صفوف لأخرى دون استحقاق مما يخلق تحديات وصعوبات كبيرة للطلاب أثناء الدمج أو انتقالهم للجامعات.
التهميش والحرمان الذي يعيشه ذوو الإعاقة في اليمن لم يكن نهاية المطاف، فقد تعرض ذوو الإعاقة للكثير من الاعتداءات خلال هذا العام، حيث اعتدت قوات أمنية في محافظة عمران على وقفة احتجاجية نظمتها جمعية المعاقين حركياً في المحافظة يوم الخميس الموافق 21 يناير كانون الثاني للمطالبة بنفقات الجمعية المتوقفة منذ عدة سنوات.
وفي يوم الإثنين الموافق 7 يونيو حزيران نظم المعاقون حركياً في عدن وقفة احتجاجية غاضبة للمطالبة بوقف البسط على الأراضي الممنوحة للجمعية التعاونية السكنية للمعاقين حركياً.
أما في تعز فقد كانت بعض مؤسسات الدولة هي من اعتدى على مؤسسات ذوي الإعاقة والتي تعتبر مؤسسة حكومية كذلك، فقد أصدر فرع صندوق المعاقين في محافظة تعز يوم الإثنين الموافق 31 أكتوبر تشرين الأول بياناً ندد فيه باقتحام مدير قسم شرطة عصيفرة لمبنى الصندوق وكسر أقفاله دون مصوغ قانوني بحسب البيان.
ووصل الإجرام إلى الاعتداء على ذوي الإعاقة وقتلهم بدم بارد دون مراعاة للقيم الدينية والقوانين والمواثيق التي تجرم مثل تلك الأفعال الشنيعة، حيث تم قتل الشاب مختار حزام سعيد في 11 سبتمبر أيلول على كرسيه المتحرك في مديرية الحداء بمحافظة ذمار على خلفية ثأر قبلي بين قبيلتي نشال والمشاخرة، حيث أكد مقربون من القبيلتين للمركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة بأن الشاب مختار قد تعرض للقتل بعدة رصاصات قاتلة في هجوم ليلي عليه وهو جوار منزله من قبل مسلحين من قبيلة المشاخرة.
وآخر جرائم القتل التي تعرض لها ذوي الإعاقة مقتل الشاب أحمد الزافني (من ذوي الإعاقة البصرية) يوم الأحد الموافق 28 نوفمبر تشرين الثاني وسط العاصمة صنعاء في ظروف وملابسات غامضة، حيث لا تزال جثته في ثلاجة مستشفى الكويت التعليمي حتى هذه اللحظة، وبحسب والدة أحمد فإن المستشفى رفضت تسليم الأسرة تقرير طبي بسبب الوفاة وأن الأسرة لم تتمكن من زيارة ابنها إلى بعد خمسة أيام من إبلاغهم بحادثة القتل، وأضافت والدة أحمد لل-MCPD: “المرأة المتهمة في السجن المركزي وقد تم تحويلها للنيابة، لكننا لا نعلم شيء عن الأمر وابني لا يزال في المستشفى”
ورغم الاعتداءات التي تمكنا من توثيقها في المركز الإعلامي لذوي الإعاقة وكيف أفلت مرتكبوها من العقاب فقد كانت هناك صور مشرقة لتطبيق القانون وإنصاف الأشخاص ذوي الإعاقة، ففي 8 أغسطس آب ألقى قسم شرطة باب موسى في تعز القبض على (ي أ) وهو المتهم باقتحام منزل الناشطة عائشة جباري “وهي ناشطة من ذوات الإعاقة السمعية” والاعتداء عليها وعلى عمتها أم زوجها المعاقة حركياً، وذلك بعد بلاغ نشرته في وسائل التواصل الاجتماعي وقام المركز بإعادة نشره والتواصل مع الجهات الأمنية للتحقق من صحة المعلومات.
كما اتخذت مصلحة الضرائب في محافظة إب قراراً بفصل المكلف بتحصيل الضرائب في مدينة القاعدة (حسن قائد) على خلفية اعتدائه على البائع عبد الفتاح الحاج سيف بألفاظ نابية وخادشه للحياء ومحاولة فرض ضرائب عليه خلافاً للقانون، وذلك في 25 سبتمبر أيلول الماضي.
وختاماً لا يزال ذوو الإعاقة يعانون الكثير من الاعتداءات في ظل تجاهل من قبل مؤسسات ذوي الإعاقة والمنظمات الدولية، ووسائل الإعلام المختلفة إلا من تناولات خجولة ومخزية تحاول في الكثير من الأحيان استغلال تلك الانتهاكات للمناكفات السياسية.