قارئ المقال
|
خاص: سهير عبدالجبار/
في يوم المرأة العالمي والذي يصادف 8 مارس من كل عام تحتفل النساء حول العالم بما تحقق لهن من منجزات ويطالبن بالمزيد، وفي نفس الوقت تجد النساء ذوات الإعاقة في اليمن التهميش والصعوبة في المطالبة بحقوقهن ويقعن بين ناري خجل بعض الأسر من وجود بنات ذوات إعاقة وعدم تقبل المجتمع لهن أسوة بغيرهن من النساء والفتيات بعيداً عن نظرة الشفقة والرحمة أو الانبهار المبالغ فيه إزاء إي إنجاز يقمن به.
تقول فلة القباطي، رئيس مركز فتيات الصم الرياضي التنموي: “أكثر ما يعيقنا هو المجتمع وعدم تقبله لنا، كما أننا نشعر بالعزلة عن محيطنا الاجتماعي، ولانجد الفرصة لكي نتحاور مع المجتمع لأن هناك فجوة بيننا فهم لا يفهمونا ولا نفهمهم، نشعر بحزن وغضب وخجل منهم وثم نتعود أن نكون مكافحين مستقلين بحياتنا”
قد تكون بعض الفتيات معاقات منذ الولادة بينما يتعرضن أخريات للإعاقة فيما بعد بسبب حادث أو مرض ما ويؤثر على تفاصيل كثيرة من حياتهن،
وهنا يأتي دور الأسرة والشخص نفسه في مساعدة نفسه وتقبل ما حدث، ويأتي دور المجتمع ثانياً ليعين المعاق.
وفي حين تخجل بعض الأسر من وجود ذوات إعاقة بين أبنائها تقدم أسر أخرى نماذج متميزة في التعامل مع بناتها ذوات الإعاقة.
حياة الأشموري، وهي كفيفة وناشطة في مجال الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي أثبتت جدارتها و تحدت الظروف البيئية والتكنولوجية غير المهيئة، تقول: “أنا ساعدت نفسي بأن تقبلت اعاقتي، ولم تشعرني أسرتي بأنني أقل من أحد وتكيفت مع وضعي وقدمت لي الكثير”
تضيف الأشموري: “أعتبر أن للجمعيات ومؤسسات ذوي الإعاقة والمجتمع دوراً مهماً في ترسيخ ثقافة التقبل والدمج بين المعاقين وباقي فئات المجتمع، ،فمن خلال انضمامي من طفولتي لجمعية الأمان لرعاية الكفيفات درست في المعهد التابع للجمعية حتى الصف السادس، ثم جاء دور الدمج بإلحاقي وزميلاتي في المدارس العامة من الصف السابع وحتى الثالث الثانوي، وكذلك في المرحلة الجامعية”
غير أن الكثير من الجمعيات ومؤسسات ذوي الإعاقة قد توقفت عن تقديم بعض الخدمات التأهيلية والاجتماعية وبعضها تعرضت للإغلاق تماماً بسبب الحرب المستعرة منذ ثمان سنوات ما يشكل تراجع عن الأدوار المتميزة التي كانت تلك المؤسسات قد قطعت شوطاً لا بأس به قبل الحرب.
من ناحيتها تعتقد الدكتورة لينا العبسي، الأستاذ المساعد في قسم علم الاجتماع، أن الأمر ليس بتلك السهولة وتقول: “الموضوع أكبر من الخجل بالنسبة للفتاة المعاقة فهي تخاف من أن يتم استغلالها وتهميشها أو أن تجد تعامل سيء أو رافض لها، كذلك تخاف الفشل لان هناك نقص في تقدير الذات وشعورها بأنها أقل شأناً من الأخريات”
وتلفت النظر الخبيرة الحقوقية الدولية رجاء المصعبي، إلى التمييز داخل الأسر التي ربما تتقبل ابنها المعاق الذكر فيما تتحرج وتخجل إذا كانت ابنتها معاقة، وتضرب مثال بأن أسر الذكور ذوي الإعاقة قد تذهب للخطبة لأبنائهم بينما لا تتقبل فكرة زواج ابنتهم ذات الإعاقة.
أما عن تقييمها لدور المنظمات الإنسانية ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة فقدإضافت المصعبي بالقول:
“إن منظمات المجتمع المدني فيما يتصل بقضايا النساء ذوات الإعاقة لا تعيرها أي اهتمام وتعمل من منظور (التسول)، ومؤسسات الدولة لاتغطي 20% من نفقات المعاقين وتعمل بشكل رعائي ، فهي لم تحتضن المعاق بشكل عام”
على الرغم من تحقيق العديد من النساء ذوات الإعاقة نجاحات شخصية ومؤسسية إلا أن العدد الأكبر منهن يعانين التهميش والحرمان من أبسط الحقوق الأساسية، وترتبط نظرة الخجل من وجود ابنة ذات إعاقة عند بعض الأسر بالدونية والنقص وأن ذلك قد يؤثر على المركز الاجتماعي لها ما يترتب عليه إخفاء للفتيات ذوات الإعاقة وحرمانهن من التعليم أو الالتحاق بمؤسسات ذوي الإعاقة.
من ناحية أخرى تفتقر اليمن لوجود إحصائيات دقيقة عن ذوي الإعاقة عموماً فضلاً عن وجود إحصائيات فئوية تحدد الأطفال ذوي الإعاقة أو النساء ذوات الإعاقة، وما يتم تداوله هي إحصائيات تقريبية حيث قدرت منظمة الصحة العالمية ومنظمات دولية أخرى إلى بداية العام 2020 أن أعداد ذوي الإعاقة في اليمن تصل إلى أربعة مليون ونصف المليون إنسان بينما قدرت الأمم المتحدة أعداد ذوي الإعاقة في خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لهذا العام بأربعة مليون وتسع مائة ألف شخص.
وفيما تحشد الأمم المتحدة والمنظمات النسوية حول العالم الجهود التوعوية في اليوم العالمي للمرأة بالمناداة بحق النساء في الفضاء الرقمي لا تزال النساء ذوات الإعاقة يخضن معركة الاعتراف بحقوقهن الأساسية في مختلف المجالات وفي مقدمتها التعليم وحق العمل، فضلاً عن الكرامة الإنسانية وعدم التهميش والحرمان والتعرض للتعذيب والإخفاء ومعاملتهن كجالبات للنقص والازدراء في أسرهن كما تقول الناشطات ذوات الإعاقة.