قارئ المقال
|
خاص : المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD /محمد الشيباني
لا يستطيع الصعود على السلالم الحديدية، فالتقزم الخلقي الذي يلازمه، يقيد حركته. والأصعب أنه تعرض للتنمر والسخرية من البعض. فهل استسلم يحيى لقدره؟ أم أنه خلق من المعاناة شيئا مختلفا؟
قصتنا اليوم عن الشاب، يحيى محمد يحيى عبد الله القاهرة، الذي لم يرض إلا بالتميز وحول معاناته إلى قصة ملهمة لذوي الإعاقة وكل الباحثين عن الأمل والنجاح المولود من رحم المعاناة. تشبث يحيى بالإرادة، وبكل عزيمة صعد إلى القمة بأعماله الفنية والإبداعية، وحصل على المركز الثالث في إحدى المنافسات على مستوى الجمهورية اليمنية، فمن هو فارس قصتنا هذه المرة؟ لم ينجح يحيى في دراسته فقد، فقد طوى مراحل التعليم المختلفة، ووظف ما استفاده أكاديميا ليكون رصيدا من الخبرات والتجارب في المجتمع ليكون نموذجا إيجابيا لم يستسلم لقيود التقزم ونظرة المجتمع.
هو من مواليد محافظة المحويت، حيث نشأ هناك والتحق بمدرسة القرية حتى نهاية المرحلة الثانوية. ثم انتقل إلى صنعاء ليلتحق بالجامعة، ويبدأ مشواره الأكاديمي حتى تخرج من قسم إدارة الأعمال بجامعة صنعاء. يتذكر يحيى كثيرا من الناس الذين كانوا يحملون نظرة استغراب وتعجب حين يلتقيهم بسبب تقزمه الخلقي، ويقول: “صادفت مضايقات ونظرة قاصرة في المدرسة والجامعة، كانت تشعرني بأني مختلف عمن حولي، لقلة الوعي بين أفراد المجتمع” ويضف: “أمر سيئ حينما ترى أنك قد أصبحت مادة دسمة لمن حولك، ليتندروا بك، ويطلقوا النكات، لأن شكلك مختلف عنهم، فقط لكونك من ذوي الإعاقة، نحن بشر لدينا مشاعر ونرفض أن نكون مادة للفارغين ليتسلوا”
ويشير يحيى إلى أن الذكور أكثر تنمرا عليه من الإناث. فالنساء “رغم قلة تنمرهن إلا أنهن يبادرن لطرح أسئلة خاصة تخفي ورائها شيئا من السخرية والاستهزاء الذي يتضح من طريقة طرح السؤال وملامح الوجه من قبيل “هل أنت متزوج؟! وهل تحب؟” وغيرها من الأسئلة خصوصا في المقابلات الإعلامية بعد ظهور يحيى في مسلسل (سد الغريب) أحد أشهر المسلسلات الذي عرض على بعض القنوات عام 2020.
“أنا راض عما أقدمه.. والأدوار التي أقدمها تمثل شخصيتي في الواقع”
يقول يحيى.
لم يصل يحيى إلى النجاح بسهولة، بل تغلب على النظرة القاصرة والسلبية تجاهه، فقرر ألا يكون هامشيا، أو رقما عاديا، فأخذ يبحث عن الطاقة والإيجابية بداخله، فكان يحيى الممثل المسرحي والفنان الذي بدأ من إذاعة المدرسة في القرية ومرورا بالمشاركات البسيطة في بعض الاحتفالات، وصولا للتمثيل بجوار ألمع وجوه الدراما اليمنية وفي أشهر مسلسلاتها.
حمل القضية
حمل يحيى قضية ذوي الإعاقة على عاتقه، وأحب أن يقدم ذوي الإعاقة كجزء من المجتمع، يشاركون الناس اهتماماتهم وقضاياهم، ويخدمون المجتمع مثلهم مثل غيرهم، وهذا ما جسده يحيى في دور دكتور القرية، الدكتور أنور، في مسلسل (سد الغريب)، من تأليف الكاتبة، يسرى عباس، وإخراج، هاشم هاشم، عام 2020، وعٌرِض على بعض القنوات المحلية. معظم مشاركات يحيى كانت في المسرحيات الموجهة للأطفال مثل مسرحية، سم الحنش، وآخرها مسرحية، مهرجان الرسول الأعظم، الذي حصل فيها على المركز الثالث. يقول يحيى أنه راض عن جميع الأدوار التمثيلية التي أداها، إلا أنه وخلاف المعروف يقول: “أنا لا أمثل إلا الأدوار التي أقتنع بها، وبأنها تمثلني في الواقع، وتمثل شخصيتي”. يشيد يحيى بتعاون وتقبل الوسط الفني له بشكل كبير، كما يقول أنه متأثر كثيرا بالفنان، يحيى إبراهيم، الذي سانده كثيرا وما يزال، في مشواره الفني.
أعمال تطوعية
يعشق يحيى الأعمال التطوعية والمبادرات الخيرية، وهو عضو في بعضها، ويعتقد أنها تمثل له تفريغ للطاقة السلبية، وبأنها تمثل له محطة تزود بالأفكار الإيجابية التي يحتاج لها الجميع على حد تعبيره. ويتطلع يحيى للمستقبل ويوجه رسالة للأشخاص ذوي الإعاقة وللجميع، ويقول: “لا تنظر إلى الأسفل بل انظر إلى أمامك، والجانب المزهر منك، انظر إلى الجزء الممتلئ من الكوب، وكن قاهرا لليأس والإحباط والنظرات السلبية فثمة عيون معجبة، وثمة نفوس راقية تستحق أن تأخذها باعتبارك وتتجاهل ما دونها”.