المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى بمناصرة حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة

اليمن: أكبر دولة ملغومة في العالم والضحايا بلا اهتمام.

اليمن: أكبر دولة ملغومة في العالم والضحايا بلا اهتمام.

خاص : إبراهيم محمد المنيفي /

“كنت أرعى الأغنام، في عرض أحد الجبال وفجأة انفجر بي لغم أرضي تسبب لي بإعاقة حركية متوسطة لازلت أعاني تبعاتها منذ تسعة عشر سنة” أمل محمد من محافظة إب مديرية العود وسط اليمن تحكي للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة قصتها مع الألغام، حيث تقول أنه انفجر بها لغم أرضي عام 2003 أثناء ممارستها للرعي، وتضيف: “لقد تغير كل شيء في حياتي فأصبحت من ذوات الإعاقة بعد أن كنت بكامل قدراتي”
وتتساءل –لبيبة عبده سيف، رئيس الجمعية اليمنية للناجين من الألغام بصنعاء: “من منح المجرمين الضوء الأخضر لقتلنا واغتيال مستقبلنا؟، من سيعوض الضحايا في ضل تفاقم المشكلة أكثر وأكثر؟”


صادقت اليمن في سبتمبر عام 1998 على اتفاقية أوتاوا الخاصة بحضر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدميرها، وأعلنت الحكومة اليمنية في عام 2002 تخلصها من مخزونها من الألغام نهائياً، وهو ما دحضته تقارير دولية تعرفت على أنواع وطرازات من الألغام التي استعملتها بعض الأطراف المسلحة تعود صناعتها لجمهورية ألمانيا الشرقية والاتحاد السوفيتي.

أرقام صادمة، واليمن أكبر دولة ملغومة في العالم.

ومع أن اليمن كانت قد قطعت شوطاً كبيراً في التخلص من الألغام إلا أنه وحتى ما قبل الحرب الأخيرة كان لا يزال يسقط بعض الضحايا وخصوصاً في المناطق الوسطى، إلا أن في الحرب الأخيرة أُعيدت الجهود إل مربع الصفر، حيث تتحدث المنظمات المحلية والدولية عن أرقام مفزعة للألغام والذخائر العنقودية غير المنفجرة في اليمن.

يقول مرصد الألغام الأرضية والذخائر العنقودية، وهو مبادرة تراقب الإمتثال مع معاهدة حضر الألغام أن عدد ضحايا الألغام الأرضية والذخائر العنقودية ناهز خلال العام الأول للحرب الذي اندلعت عام 2014-2015 قرابة الثلاثة ألف ضحية، وقال –أمين القصيبي، المدير التنفيذي لمشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام مطلع هذا العام: “إنه لم يسبق للفرق الهندسية أن تعاملت مع مائتين إلى مائتين وخمسين لغم في يوم واحد إلا في محافظة شبوة جنوب اليمن، وأنه لا تزال قرى محاصرة بالألغام وخصوصاً في مديرية بيحان”

وفي مقابلة مع وكالة شينخوا الصينية في عام 2021 قال أمين العقيلي، مدير البرنامج الوطني لمكافحة الألغام: “إن اليمن يواجه كارثة إنسانية نتيجة حقول الألغام العشوائية المنتشرة في مساحة واسعة من البلاد”
من جهته صنف البرنامج الدولي إكلد Ecled اليمن أكبر دولة ملغومة في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، مشيراً في تقرير أصدره بداية العام 2019 إلى أن الألغام المجهولة والأجهزة المتفجرة البدائية (العبوات الناسفة) لا تزال تشكل خطراً على اليمنيين في جميع أنحاء البلاد

تمثل القنابل العنقودية والذخائر غير المنفجرة نفس الخطر الذي تمثله الألغام المضادة للأفراد من حيث استمرارية خطرها أثناء الحرب وحتى إلى عشرات السنوات ما بعد توقف الحرب، غير أن هناك انتقائية في الرصد والتوثيق وتمييز حسب نوع الخطر يختلف باختلاف الأطراف في اليمن.

يقدر أمين العقيلي أنه قد تمت زراعة أكثر من مليون لغم مضاد للأفراد منذ بداية الحرب حتى بداية العام 2021، وخلال الفترة من 2018 2021 قال مشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية أنه انتزع 320184 لغماً وذخيرة متفجرة من المناطق التي كانت تسيطر عليها بعض الأطراف في المقابل قال العميد –علي صفرة، مدير المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام، ومقره صنعاء: “إن المركز قد رصد ووثق 2500 غارة جوية استخدمت القنابل العنقودية، كما انتزع المركز 3 مليون و133 ألف و36 من القنابل الفرعية والصغيرة”، ولفت صفرة إلى أن المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام وثق ورصد استخدام 15 نوعاً وطرازاً من القنابل العنقودية توزعت على: تسعة أنواع أمريكية، وأربعة أنواع برازيلية، وإثنان أنواع بريطانية، فيما بلغت الأنواع مجهولة الهوية ثلاثة أنواع.


من جانبه قال مشروع نزع الألغام التابع للأمم المتحدة أنه يوجد متفجرات في مناطق واسعة من الأراضي اليمنية بما في ذلك المناطق المأهولة بالسكان، المشروع الذي بد عمله في ديسمبر كانون الأول عام 2016 ويستمر حتى ديسمبر كانون الأول المقبل أعلن مؤخراً أنه قام بمسح وتطهير حوالي 23 مليون متر مربع وأزال ما يقرب من 635 ألف قطعة من الذخائر والألغام المتفجرة.

وبالتزامن مع اليوم العالمي للتوعية بخطر الألغام الذي وافق الرابع من أبريل نيسان والهدنة الإنسانية التي رعتها الأمم المتحدة بين مختلف الأطراف في اليمن أعلنت اللجنة الوطنية للتعامل مع الألغام والمركز التنفيذي للتعامل مع الألغام الطوارئ الإنسانية لنزع آلاف المخلفات الحربية للغارات الجوية على حد تعبير العميد –علي صفرة.

وعلى الرغم مما تقوم به المنظمات المحلية والدولية وفي مقدمتها منظمات الأمم المتحدة من جهود في هذا الموضوع إلا أنه ما تزال معاناة المدنيين مستمرة بسبب الألغام التي تمت زراعتها بطول اليمن وعرضها وبشكل عشوائي وبدون وجود خرائط تسهل عمل فرق نزع الألغام، الأمر الذي يشكل تهديداً مباشراً للسكان وسط تزايد أعداد الضحايا المدنيين ومعظمهم من النساء والأطفال.

وقد امتنعت –لبيبة عبده سيف، رئيس جمعية الناجين من الألغام عن إعطاء إحصائية بعدد الضحايا بسبب ما قالت إن الضحايا يتزايدون يومياً وأنه لا يوجد رصد دقيق وشامل في ضل الظروف التي تمر بها اليمن في الوقت الحالي.وفيما تتركز الجهود على نزع الألغام والذخائر غير المنفجرة، تغيب الجهود الموازية لاستصدار قرارات دولية تجفف مصادرها وتجرم مستخدميها.

كما أن المنظمات العاملة في هذا المجال تركز على الجانب الميداني والفرق الهندسية وتتجاهل بشكل كبير الخدمات والرعاية الصحية لضحايا الألغام، يقول –عبد الله الخميسي، مدير حماية الأطفال في منظمة اليونيسيف بالحديدة للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة: “إننا قد توقفنا للأسف عن تقديم المساعدات الصحية وغيرها لضحايا الألغام بسبب قلة التمويل، وإننا نمارس دورنا في تقديم برامج الحماية الإنسانية للأطفال المعاقين جراء الألغام في حدود الإمكانيات المتاحة”

بقعة ضوء.

رغم التقصير الكبير الذي يتعرض له الناجون من الألغام إلا أن مجموعة من الضحايا المؤهلين والذين يمتلكون خبرات إدارية قد قاموا بتأسيس “الجمعية اليمنية للناجين من الألغام” وهي جمعية مستقلة تُعنى بإعادة تأهيل ضحايا الألغام ودمجهم في المجتمع اقتصادياً واجتماعياً والدفاع عن الحقوق.
ويقول القائمون على الجمعية أنهم قد قاموا من خلالها بتدريب وتأهيل ضحايا الألغام على العديد من المشروعات الاقتصادية مثل: مشروع المطابع، ومراكز الخياطة، والحياكة، والحدادة، وتربية النحل، وتربية المواشي، والبقالات الصغيرة وغيرها.

صورة لجانب الحضور في الفعالية
صورة للحضور

اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام

اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام

اعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 97/60 المؤرخ في 8 كانون الأول/ديسمبر 2005، يوم 4 نيسان/أبريل من كل عام رسميا اليوم الدولي للتوعية بالألغام والمساعدة في الأعمال المتعلقة بالألغام. ودعت إلى استمرار الجهود التي تبذلها الدول، بمساعدة من الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة المشاركة في الأعمال المتعلقة بالألغام، للقيام، حسب الاقتضاء، بتشجيع بناء قدرات وطنية وتطويرها في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام في البلدان التي تشكل فيها الألغام والمخلفات المنفجرة للحرب تهديدا خطيرا على سلامة السكان المدنيين المحليين وصحتهم وأرواحهم، أو عائقا أمام جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية على الصعيدين الوطني والمحلي.

وكان عمل دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام خلال العشرين سنة الماضية مدفوعات دوما باحتياجات المتضررين، حيث أُعد لمواجهة تهديد مخاطر المنفجرات التي يواجهها المدنيون وحفظة السلام والعاملون في المجال الإنساني. وتعمل دائرة الأمم المتحدة لمكافحة الألغام على حماية الأنفس وتسيهل نشر البعثات الأممية وتقديم المساعدة الإنسانية وحماية المدنيين ودعم جهود العودة الطوعية للمشردين داخليا واللاجئين وتعزيز الأنشطة الإنسانية وأنشطة الإنعاش وبذل جهود دعوية في ما يتصل بالقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي. وتعتبر الإجراءات المتعلقة بالألغام عملاً إنسانياً لإنها تنقذ الأنفس.

وتضمن تلك الإجراءات إيجاد الألغام الأرضية وأخطار المواد المنفجرة في المناطق التي مزقتها الحروب ومن ثم تدمير تلك الألغام والمواد، مما يمكن في نهاية المطاف من إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين لها. وتنسق إدارة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام أعمال فرق لتطهير الطرق والمدارج من المواد المنفجرة فضلا عن تدريب السكان المحليين على إزالة الألغام والتخلص من المواد المنفجرة.

ولذا، فعمل هذه الإدارة الأممية هو عمل أولي حاسم في الجهود الإنسانية التي تبذل في ما بعد. في عام 2022، تحتفل دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام باليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام تحت شعار ’’أرض مأمونة، وخطوات مأمونة، ومنزل مأمون‘‘. وينصب تركيز الاحتفال على الإنجازات الرائعة في مجال العمل العالمي المتعلق بالألغام، بدءًا من عمل الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية —التي تأسست في عام 1992 وحصلت على جائزة نوبل للسلام في عام 1997— وكذلك على الإنجازات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة منذ دخول اتفاقية حظر الألغام حيز التنفيذ في 1999، فضلا عن تسليط هذه المناسبة الضوء على العمل الذي يتعين استكماله.

وفي حين أن مصطلح ’’الأرض المأمونة‘‘ هو اسم الحملة العالمية الرامية إلى “تحويل حقول الألغام إلى ملاعب” التي دشنها الأمين العام للأمم المتحدة في عام 2019، فضلا عن أنه مصطلح يشير إلى مفهوم تطهير الأرض من الألغام الأرضية وغيرها من مخاطر المواد المنفجرة مما يسهل تطويرها. فإن مصطلح ’’الخطوات المأمونة‘‘ فيُراد به لفت الانتباه إلى خوف كثيرين من أن تتسبب تنقلاتهم اليومية في أي لحظة في تفجير مادة منفجرة ربما أدت إلى تشوههم أو قتلهم. ويصف ذلك المصطلح كذلك الإجراءات التي يستخدمها خبراء إزالة الألغام عند الاقتراب من المناطق الخطرة بما في ذلك تطبيق تقنية جديدة لإزالة المواد المنفجرة إزالة مأمونة الجانب. أما مصطلح ’’المنزل المأمون‘‘ فيراد به استعادة الأمن الشخصي للفرد والجماعة في حالات ما بعد الصراع. وليس لـ’’المنزل‘‘ بديل، لذلك فمن الصعوبة بمكان تحصل الشعور بالأمن بدون استبباب الأمن فيه وفي المجتمع.