خاص : إبراهيم محمد المنيفي /
“أقف إجلالاً واحتراماً للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة ورفضه الأخطاء التي وردت بحق ذوي الإعاقة في كتاب الوطنية للصف السابع وتصويبه لتلك الأخطاء والتجاوزات التي لا تتماشى وتوجهات وزارة التربية بدمج ذوي الإعاقة ومدارس التربية الشاملة” هاجر اللهبي، معلمة مادة الاجتماعيات بمركز النور للمكفوفين، في حديث لل-MCPD عن التصويبات التي عدلتها الوزارة في الطبعة الجديدة، تضيف هاجر: “لقد إطلعت على التصويبات التي تقدم بها المركز، وقد كانت في مكانها المناسب، وقدمت الصورة الصحيحة عن ذوي الإعاقة علماً أنه ما تزال هناك بعض الأخطاء في الطبعة الجديدة فيما يخص الوحدة الخاصة بذوي الإعاقة”.
نفرد هذا التقرير لقصة انتصار حقوقي كبير يعتقد المركز الإعلامي لذوي الإعاقة MCPD أنه حققها خلال أشهر من المناصرة والمتابعة الحثيثة.
تقرير فاحتجاج فتوقيف فتعديل.. القصة من البداية
بدأت القصة حينما نشر المركز الإعلامي لذوي الإعاقة في 18 يناير كانون الثاني 2022 تقرير صحفي بعنوان:
“رفض لمضمون وحدة دراسية عن المعاقين، والوزارة تعد بالتصويب”.
تحدث التقرير عما وصفه بالتناول الرعائي الطبي المتحيز لذوي الإعاقة في مادة الاجتماعيات- كتاب الوطنية- للصف السابع الأساسي، طبعة 2021 الوحدة الرابعة، معتبراً ما جاء في الوحدة تناقضاً مع التوجه الحقوقي الذي ينتهجه العالم تجاه ذوي الإعاقة وتكريساً لنظرة الوصمة تجاه الإعاقة.
وذكر معلمون ومختصون في تصريحات للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة في التقرير أن مضامين الوحدة تحتوي على أخطاء علمية ومنهجية فضلاً عن الأخطاء الحقوقية، ونوهوا إلى أن ذلك يتنافى مع روح الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة ومخالفة صريحة لمضامين القوانين المحلية ذات الصلة وفي مقدمتها القانون رقم 61 لسنة 99 بخصوص رعاية وتأهيل المعاقين ولائحته التنفيذية.
وفي يوم السبت الموافق 29 يناير كانون الثاني 2022-م رفع المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة مذكرة حقوقية بخصوص الأخطاء والتناول غير الحقوقي للأشخاص ذوي الإعاقة في الوحدة المذكورة وأرفقها بدراسة تفصيلية للأخطاء الواردة في الوحدة بذكر الخطأ ورقم الصفحة، مقترحاً التصويبات المناسبة لكل خطأ أو تجاوز حقوقي وعلمي مستنداً للقانون اليمني والاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة CRPD والمراجع المحكمة ذات الصلة،
وبناء عليه وجه د. ضيف الله الدريب، مدير عام المناهج بوزارة التربية والتعليم، بتوقيف الطباعة واستيعاب الملاحظات المرفوعة من قبل المركز في الطبعة القادمة بعد إحالتها للمختصين.
يقول ضيف الله الدريب: ” رغم تحفظ المؤلفين على الخطوة معتقدين أنما طرحوه عن ذوي الإعاقة كان نتيجة بحث طويل، إلا أننا استقبلنا التصويبات التي رفعها المركز بتشكيل لجنة من الباحثين في الوزارة وأكاديميين متخصصين في جامعة صنعاء، وبعد رجوع الباحثين والأكاديميين للمراجع وجدوا أنما تقدم بها المركز من تصويبات صحيحة ودقيقة وتم اعتمادها في الطبعة الجديدة 2022″
ماهي الأخطاء؟ وكيف تم التصويب؟.
سبعة وعشرين خطأ قانوني وعلمي وحقوقي رصدها ال-MCPD في كتاب الوطنية الوحدة الرابعة للصف السابع توزعت على دروس الوحدة وعددها أربعة دروس جاءت في 13 صفحة، يقول دارس البعداني، رئيس المركز الإعلامي لذوي الإعاقة MCPD: “لقد رصدنا الأخطاء وقمنا بدراسة تحليلية متخصصة ورفعنا مذكرة لإدارة المناهج بوزارة التربية والتعليم أرفقناها بالأخطاء ومقترحات التصويب والمراجع العلمية والقانونية للتصويب”
وفي الطبعة الجديدة تم استيعاب 11 خطأ علمي وقانوني وحقوقي بالتعديل والتصويب، ورغم أنما تم استيعابه يمثل 41% من حيث العدد إلا أنها تمثل أهم التصويبات الرئيسية التي تقدم بها ال-MCPD، نذكر نماذج منها:
قانونياً: الاعتراف بمصطلح ذوي الإعاقة بعد اعتباره وصمة في الطبعة السابقة، والتمييز بوضوح بين مصطلحي “ذوي الإعاقة، وذوي الاحتياجات الخاصة”، حيث تمت إضافة المصطلح لعنوان الدرس الأول ليكون: “ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الإعاقة”، وتكرر السؤال مرتين في تقويم الدرس بوضوح عن التفريق بين المفهومين ، (ص64).
وأوردت الوزارة في الطبعة الجديدة التعريف الذي اقترحه ال-MCPD لذوي الاحتياجات الخاصة بالنص، واعتمدت تعريف قريب جداً من التعريف القانوني الذي اقترحه الMCPD كذلك.
حقوقياً: أشارت الوزارة في الطبعة الجديدة إلى أن الإعاقة اختلاف وجزء من التنوع الطبيعي للمجتمع، بدلاً من اعتبارها للإعاقة في الطبعة السابقة حالة صحية وأن المعاقين أشخاص غير طبيعيون، كما جاء في الطبعة الجديدة مصطلح “معاقين عقلياً” بدلاً من “متخلفين عقلياً” الذي اعترض عليه ال-MCPD سابقاً بشدة.
وعندما تخللت الطبعة السابقة عبارة توحي بأن الإعاقة وصمة احتج المركز بهذا النص مرفق بصورة الصفحة التي وردت فيها العبارة وقال: “استنادا للقوانين المعمول بها في اليمن والاتفاقية الدولية التي صادقت عليها اليمن فإن ذوي الإعاقة هو المصطلح القانوني والذي يرغب ذوو الإعاقة أن يشار لهم به حفظاً لحقوقهم وتجاوزاً لاعتبار الإعاقة وصمة يجب تجنب ذكرها بل اختلاف يجب احترامه.”
واستجابةً لذلك تم حذف العبارة التي وردت في صفحة 65 في طبعة 2021 والتي كان نصها:
“والأفضل اسم ذوي الاحتياجات الخاصة حتى لا نجرح مشاعرهم“
علمياً: عدول الوزارة في الطبعة الجديدة عن اعتبار جميع كسور الجهاز العظمي إعاقات إلى أن بعض كسور الجهاز العظمي فقط هي إعاقات.
منهجياً: تطرقت الطبعة الجديدة لذكر حاجات بعض فئات ذوي الإعاقة المهمة التي تم إهمالها في الطبعة السابقة وذلك في ص (69،70)
كما أن الوزارة قد استجابت في الطبعة الجديدة لتصويبات المركز بخصوص عدم ذكر بعض أهم مؤسسات ذوي الإعاقة مقابل ذكر أخرى، وتم ذكر كلاً من: “الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين، ومركز النور للمكفوفين، وجمعية التحدي للمعاقات حركياً، وجمعية الأمان للكفيفات” والأخيرة كانت قد تم ذكر اسمها باختزال على أنها “مدرسة أمان” بينما تم التصويب في الطبعة الجديدة والتمييز بين جمعية الأمان ومدرسة الشهيد فضل الحلالي ومركز أمان للتأهيل والتدريب وهذين الأخيرين من مرافق الجمعية.
فضلاً عن حذف اسم مؤسسة أفاد ال-MCPD أنها قد أُغلقت وتوقفت عن العمل منذ سنوات.
إشادات بال- MCPD..والوزارة تغلق الباب في وجوه ذوي الإعاقة.
أشادت ليزا الكوري، مسؤول العلاقات والإعلام بجمعية الأمان للكفيفات، بما قام به ال-MCPD وقالت: “ما قام به المركز الإعلامي خطوة مهمة لم يلتفت لها الكثير ونحن نثمنها ونؤكد على أهميتها، وعلى المسؤولية عما يتعلمه الطلاب من معلومات وتصورات عن ذوي الإعاقة وضرورة أن تكون صحيحة وغير متناقضة”، وطالبت ليزا بأن تتضمن المناهج قضايا ذوي الإعاقة في مختلف المراحل وعدم الاكتفاء بحشرها في فصل واحد.
من جهتها ثمنت هاجر اللهبي، التفات الوزارة لقضايا ذوي الإعاقة وتضمينها في المنهج الدراسي، ودعت إلى أهمية تجاوز باقي الأخطاء التي استمرت مع الطبعة الجديدة.
وبخصوص بعض الأخطاء العلمية والقانونية والحقوقية التي ظهرت في الطبعة الجديدة وإمكانية استيعابها من قبل الوزارة في الطبعات القادمة قال ضيف الله الدريب في تصريح لل-MCPD: “للأسف هذا هو المتاح حالياً ولا نستطيع التعديل أكثر من هذا وقد عرضنا الأمر على أكاديميين وباحثين وأفادوا أن التعديلات الأخيرة هي المتاحة فقط، وأننا نواجه احتجاج من الميدان بسبب التعديلات لأن الكتاب السابق سينتهي ولا يمكن الاستفادة منه”
من ناحيته شكر دارس البعداني، الوزارة على تفاعلها وتجاوبها الكبير مع ما تقدم به المركز من تعديلات وتصويبات، وفي المقابل طالب البعداني بضرورة تجاوز جميع ما قد تكون أخطاء علمية أو قانونية أو حقوقية فالمنهج يؤسس لجيل بأكمله ومن غير المعقول ولا المقبول أن يتلقى هذا الجيل معلومات خاطئة أو منقوصة عن ذوي الإعاقة على حد تعبيره، مطالباً مؤسسات ذوي الإعاقة أن تقود تحرك فاعل لتضمين قضايا ذوي الإعاقة في المناهج الدراسية في مختلف المراحل بشكل علمي وواقعي ودقيق.