في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة “ذوات الإعاقة الأكثر معاناة وتجاهل”
بيان: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة / MCPD
يعترف العالم بأن النساء والفتيات مازلن يتعرضن للعنف بشتى أنواعه مع التفاوت من بلد لآخر.
وتقول الأمم المتحدة: “إن العنف ضد المرأة والفتاة يعد واحدا من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا واستمرارا وتدميرا في عالمنا اليوم، ولم يزل مجهولا إلى حد كبير بسبب ما يحيط به من ظواهر الإفلات والصمت والوصم بالعار”.
وتقر الأمم المتحدة أنه في حين أن العنف القائم على نوع الجنس يمكن أن يحدث لأي شخص وفي أي مكان، فإن بعض النساء والفتيات من فئات معينة معرضات للخطر بشكل خاص ومنهن النساء والفتيات ذوات الإعاقة.
وعلى الرغم من اعتراف معظم دول العالم بأن النساء ذوات الإعاقة يتعرضن لأشكال متعددة من التمييز كما في المادة السادسة من الاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ووعد الدول الموقعة على الاتفاقية باتخاذ التدابير اللازمة لضمان تمتعهن بكافة الحقوق، فإن النساء والفتيات ذوات الإعاقة مازلن مغيبات بشكل كبير سواء من الدولة أو من المنظمات النسوية المحلية والدولية العاملة في اليمن.
ومن خلال رصدنا في المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD للبيانات والأدبيات الصادرة عن المنظمات النسوية العاملة في اليمن، فقد وجدنا تغييبا لقضايا النساء ذوات الإعاقة بشكل واضح، ناهيك عن عدم إشراكهن في الملتقيات النسوية وخصوصا تلك المتعلقة برؤية النساء والفتيات لصناعة السلام في اليمن، يحدث هذا على الرغم من أن الأشخاص ذوي الإعاقة عموما والنساء منهم خصوصا أكثر تأثرا بالحرب والصراع في اليمن باعتبارهن نساء أولا، وذوات إعاقة ثانيا، ولأنه لا صوت لهن حتى الآن
ثالثا.
لقد كانت معاناة النساء والفتيات ذوات الإعاقة في اليمن هي الأشد مرارة والأكثر تجاهلا من قبل وسائل الإعلام وصانعي القرار وحتى المنظمات النسوية للأسف، فقد تعرضن للقتل والتهجير والنزوح وكانت معاناتهن مضاعفة مقارنة بأقرانهن من النساء غير المعاقات بسبب فارق الخدمات والتجهيزات المخصصة وعدم العدالة في إمكانية الوصول والتنقل، والاضطهاد والعنف بمختلف أشكاله على خلفية إعاقتهن كنساء.
وبعد كل ما تعرضت له النساء والفتيات ذوات الإعاقة من انتهاكات جسيمة، قد حان الوقت للنساء ذوات الإعاقة ليعبرن عن أنفسهن وعن وجودهن، وعلى المنظمات النسوية أن تعمل على إشراكهن في العمل النسوي بمختلف مستوياته ابتداء من وجودهن ضمن هياكل تلك المنظمات وحتى مشاركتهن الفاعلة والحقيقية في محادثات صناعة السلام في اليمن، والتي تبنها هيئة الأمم المتحدة للمرأة، مكتب اليمن، ومكتب المبعوث الأممي لليمن، والذين تجاهلوا وجود وقضايا النساء ذوات الإعاقة رغم التزام الأمم المتحدة باستراتيجية منظور الإعاقة وتطبيقها على هيئاتها ومكاتبها القطرية ودخولها حيز التنفيذ منذ 2020.
وختاما نعبر عن تضامننا مع النساء والفتيات عموما وذوات الإعاقة بشكل خاص، ومعا نحو إنصاف النساء ولنجعل لون العالم برتقاليا.
السنة: 2021
متابعات: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD
من وراء الشاشات الإلكترونية، يظهر فرحنا وغضبنا وشتى أنواع المشاعر التي تجد متنفسا لها بعيداً عن الحرج في الحياة الواقعية.
إلا أن البعض استغل هذه المساحة المتاحة في التنمر على الآخرين، اعتقادا منهم بعدم وجود رقيب ، أو لغياب المسائلة.
لكن مريم أجويد الفتاة المغربية المقعدة، رفعت مسألة التنمر التي استهدفتها على منصات التواصل الاجتماعي إلى القضاء لملاحقة من تناولوها كمادة للسخرية، كما شهدت مصر حالة مماثلة، حين تعرضت ابنة الفنانة المصرية يسرا اللوزي للتنمر لأنها صماء. كل هذا في سياق قد يجعل من أصحاب المشكلات الصحية أو المتلازمات المرضية هدفا سهلا للمضايقات في الفضاء السيراني.رغم ذلك، هناك من يرى أن الصورة ليست بهذه القتامة، فمقابل حوادث التنمر تلك ، فتحت منصات التواصل بابا للتعريف بحياة ذوي الإعاقة أو المتلازمات والتوعية بحالاتهم بهدف التعامل معها على نحو صحيح.
الإنترنت بوابة للتوعية
زارا بيث، فتاة أمريكية تبلغ من العمر 16 عاماً، تعاني من متلازمة تسمى توريت نسبة إلى طبيب الأعصاب الفرنسي الذي شخص الحالة أول مرة. زارا ناشطة على تيك توك وانستغرام ويوتيوب حيث تشارك لحظات حياتها بطريقة عفوية وحتى ساخرة في بعض الأحيان لتشارك الآخرين معها بما يحدث لها من أعراض غريبة بسبب المتلازمة تتمثل في القيام بحركات مفاجئة بشكل لا إرادي بأيديها أو برأسها وعيونها. وإصدار أصوات غريبة وحتى التلفظ بالشتائم في بعض الأحيان، في ما يُعرف باسم كوبرولاليا coprolalia، ما يضعها في مواقف محرجة.
ويعتبر توريت مشكلة خلقية عصبية حسبما يشرح لنا د. لؤي حلالشة وهو طبيب جراحة دماغ وأعصاب في مشفى ابن الهيثم في العاصمة الأردنية عمّان، ويقول حول التعامل معه: “العلاج سلوكي نفسي بالدرجة الأولى. لكن في حال كانت الأعراض شديدة وفي إطار المعتقدات الاجتماعية والحرج الذي قد يؤدي إلى الاكتئاب والقلق المرضي لدى المريض، فيكون دور العلاج الدوائي داعماً فقط”. ويضيف د. لؤي بأنه يمكن اللجوء إلى التدخل الجراحي في حال استمرت الأعراض الشديدة لما بعد عمر الـ 20 عاما، وذلك عن طريق زرع أقطاب داخل الدماغ تساهم في السيطرة بشكل أكبر على الحركات اللاإرادية التي تصدر عن المريض. وتكاد الإحصاءات تكون معدومة في المنطقة العربية حول حالات توريت، أما الدراسات الغربية فتتقارب نسبة الإصابات فيها لتبلغ 1% أو أقل.
“التوحد في أغنية”
وسائل التواصل الاجتماعي عرفتنا كذلك على أطياف مختلفة من التوحد، فمن منا لا يذكر محمود حجازي وأمه فاتن مرعشلي في ذاك الفيديو الشهير وهما يغنيان أغنية “شو حلو” التي جابت العالم عبر المنصات الإلكترونية المختلفة والتي تركت الأثر الأكبر في نفوس الأمهات والعائلات خاصة ممن لديهم أطفال يعانون من التوحد مثل محمود. وأصبحت فاتن منذ ذلك الوقت ناشطة في مجال دعم ذوي الإعاقة وتعمل حالياً مع إحدى المبادرات المهتمة بهذه الحالات في العالم العربي.
وتعلّق فاتن حول تجربتها قائلةً: “كان للسوشال ميديا دور كبير في حياتي وحياة محمود فقد غيرتها للأفضل، كما غيرت حياة الكثيرين من أصحاب الإعاقة أو “أصحاب الهمم” في العالم العربي، لأنها غيرت عقلية الأهل وطريقة تعاملهم مع أطفالهم عندما شاركت التجربة كأم لطفل متوحد”.
التحدث عن الإعاقة بشكل علني في العالم العربي يعد غالباً أمرا معيباً أو محرجاً،
أما عدم المعرفة بحالة الأشخاص فقد يتسبب في مواقف محرجة لكلا الطرفين، ربما حين يصدر تعليق على الحالة دون قصد. لكن فاتن خاضت معركة التنمر كذلك قبل أن تصل إلى هدفها وتقول: “تنمروا على شكل ابني وحركاته وطريقة كلامه، وانتقدوا طريقة معاملتي له كطفل صغير. لكني لم استسلم لهذه النظرة السلبية كي لا تؤثرعلى حياتي، فقد عشت ألماً كافٍيا في الحياة الحقيقية، ومهما كان الألم على السوشال الميديا فلن يكون بحجم الألم الحقيقي الذي نمر به خلال رحلتنا مع أطفالنا”.
رحلة الألف عائلة تبدأ بـ “لايك”
تجاوزت فاتن التنمر من خلال عزمها على مشاركة تفاصيل حياتها مع محمود والتوعية بحالته والتطور الذي وصلت معه إليه، واستطاعت عبر الصفحة التي أنشأتها على فيس بوك والتي تحمل اسم proud of my son with awesomeness أو “فخورة بداء الروعة لدى ابني” أن تساعد فئة كبيرة من الأهالي، وقالت إنها فخورة بما تعتبره إنجازاً في العالم العربي في أن ترى الآباء وليس فقط الأمهات يتواصلون معها حول وضع أبنائهم ويعبرون عن مشاعرهم براحة تسمح لهم حتى بالبكاء أمامها، وهو ما تراه تغيراً في سلوك المجتمع الذي يعتبر المشاعر حكراً على النساء.
تجاوزت فاتن التنمر من خلال عزمها على مشاركة تفاصيل حياتها مع محمود والتوعية بحالته والتطور الذي وصلت معه إليه، واستطاعت عبر الصفحة التي أنشأتها على فيس بوك والتي تحمل اسم proud of my son with awesomeness أو “فخورة بداء الروعة لدى ابني” أن تساعد فئة كبيرة من الأهالي، وقالت إنها فخورة بما تعتبره إنجازاً في العالم العربي في أن ترى الآباء وليس فقط الأمهات يتواصلون معها حول وضع أبنائهم ويعبرون عن مشاعرهم براحة تسمح لهم حتى بالبكاء أمامها، وهو ما تراه تغيراً في سلوك المجتمع الذي يعتبر المشاعر حكراً على النساء.
المصدر :BBC
خاص: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD
تحت شعار “خذ بيدي” أقامت مبادرة عندي أمل للأعمال الإنسانية والخيرية بعدن مساءِ أمس الإثنين رحلة ترفيهية وحفل فني لأطفال جمعية رعاية وتأهيل المكفوفين ومعهد نور للمكفوفين، تخللها توزيع العصا البيضاء للأطفال المكفوفين تم ذلك في استراحة VIP بالمدينة الخضراء.
كما نظمت المبادرة حفل تخللته العديد من الفقرات ما بين مسابقات ترفيهية للأطفال المكفوفين المشاركين وكذلك اسكتش مسرحي يشرح معاناة الكفيف وخُتم بمقطوعة غنائية قدمتها الكفيفة أزهار.
عبير منصر رئيس جمعية رعاية وتأهيل المكفوفين بعدن عبَّرت عن سعادتها بهذه البادرة، شاكرة لمبادرة عندي أمل جهدهم المبذول وبالأخص توزيعهم العصا البيضاء للأطفال المكفوفين والتي تعتبر تقنية سهلة ومبسطة تساعد الطفل الكفيف في تحركاته وتنقلاته، مشيدة بما قامت به المبادرة من عمل إنساني له الأثر البالغ في نفسية الطفل الكفيف، وكيف أن لهذه المبادرة ومثيلاتها دور كبير في دعمه وعونه على حد تعبيرها، وختمت حديثها بالشكر لكل من قام على إنجاح هذه المبادرة وكان له الدور في إدخال السعادة إلى قلوب الأطفال المكفوفين.
*العصا البيضاء: عصًا يحملها المكفوفون تساعدهم على تسيير حياتهم بشكل أيسر وتحميهم من الارتطام بما قد يعترض طريقهم من حواجز او حفر او عقبات مفاجئة، وتخدمهم بالأخص عندما يتواجدون في الشوارع فبمجرد حمل العصا البيضاء يعلم الجميع بأن هذا كفيف، وتعتبر رمز حرية الكفيف واستقلاله ويتم الاحتفال بها في الخامس عشر من أكتوبر من كل عام.
خاص: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD
أقام المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD بمقره صباح اليوم حلقة نقاش مع قيادات مؤسسات الأشخاص ذوي الإعاقة تحت عنوان (بتكاملنا تصل رسالتنا)، وحفل تكريم للصحفيين الفائزين في المسابقة الحقوقية الأولى للمركز.
وبحضور كلاً من: القاضي -عبد الوهاب شرف الدين (وكيل أمانة العاصمة)، والدكتور –علي مغلي (المدير التنفيذي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين)، والأستاذ –عبد الله بنيان (رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين اليمنيين) ورؤساء وقيادات العديد من مؤسسات الأشخاص ذوي الإعاقة بالإضافة لمجموعة من الصحفيين والإعلاميين وقيادة المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD انعقدت جلسة النقاش التي بحث خلالها المشاركون عدداً من القضايا المتصلة بواقع التناول الإعلامي لقضايا ذوي الإعاقة وكيفية التأثير على صياغة التوجهات الإعلامية نحو ذوي الإعاقة بشكل إيجابي وفقاً للمنظور الحقوقي بدلاً من نظرة الشفقة والرحمة وغيرها من القوالب السلبية.
وأكد المشاركون على أهمية الالتزام بالأدبيات والمصطلحات التي أقرتها الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة من قبل مؤسسات ذوي الإعاقة في خطابها الإعلامي، ورصد وتوثيق الخطاب الذي يتناول قضايا ذوي الإعاقة في وسائل الإعلام المختلفة لتقويمه وتوجيهه بما يتفق والحقائق العلمية والتوجهات العالمية الحقوقية لإذكاء الوعي بقضايا ذوي الإعاقة في مختلف المجالات.
وقد ثمن –دارس البعداني (رئيس المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة) حضور وتفاعل المسؤولين وقيادات الجمعيات الحاضرة ودعا إلى التعاون والتكامل بين المركز ومؤسسات ذوي الإعاقة لتوصيل رسالة بما يخدم التوجه الحقوقي في تناول وطرح قضايا ذوي الإعاقة، مشيراً إلى أهمية مكافحة القوالب النمطية التي تقدم ذوي الإعاقة بطريقة سلبية من قبل الجميع. وثمن المشاركون في جلسة النقاش الدور الإعلامي الذي يطلع به المركز تجاه ذوي الإعاقة بطريقة مهنية ومتميزة.
تلاجلسة النقاش حفل تكريم للصحفيين الفائزين في مسابقة المركز، حيث كان المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة قد أطلق مسابقة حقوقية في أغسطس الماضي بعنوان: (قضايا النساء ذوات الإعاقة حقوق وواجبات)،
قال البعداني:”لقد أطلقنا مسابقة صحفية هي الأولى في اليمن واستهدفنا من خلالها تشجيع الصحفيين في مختلف وسائل الإعلام على تناول قضايا ذوي الإعاقة في وسائلهم ودمج قضاياهم مع قضايا المجتمع.”وقد شارك في المسابقة عشرات الصحفيين من وسائل إعلام مختلفة، وبعد إخضاع القصص والتقارير الصحفية لمعايير المسابقة ولجنة المحكمين المستقلين فاز منهم ثلاثة صحفيين هم:الصحفي -فهيم القدسي، المركز الأول من موقع السلام نيوز عن تقريره (الوضع الصحي للنساء ذوات الإعاقة في اليمن بين الإهمال وغياب الوعي)
والصحفي –إبراهيم المنيفي، المركز الثاني من المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة عن تقريره (النازحات ذوات الإعاقة أنين بلا صدى
والصحفية –فاطمة العنسي، المركز الثالث من موقع خيوط عن قصة (رحمة السبئي… عندما تتغلب العزيمة على الإعاقة))
خاص: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD /إبراهيم المنيفي
في وقت متأخر من مساء يوم الأربعاء الماضي 10 نوفمبر تشرين الثاني فوجئ سكان العاصمة صنعاء بقصف جوي قيل عنهُ أنهُ لأهداف عسكرية مشروعة بينما قال الطرف الأخر أن القصف طال منازل مواطنين وأعيان مدنية. وبصرف النظر عن روايات الأطراف المختلفة للحادثة والتناول الإعلامي لها فقد كانت هناك امرأة كفيفة تصارع الموت بمنزلها وتنتزع ابنيها من بين أنيابه لم يلتفت لها أحد.
وقد تواصلنا في المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD بالأستاذة –هناء الغزالي (وهي امرأة كفيفة وأم لطفلين وهي واحدة من بين الشخصيات البارزة للكفيفات فروت لنا الحادثة بصوت حزين ومكلوم يكاد يمتزج بالبكاء وقالت: “أسكن في شقة إيجار ضمن عمارة سكنية أنا وزوجي وأبنائي –حسام تسع سنوات، وبيان سنتين ونصف، وكان زوجي ليلتها مسافر إلى محافظة إب وهو بكامل اطمئنانه علينا في العمارة التي تعد آمنة جداً ونعرف جميع جيراننا، وكانت عندي إحدى الكفيفات للزيارة.
في نفس العمارة كانت هناك إحدى نساء الجيران قد ولدت منذ أيام قليلة وكانت شقتهم ممتلئة بالأهل والأقارب.وفي الساعة الثانية عشر ليلاً تقريباً سمعنا صوت مفزع وكأن القيامة قد قامت، حيث كانت الغارة الأولى جوار العمارة تماماً ما أثار هلع وفزع جميع سكان العمارة، أما أبنائي الإثنين حسام وبيان فقد كانا نائمين وكنت قد وضعت فرشاً على نافذة الغرفة حتى أقلل من وطأة البرد لأنه لا توجد وسائل تدفئة في منزلنا.
حسام كان نائماً تحت النافذة مباشرةً بينما كانت بيان نائمة قريبة من باب الغرفة وعند الغارة الأولى اهتزت كل العمارة بشكل عنيف وعلا صراخ الناس وبدأت النوافذ والشبابيك والأحجار والشظايا تتناثر على أبنائي داخل الغرفة، قمت من النوم مفزوعة وكنت أصرخ ودخلت إلى غرفة أبنائي والغبار يكاد يخنقني – ولكن كان لطف الله أكبر حيث سقط الفراش الذي وضعته في النافذة على ابني حسام بينما سقطت مجموعة من البطانيات على ابنتي بيان مما جنبهما أن تقع عليهما الزجاجات والأحجار المتساقطة بشكل مباشر”.
تستمر هناء الغزالي بسرد قصتها والغصة بحلقها فتقول: “أخذت أبحث عن أبنائي داخل الغرفة بخوف وفزع وارتباك ومشاعر لا أستطيع وصفها، فانتشلت ابنتي ثم ابني من تحت ركام الزجاج المتحطم والأحجار والشظايا وسحبتهما إلى الصالة التي حتى هي وصلتها بعض الشظايا أيضاً لكنها أخف، لقد انتزعت أبنائي من فم الموت وكانت لحظات عصيبة وقاسية جداً”
لم تنتهِ القصة عند هذا الإجرام حيث تذكر –هناء أن الطيران استمر بالتحليق وبالفعل وخلال أقل من خمس دقائق عاود القصف مرة أخرى للنقطة الأمنية التي تبعد عن العمارة بضعة أمتار ولم تكن هناء وأبنائها وضيفتها الكفيفة قد استطاعوا الفرار بعد. تقول –هناء : “كنت وأولادي الإثنين وضيفتي في الصالة لم نلتقط أنفاسنا بعد فإذا بغارة أخرى على النقطة خلال أقل من خمس دقائق، وكانت الغارة الثانية أشد بكثير من الغارة الأولى توقعنا أن تسقط العمارة على رؤوسنا، لقد سمعنا أصوات الأبواب والنوافذ تطير في الهواء، ودخلت بعض الشظايا والأحجار والطوب المتطاير إلى صالة الشقة حين كنا متجمعين، كان ما يجري جحيماً بالفعل، فهربنا إلى سلم الدرج وكان جيراننا المبصرين كل قد فر لينجو بنفسه فوقفت مع أبنائي وضيفتي الكفيفة أصرخ وأبكي في الدرج وتوقعنا غارة ثالثة تقضي علينا جميعاً لكن كان لطف الله أكبر من خوفي وهلعي وكان أكبر من حقد وصلف من قصفنا كذلك”
كيف نجت هناء وأبنائها من الموت وخرجوا من العمارة؟
لم تتوقف لحظات الخوف وصراخ الأطفال المحاصرين في العمارة بفعل الدمار الذي تسبب به القصف ونتيجة لتحليق الطيران الذي استمر محلقاً حوالي نصف ساعة بعد القصف بحسب –هناء، فقد فرضت القوات الأمنية حظراً على المكان ومنعت الدخول إليه خوفاً من تجدد القصف، وأشادت هناء بتعاون صاحب العمارة ورجال الأمن الذين ساعدوها على الخروج مع أبنائها وضيفتها على طقم عسكري وأوصلوها إلى أقاربها كونهم لم يستطيعوا الفرار مثل باقي سكان العمارة.
تقول –هناء “تركنا في المنزل كل أغراضنا ووثائقنا ومتعلقات شخصية ولم أتمكن إلا من أخذ الحقيبة المدرسية لابني حسام لأني صادفتها أثناء هروبنا من المنزل”
كما أبدت استغرابها وعبرت عن غضبها من الأخبار التي تداولتها بعض وسائل الإعلام والتي زعمت أن العمارة كان يوجد فيها مخزن أسلحة وقالت –هناء: “نحن نعرف صاحب العمارة وهو رجل متعاون ولا علاقة له بأي من الأطراف كما نعرف أن العمارة مكتظة بالعوائل فهل من المعقول أن تسكن العوائل في مكان تعرف أنه يحتوي على مخزن أسلحة؟!!!”
وتسكن –هناء مع أبنائها الإثنين وزوجها الذي عاد إلى صنعاء فور علمه بالحادثة عند بعض أقاربهم في مكان بعيد جداً عن مقر عملها ومدرسة ابنها، حيث تقول هناء إن العمارة التي كانوا فيها لم تعد مؤهلة للسكن وإن بعدها عن عملها ومدرسة ابنها ستكلفهم مواصلات قدرها ثمانية ألف ريال أي ما يعادل 14 دولار على الأقل، وأنهم يبحثون عن منزل آخر للإيجار في مكان قريب من مقر عملها ومدرسة ابنها في ضل أزمة سكن متفاقمة وأسعار شقق جنونية تزداد يوماً إثر يوم.
وطالبت هناء من وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية لإدانة ما تعرضت له هي وأبنائها والسكان الأبرياء وعدم تبرير قصف منازل المواطنين والأعيان المدنية تحت أي مبرر كان.
خاص: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD /إبراهيم المنيفي
مجنونٌ في قمة النضج، وطفلٌ في الأربعينات يرفض أن يكبر، يطوع الكلمات حينما يكتب وكأن اللغة وجدت فقط لتعبر عن مشاعره كما يريد، يكتب بأسلوب مختلف عن الجميع أسلوب سهل ومفهوم للجميع لكنه عميق ورفيع وعصي على التقليد.
بطل قصتنا شاعرٌ وأديب وكاتب من طراز خاص –فمن هو؟.
هو: الأستاذ –محمد محمد علي الشميري.ولد في منتصف السبعينات من القرن الماضي في مديرية مقبنة بتعز جنوب غربي اليمن، وعاش معظم حياته مع عائلته في محافظة الحديدة غربي اليمن.له خمسة من الأبناء ثلاثة أولاد وابنتين.عاش طفولة مفعمة بالحب والحنان، لم يكن مرفهاً لكنه كان ولا يزال مدللاً رغم بؤس الوضع العام والخاص على حد قوله.
بمسيرته التعليمية (وما علاقة الأدب بالصيدلة؟!!!)
كان يهتم بالقراءة والإذاعة منذ وقت مبكر من عمره، وكان يميل للشعر ويقدم فقرات شعرية في الإذاعات والاحتفالات المدرسية منذ الابتدائية.أنهى دراسته الثانوية في عام 1993 بتقدير ممتاز والتحق بكلية الطب قسم الصيدلة، لم يكن مقتنعاً بتخصصه بقدر ما فُرض عليه ذلك التخصص من المجتمع حيث أن نظرة المجتمع لذوي المعدلات المرتفعة تتوقع منهم الالتحاق بكلية الطب أو الكليات التي تتطلب معدلات مرتفعة، وهنا يقول –محمد الشميري: “درست الصيدلة لأني لا أحب تخصص الطب البشري، ولأن معدلي في الثانوية كان عالياً وكعادة المجتمع يتوقعون منك دخول مثل هكذا تخصص وخصوصاً الطب” ويضيف الشميري: “لو عاد بي الزمن لما درست صيدلة ولاتخصصتُ في الأدب”
ورغم ذلك فإن الأستاذ –محمد الشميري، لا يرى تناقض بين التخصصين الطب والأدب ويعتقد أن الأمر ببساطة ملكة وموهبة واهتمام.وحصل بطلنا على دبلوم عالي تمهيدي ماجستير إدارة صحية شغفٌ بالمهنة وحادث سير يفقده الحركة لكنه لا يتغير.
انتقل الأستاذ محمد الشميري إلى الحياة المهنية بجد وتفاؤل كبير فعمل في مكتب الصحة في محافظة الحديدة ، كما عمل في شركات أدوية مختلفة قبل أن يبدأ عملاً خاصاً به.إلى هنا قد تبدو قصة الأستاذ محمد الشميري، عادية جداً، ولكن حينما تقرأ الجانب الآخر من حياته فستقف له احتراماً وتقديراً لأنه كقليل مثله أحب القمة دوماً وآثر أن يكون هناك بدلاً من الزحام حيث الكثيرون في الأدنى.
لقد تعرض الأستاذ –محمد الشميري، لحادث مروري عام 2007 أصبح على أثره من ذوي الإعاقة الحركية، لكن تلك الحادثة لم تغير شيء في حياته فاستمر يكتب وينشط في المجتمع بشكل كبير.الشميري كاتب وشاعر وناشط اجتماعي.
قام الأستاذ محمد الشميري، بتأسيس (نادي القراءة) في محافظة الحديدة غربي اليمن وهو نادي كان يهتم بكل شؤون الفعل والحَراك الثقافي والأدبي في المحافظة.وكما أن فاقد الشيء لا يعطيه فإنه في المقابل لا يعطي إلا مالكاً وممتلأ او لذلك فإن للأستاذ –محمد الشميري، مجموعة قصصية بعنوان: (رياح في قصاصات عنيدة) تم نشرها، وديوانين وروايتين ومجموعة قصصية أخرى لم تُطبع بعد لظروف مادية.
وللأستاذ –محمد الشميري، حضور فاعل في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الخواطر والمذكرات التي ينشرها ويتابعه حوالي خمسة ألف متابع في صفحته على الفيسبوك، ويناقش مع متابعيه قضايا مختلفة بأسلوب جرئ ومنفتح ما جعلنا نطرح عليه التساؤل الذي قد يبرزه البعض في وجه أي شخص من ذوي الإعاقة يبدي سلوكاً أو توجهاً فكرياً وأدبياً غير مألوف، وذلك السؤال هو -هل ما نقرأه في صفحتك من كتابات قد تبدو مثار جدل تعبر عن شخصية الأستاذ –محمد الشميري، فعلاً قبل الإعاقة وبعدها، أم هي حيل دفاعية ومحاولة للتغلب على نظرة الشفقة والرحمة من المجتمع بالتمرد على الصورة الذهنية العامة عن المعاق المسكين بصراحة؟فأجاب بسعة صدر:”أعبر عني ولا أفرض وجهة نظري على أحد وكتاباتي الأدبية ومشاركاتي هي قبل وبعد الحادث، تعبر عني بشكل خاص، وتعبر عن الوضع الطبيعي للإنسان بعيداً عن كل المحظورات الطارئة التي أعتبرها مجرد أعراض مرضية وليست تعبيراً عن مجتمع محافظ كما نكذب على أنفسنا، أعتقد أنه يفهمني معظم المتابعين وإن كان البعض يخشى التعليق وهو في ذاته راغب…!”
وعلى الصعيد المجتمعي يقول الأستاذ –محمد الشميري: “أنا مهتم جداً بالتواصل مع الجميع كبار السن، وكذلك الشباب، وحتى الأطفال فالحياة ستكون ناقصة بدونهم جميعاً”كما أنه قد قام بتأسيس (ملتقى أصدقاء مرضى الفشل الكلوي) واشترك في مبادرات فاعلة لصالح أطفال السرطان.
توقف نادي القراءة الذي أنشأه الأستاذ –محمد الشميري في 2018 بسبب نزوحه مع عائلته إلى صنعاء جراء الحرب الدائرة في محافظة الحديدة. أين يقف الشميري من قضية ذوي الإعاقة؟يرفض الأستاذ الشميري مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة بشدة لأنه يعتبر استخدام مثل هذه المصطلحات إنما يُعبر عن التعامل مع الإعاقة كوصمة.
وستجد ذوي الإعاقة وقضاياهم غائبون عن كتابات الأستاذ –محمد الشميري بوضوح، ويرجع ذلك لرفضه التعامل مع ذوي الإعاقة بتصنيف يعزلهم عن المجتمع على حد تعبيره، بالإضافة لعدم رضاه عن أغلب من يعملون في مجال ذوي الإعاقة، حيث يسجل الشميري اعتراضاً واضحاً وبكلمات تخلو من المجاملات والتلميع ويقول: “بصراحة لست راضي عن كل من يتحدثون باسم ذوي الإعاقة لأن الغالبية فقط يستغلونهم مجرد استغلال”
ويعتبر الشميري أن هذا الحكم ليس اعتباطاً أو رأي من بعيد فيذكر أنه حضر فعاليات للمعاقين في الحديدة وفي صنعاء ومع ذلك يصفها بالقشور وبأنها لا تخدم ذوي الإعاقة فعلياً.
هل نال الشميري حقه من الاهتمام؟
مبدئياً يقول الأستاذ –محمد الشميري: “لا أهتم بمسألة هل نلتُ نصيبي من الاهتمام من الجهات العامة والخاصة لأن الأدب ليس وظيفة، ولا أبحث من خلاله عن اهتمام بقدر ما هو شغف وجنون خاص”
ولأن الشميري وأمثاله تعاملوا مع الأدب بهذه القيمة المجردة ولم يجعلوا من أدبهم شعراً ويفتحوا مزادات دجل علنية فإن هناك أعمال أدبية ستظل حبيسة الأدراج ولن ترى النور والسبب هكذا بتلك العبارة القاسية التي قالها لنا الأستاذ –محمد: “توجد لي أعمال لم تُطبع لأسباب مادية”ولعل مأساة الأدباء والمفكرين هي ذاتها مأساتنا جميعاً ومأساة الوطن حيث يعبر عنها بطلنا بقوله: “الوضع العام لا يهتم بالأدباء والفنانين والمثقفين ويمجد القتلة، لذلك أمارس شغفي لنفسي. الأدب بحد ذاته هو رسالة جمال وسلام وحب وتعايش، ولو وجد الفنان والأديب حاضنة شعبية ورسمية واهتمام حقيقي، سنعيش بوضع أفضل، لكن الذي يحدث هو موت جماعي للناس..!