الوسم: قوانين
خاص / إبراهيم محمد المنيفي..
برز مؤخراً ذوو الإعاقة في وسائل الإعلام بشكل لافت وخصوصاً الإذاعة ومجال الإعلام الجديد.وتواجه الإعلاميين من الأشخاص ذوي الإعاقة صعوبات ومشاكل أخرى بالإضافة للصعوبات التي تواجه غيرهم من الإعلاميين، نتوقف اليوم عند اثنتين منها وهي:
-الحق في حرية الرأي والتعبير.
-حق الحصول على المعلومات.
فقد جاء في المادة 21 من الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة “إن على الدول الأطراف أن تتخذ جميع التدابير المناسبة التي تكفل ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة لحقهم في حرية التعبير والرأي، بما في ذلك الحق في طلب معلومات وأفكار، وتلقيها، والإفصاح عنها، على قدم المساواة مع الآخرين، وعن طريق وسائل الاتصالات التي يختارونها بأنفسهم”
لقد اشتكى الكثير من الإعلاميين ذوي الإعاقة من تقييد حرياتهم في الوسائل الإعلامية التي يعملون بها بوضع صعوبات بيروقراطية تمنعهم من تناول مواد إعلامية ذات اهتمام عام، وحصرتهم حال تم قبولهم في البرامج والقوالب التي تتحدث عن قضايا ذوي الإعاقة.
كما أن نشطاء التواصل الاجتماعي من ذوي الإعاقة يواجهون تحفظاً من المجتمع عند مناقشتهم لقضايا سياسية أحياناً، أو تمييز استثنائي وخاص لمنشوراتهم وتعليقاتهم حتى لو كانت عادية في نظرة تتضمن المقارنة برأي الخصوم وصوابية رأي المعاق رغم إعاقة، وهذا ما يوحي أن المعاق رغم نقصه ودونيته يقول رأياً صائباً وفق نظرتهم، وهذا تمييز يسيء لذوي الإعاقة كونه يعبر عن توقعات منخفضة.
وبالعودة للحديث عن حرية التعبير فإنها لابد أن تشمل بالضرورة حرية التعبير في الشأن العام للمجتمع، وهذه الحرية يجب أن تكفلها الدولة والمجتمع على حد سواء.
-أما الحق في الحصول على المعلومات فهو من أبسط الحقوق التي يجب أن يتمتع بها كل المواطنين دون استثناء، وبالإضافة للموانع السياسية والأمنية، أو حتى الاقتصادية والبيروقراطية التي تشكل صعوبات أمام الإعلاميين والصحفيين في الحصول على المعلومات فإن هناك صعوبات من نوع آخر يواجها الإعلاميون والصحفيون ذوي الإعاقة تتمثل في عدم مراعاة إمكانية الوصول، وعدم توفير المعلومات بأساليب وطرق تمكن الإعلاميين والصحفيين ذوي الإعاقة من الوصول إليها بكل سهولة ودون تحمل أعباء إضافية.
فالمعلومات الموجهة لعامة الناس من الجهات الحكومية أو الجهات الخاصة ذات النفع العام يجب أن يتم تقديمها بطرق تناسب ذوي الإعاقة كطريقة برايل للمكفوفين، ولغة الإشارة للصم وغيرها، وذلك إعمالاً للفقرة (ا) من المادة 21 من الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة التي تنص على التالي:
“تزويد الأشخاص ذوي الإعاقة بمعلومات موجهة لعامة الناس باستعمال الأشكال والتكنولوجيات السهلة المنال والملائمة لمختلف أنواع الإعاقة في الوقت المناسب وبدون تحميل الأشخاص ذوي الإعاقة تكلفة إضافية”
كما أن المسؤولية لا تتحملها الدولة أو مصادر المعلومات المباشرة فحسب، بل أن على مقدمي الخدمات الإعلامية من قنوات وإذاعات وصحف ومواقع إلكترونية أن تراعي وصول الأشخاص ذوي الإعاقة لتلك المعلومات، وذلك بمراعاة مجموعة من النقاط أهمها:
-توفير ملاحق بطريقة برايل ولغة الإشارة بالصحف الحكومية وغير الحكومية أسوة بالدول الأجنبية أو التجربة المصرية مع صحيفة أخبار اليوم السابع.
-اعتماد شرط إمكانية الوصول وتوافق المواقع الإلكترونية مع البرامج الناطقة للمكفوفين شرطاً عند منحها ترخيص من الجهات المختصة.
– اعتماد مترجم لغة الإشارة في أهم البرامج التلفزيونية.
– الإشارة صوتياً في القنوات التلفزيونية لصور والمشاهد ووصفها قدر الإمكان، وعدم الاكتفاء بكتابة الأوقات والعناوين عند الإعلان عن سلع أو برامج وغيرها.
وذلك إعمالاً للفقرة (ج) من المادة 21 من ذات الاتفاقية التي نصت على:
“حث الكيانات الخاصة التي تقدم خدمات إلى عامة الناس، بما في ذلك عبر شبكة الإنترنت على تقديم معلومات وخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة بأشكال سهلة المنال والاستعمال”
والفقرة (د) التي نصت على:
“تشجيع وسائط الإعلام الجماهيري، بما في ذلك مقدمي المعلومات عن طريق شبكة الإنترنت على جعل خدماتها في متناول الأشخاص ذوي الإعاقة”
ومما سبق نفهم إن حق الحصول على المعلومات وكذلك حرية التعبير هي حقوق يجب أن يحصل عليها ذوو الإعاقة، ولكي يتم الحصول عليها يجب أن تتوفر الإمكانيات المادية والبشرية والتدريبية لمنح ذلك الحق لذوي الإعاقة سواءً كإعلاميين ومقدمي محتوى، أو كجمهور ومتابعين.
8- الحق من الحماية للحيلولة دون الاستغلال.
خاص: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة، إعداد-إبراهيم محمد المنيفي.
فيما يشكوا الأشخاص ذوي الإعاقة من نظرة الشفقة والرحمة المبالغ فيها ويطالبون بأن يتم النظر إليهم ومعاملتهم كباقي أفراد المجتمع، إلا أنه وعلى النقيض فإن هناك أمور خطيرة خلف الجدران مسكوت عنها، أو لا يريد الكثير الحديث عنها مجاملة لبعض الجهات أو راحة للبال مثل قضية تعرض ذوي الإعاقة للاستغلال والعنف والاعتداء، والكلمة أمانة والإعلام مسؤولية ورسالة ولابد من التطرق إلى هذا الموضوع الخطير وطرحه على الجميع.
أعزاءنا القراء والقارئات قد لا تصدقون أن هناك أفراد من ذوي الإعاقة يتعرضون لأسوأ حالات العنف والاستغلال بكل أشكاله وأنواعه، وفي حلقتنا هذا الأسبوع سنتحدث عن ظاهرة استغلال ذوي الإعاقة، وذلك إما داخل أسرهم، أو الأسر المضيفة لهم، أو في بعض مرافق ومؤسسات ذوي الإعاقة، أو خارج تلك الأطر المؤسسية.
على خلاف الكثير من الأسر المحترمة التي تهتم بأبنائها وترعاهم فإن هناك بعض الأسر منزوعة الدين والحياء التي تستغل إعاقة أبنائها أسوأ استغلال، ولا تتورع باعتبارهم مصدراً للترزق والتسول إما من خلال الدفع بهم إلى الشوارع والمساجد، أو انتهاك كرامتهم وتصويرهم بأوضاع مزرية والتسول بها في وسائل التواصل الاجتماعي.
كما أن بعض مؤسسات ذوي الإعاقة وبعض البرامج في وسائل الإعلام قد تمارس هذا الدور السيئ في استغلال ذوي الإعاقة لتحقيق الشهرة أو التربح والثراء غير المشروع.
فكم من مشاريع استثمارية وسفريات؟!، وكم من منظمات ومؤسسات تتحدث باسم ذوي الإعاقة فيما لا يجني ذوو الإعاقة منها إلا الفتات؟!؟!.
كم من تاجر يوزع مواده المقاربة على الانتهاء على المعاقين للتخلص من بعض الالتزامات الزكوية؟ أو يدعي أنه يستورد مواد وأدوية لذوي الإعاقة لإعفائها ضريبياً؟!.
قطعاً لا نعني الجميع، لكن الحديث عن البعض الذي يستغلون ذوي الإعاقة وقد يكون بعضهم من ذوي الإعاقة أنفسهم، وما كان لهذا أن يكون لولا غياب الشفافية والمساءلة المجتمعية من ذوي الإعاقة والنشطاء الحقوقيين للدولة ومؤسسات ذوي الإعاقة ومنظمات حقوق الإنسان حول برامج الحماية الإنسانية.
إن واحد من أهم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هو حمايتهم من أي استغلال الذي يتعرضون له أو يتوقع أن يتعرضوا له –فهل كنت تعرف هذه المعلومة؟
في الفقرة الأولى من المادة 16 من الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة ما نصه :”تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية، والإدارية، والاجتماعية، والتعليمية وغيرها من التدابير المناسبة لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة داخل المنازل وخارجها على السواء من جميع أشكال الاستغلال”
كما حثت الفقرة الثانية من ذات المادة الدول الأطراف في الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة على اتخاذ التدابير اللازمة لمنع استغلال ذوي الإعاقة والزمت الدول الأطراف بكفالة تقديم الدعم والمساعدة لذوي الإعاقة وأسرهم ومقدمي الرعاية للحيلولة دون وقوع الاستغلال تجاه ذوي الإعاقة.
وحرصاً على عدم استغلال بعض مؤسسات ذوي الإعاقة وغيرها للمعاقين دعت الفقرة الثالثة من ذات المادة الدول الأطراف إلى أن: “تكفل قيام سلطات مستقلة برصد جميع المرافق والبرامج المُعدة لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة رصداً فعالاً للحيلولة دون حدوث جميع أشكال الاستغلال والعنف والاعتداء” وعليه فإن على الدولة ومنظمات المجتمع المدني بما فيها منظمات حقوق الإنسان، ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة ومؤسساتهم أن تطلع بدورها لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة من الاستغلال وذلك من خلال برامج حماية حقيقية وفعالة ومنها:
– تخصيص سلطات رصد مستقلة لأي مظاهر استغلال لذوي الإعاقة سواءً من أسرهم أو مؤسساتهم.
-تشكيل فريق مختص لتلقي الشكاوى من خلال خط ساخن وتوثيقها ومتابعتها وتقديم المساعدة المطلوبة إو اللجوء لمقاضاة المستغل أمام القضاء عند الحاجة.
-العمل على تعديل القانون رقم 61 لسنة 1999 والقوانين والقرارات ذات الصلة لتضمينها برامج الحماية بشكل واضح.
-واستغلال ذوي الإعاقة حديث ذو شجون نكتفي بهذا، وانتظرونا في الأسبوع القادم للحديث عن العنف والاعتداء على ذوي الإعاقة وكيف يجب الانتصار لهم حقوقياً وقانونياً.
خاص: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة، إعداد –إبراهيم محمد المنيفي.
لعلكما عزيزي القارئ عزيزتي القارئة تعرفان بأن الإعاقة سواءً كانت منذ الولادة أو مكتسبة تفرض على أصحابها صعوبات وقيود إضافية لا يعانيها غير المعاقين، ولذلك كان حقاً للأشخاص ذوي الإعاقة أن يحصلوا على التأهيل أو أعادة التأهيل لتمكينهم من بلوغ أقصى درجة ممكنة من الاستقلالية والاعتماد على النفس، وتحقيق إمكانياتهم البدنية، والعقلية، والاجتماعية، والمهنية على الوجه الأكمل، وكفالة مشاركتهم وإشراكهم بشكل تام في جميع نواحي الحياة، كما دعت إلى ذلك المادة 26 من الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة CRPD.
وقد عرف المُشرِع اليمني الرعاية والتأهيل الموجه لذوي الإعاقة في الفقرة السادسة من المادة الثانية من قانون رعاية وتأهيل المعاقين رقم 61 لسنة 1999 بأنها: “الخدمات والأنشطة التي تمكن المعاق من ممارسة حياته بشكل أفضل على المستويات الجسدية، والذهنية، والنفسية، والاجتماعية، والمهنية”
فلابد أن توفر الدولة عبر مؤسساتها المعنية بذوي الإعاقة حق التأهيل وإعادة التأهيل وذلك من خلال:
- توفير الأجهزة التعويضية، والتكنولوجيات المساعدة لذوي الإعاقة على ردم الفجوة المعرفية والمهنية بينهم وبين الآخرين مثل: الكراسي المتحركة والعكاكيز، النظارات الطبية، العصاء البيضاء، البرامج الناطقة للهواتف والحواسيب، السماعات الطبية.
- برامج العلاج الطبيعي الفيزيائي، والعلاج الوظيفي التي تتطلبه بعض حالات الإعاقة للوصول إلى أقصى قدر ممكن من أداء الوظائف الجسدية والحسية بشكل يساعد على اعتماد ذوي الإعاقة على أنفسهم.
- البرامج التدريبية والتأهيلية لذوي الإعاقات العقلية والذهنية وتقنينها على البيئة اليمنية.
- تدريب ذوي الإعاقة من الذكور والإناث على حرف ومهن تلبي متطلبات سوق العمل بما في ذلك الحرف اليدوية ودراسة اللغات وتعلم التصاميم والجرافكس وما من شأنه تأهيل المعاق مهنياً ليتمكن من الكسب المستقل والحياة الكريمة.
والجدير ذكره في هذا السياق أن خدمات وبرامج الرعاية والتأهيل يجب أن تُقدم لذوي الإعاقة بما يلبي حاجاتهم الفعلية وبصورة مجانية كاملة كما نص على ذلك قانون رقم 61 لرعاية المعاقين لسنة 1999 في المادة 4 التي نصت على أنه: “لكل معاق حق التأهيل بدون مقابل، والاستفادة من برامج التأهيل المهني، والرعاية الاجتماعية التي تقدمها مؤسسات ومراكز ودور رعاية وتأهيل المعاقين”
ولعل النقطة الأهم التي يجب الإشارة إليها أن الكثير من مؤسسات الدولة التي يفترض أن تناط بها عملية التدريب والتأهيل وتقديم الرعاية في وضع يُرثى له مما يضطر أولياء أمور ذوي الإعاقة لإلحاق أبنائهم بمؤسسات أهلية أو مؤسسات ليست خاصة بذوي الإعاقة مثل: مراكز العلاج الطبيعي، أو معاهد اللغات، وهذه جهات وسيطة تقدم خدمات التأهيل للأشخاص ذوي الإعاقة مقابل تكفل صندوق رعاية المعاقين بدفع مبالغ معينة، والمشكلة ليست هنا بل تكمن المشكلة في أن صندوق المعاقين لا يدفع كل المبالغ المستحقة بل يدفع جزء من المبالغ فيما يدفع طالبوا الخدمة من ذوي الإعاقة باقي المبالغ بنسب متفاوتة من خدمة لأخرى وهذه مخالفة لما نص عليه القانون من مجانية تلقي خدمات التدريب.
والخلاصة أن خدمات وبرامج التأهيل والتدريب والرعاية لذوي الإعاقة يجب أن تكون مجانية بنص القانون وهي خدمات مدعومة من قبل مؤسسات الدولة المعنية التي تُخصص لها موارد مالية لهذا الغرض، وعلى ذوي الإعاقة أن يكونوا على وعي كامل بحقوقهم للاستفادة منها وانتزاعها بموجب القانون.
نلتقيكم في حلقة أخرى في موضوع وحق آخر من حقوق ذوي الإعاقة في الأسبوع القادم.