الوسم: ذوي الإعاقة
خاص : إبراهيم محمد المنيفي /
لم يستسلم المكفوفون لقدرهم ويظلون أسرى للظروف البيئية غير المناسبة لهم كفاقدي بصر بل ظلوا على مدار التاريخ يضربون أروع الأمثلة في الإرادة والابداع والتميز والتغلب على الصعوبات وذلك منذ بدأ المكفوفون مشاركة المبصرين حياتهم العادية واحترفوا الشعر والخطابة، وقبل أن يعرف العالم طريقة برايل للمكفوفين كان المسلمون قد أولوا اهتماماً خاصاً بتعليم المكفوفين كما يذكر المؤرخون.
فقد كان العالم والفقيه المسلم زين الدين أبو الحسن علي بن أحمد الآمدي، يشتغل ببيع الكتب في القرن الثالث عشر الميلادي،
لقد كان يعرف في حانوته موضع كل كتاب أو مخطوط وموضوعه ومؤلفه وعدد صفحاته، لا يختلط عليه شيء منها.
هداه ذكاؤه الحاد إلى ابتكار طريقة يتعرف بواسطتها على ثمن كل كتاب أو مخطوط يقتنيه، وصفها الصفدي في كتابه «نَكْت الهِمْيان في نُكَت العميان» بقوله: «ويعرف أثمان جميع كتبه التي اقتناها بالشراء. وذلك أنه إذا اشترى كتاباً بشيء معلوم أخذ قطعة ورق خفيفة وفتل منها فتيلة لطيفة وصنعها حرفاً أو أكثر من حروف الهجاء لعدد ثمن الكتاب بحساب الجُمَّل. ثم يلصق ذلك على طرف جلد الكتاب من داخل ويلصق فوقه ورقة بقدره فإذا شذّ عن ذهنه كمية ثمن كتاب ما مسّ الموضع الذي عَلَّمه في ذلك الكتاب بيده فيعرف ثمنه من تنبيت العدد الملصق فيه».
واستمر المكفوفون بالتعليم والتعلم بطرق ووسائل متعددة مروراً بالاستماع لآخرين يقرؤون لهم الكتب والمصنفات حتى وصل الأمر بهم إلى محاولة قراءة الحروف العادية بشكلها المحفور أو المنحوت كما فعل فالنتين أيوي مؤسس المعهد الملكي للمكفوفين في باريس، ولكن الانطلاقة الحقيقية لتعليم المكفوفين بدأت مع بداية القرن التاسع عشر الميلادي باختراع طريقة برايل (Braille method) وهي عبارة عن نظام لكتابة الحروف عن طريق نقاط بارزة، وسميت هذه الطريقة باسم مبتكرها ( لويس برايل ) وفيها يتم تمثيل الحروف من خلال خلية تأخذ شكلاً مستطيلاً به 6 نقاط حيث يمثل كل حرف باستعمال نقطة أو أكثر على خلية برايل، والوسيلة التقليدية للبدء في تعلم الكتابة باليد وفقاً لهذا النظام هي لوحة مكونة من طبقتين توضع بينهما ورقة من الورق المقوى وإحدى الطبقتين على شكل عدد من المستطيلات يتم الكتابة بداخلها من خلال الضغط بما يُعرف بقلم برايل وهو قلم معدني ( مخرز) له مقبض من الخشب أو البلاستيك المتين، وتوجد أنواع ومقاسات مختلفة من هذه المسطرة.
ولم يتم الاعتراف بهذه الطريقة إلا بعد وفاة مخترعها لويس برايل في الرابع من يناير عام 1852-م، ولم يتبناها العالم رسمياً إلا بعد ذلك التاريخ بحوالي قرن من الزمان ففي عام 1951-م عقدت منظمة اليونسكو مؤتمر بيروت الإقليمي لاعتماد أصوات موحدة لطريقة برايل في أغلب لغات العالم.
وكانت طريقة برايل قد ظهرت في الوطن العربي لأول مرة في القدس الشريف عام 1897-م ثم انتقلت إلى أنحاء متعددة من الوطن العربي، إلا أن الدكتور لطفي بركات يقول في كتابه “الرعاية التربوية للمكفوفين 1982 ص41” إن دخول طريقة برايل للوطن العربي كانت أول مرة على يد معلم الللغة العربية الأستاذ محمد الآنسي، الذي أسس مدرسة في شيخون بالقاهرة وجلب إليها مطبعة من أوربا لطباعة الكتب للمكفوفين.
وبدأت طريقة برايل بالانتشار في الوطن العربي لكن لم يكن لها نظاماً موحداً إلا بعد مؤتمر بيروت عام 1951-م.
وفي عام 1950-م كان قد تم اختراع آلة بركينز الكاتبة (Perkins Braille) في معهد بركينز للمكفوفين بولاية بوستن في الولايات المتحدة الأمريكية لتنطلق بعدها طباعة الكتب والمناهج للمكفوفين في العالم بواسطة مطابع كبيرة الحجم مخصصة لذلك الغرض.
أما في اليمن فقد ارتبطت طريقة برايل بحركة تعليم المكفوفين في البلاد عموماً حيث كان المكفوفون يلتحقون بالمدارس الدينية كالمدرسة الشمسية في محافظة ذمار والجامع الكبير بصنعاء ودار الأيتام بصنعاء أيضاً.
وتعتبر أول بداية حقيقية لتعليم المكفوفين في اليمن ما قامت به جمعية عدن الخيرية مطلع الخمسينات، حيث أنشأت معهد النور للمكفوفين في أحد عنابر (ARM POLICE) معسكر عشرين يونيو في كريتر التابع للاستعمار البريطاني حينها، وانحصر نشاط المعهد آنذاك في الأعمال اليدوية مثل الخيزران والحبال والعزف والحياكة، وقد شكلت تلك الأعمال والمنتجات مصدر دخل للمكفوفين، وفي يناير1960م دخل نشاط المعهد مرحلة جديدة وذلك بافتتاح مقره الحالي في المعلا واعتماده كأول معهد للمكفوفين في الجزيرة العربية وقد سمي المعهد باسم مؤسسه الانجليزي(Railly Institute) وتحمل مسئولية قيادته الأستاذ محمد سلام ناجي كأول مدير يمني الجنسية.
وفي عام 1967-م وجه المشير عبد الله السلال رئيس الجمهورية العربية اليمنية حينها بتخصيص أحد مباني وزارة الدفاع والتي كانت تشرف عليه القوات المصرية عقب ثورة 26 سبتمبر للمكفوفين وأطلق عليه مركز النور لرعاية وتأهيل المكفوفين.
وفي 18-6-1989-م تداعى نخبة من المكفوفين لتأسيس الجمعية اليمنية لرعاية وتأهيل المكفوفين لتكون النواة للكثير من الجمعيات في العديد من محافظات الجمهورية، ووصولاً إلى تأسيس جمعية الأمان لرعاية الكفيفات في 6-6-1999-م كأول جمعية للكفيفات على يد الأستاذة فاطمة العاقل، –رحمها الله– واستطاعت جمعية الأمان أن تدخل لأول مرة المطابع الكبيرة الخاصة بطباعة الكتب بطريقة برايل للمكفوفين إلى اليمن، وكانت الكتب المدرسية اليمنية تطبع للمكفوفين في مطابع المكتب الإقليمي للمكفوفين بالمملكة العربية السعودية حتى مطلع التسعينات، ثم تكفلت جمهورية مصر العربية بطباعة المقررات الدراسية للمكفوفين في اليمن حتى العام 2000-2001-م وهو العام الذي بدأت فيه جمعية الأمان للكفيفات بطباعة المقررات الدراسية بواسطة مطابع (بريلو، وإندكس) المخصصة لطباعة الكتب الكبيرة للمكفوفين بطريقة برايل.
وفي السنوات الأخيرة بدأت الجمعية اليمنية لرعاية وتأهيل المكفوفين في صنعاء بطباعة المقررات لمختلف المراحل الدراسية.
وكما رأينا فبالرغم من أن مركز النور لرعاية وتأهيل المكفوفين في عدن كان أول مركز للمكفوفين في الجزيرة العربية إلا أن اليمن تأخرت كثيراً عن مواكبة دول المنطقة في طباعة الكتب بطريقة برايل، وإلى اليوم لم تقم الدولة اليمنية بطباعة كتب المكفوفين رسمياً ملقية بالحمل على جمعيات المكفوفين أنفسهم.
خاص /
بالتزامن مع إحياء الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومؤسسات ذوي الإعاقة للعديد من المناسبات ذات الصلة بذوي الإعاقة في شهر ديسمبر كانون الأول فقد عمت الاحتفالات الكثير من مؤسسات ذوي الإعاقة في اليمن، ففي الثالث من ديسمبر احتفل ذوو الإعاقة بيومهم العالمي الذي أعلنته الأمم المتحدة عام 1992، كما أن اليوم العربي لذوي الإعاقة يوافق 13 ديسمبر، وتستمر احتفالات مؤسسات ذوي الإعاقة على مدار الشهر إذ أصبح متعارفاً عليه بأن ديسمبر هو شهر ذوي الإعاقة كما يقول المعاقون أنفسهم.
وعلى الرغم من أهمية أحياء تلك المناسبات في نشر وإذكاء الوعي بين أفراد المجتمع بقضايا وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أن من المهم جداً إعادة التذكير بالالتزام الأممي تجاه ذوي الإعاقة واعتبارها قضية ذات أولوية وشرطاً أساسياً لدعم حقوق الإنسان والتنمية المستدامة، والسلام والأمن لأن الأمم المتحدة والأطراف المحلية أثبتت على أرض الواقع أن ذوي الإعاقة لا يمثلون لها أي أولوية، ومن خلال الرصد للجهود الإنسانية والإغاثية وجهود إحلال السلام في اليمن يتضح جلياً أن ذوي الإعاقة خارج كل الحسابات ولا يتم إشراكهم في محادثات السلام أو حتى التخطيط لعمليات الاستجابة والحماية الإنسانية رغم أنهم أكثر فئة دفعت ولا تزال ثمن الحرب الباهظة.
وتأسيساً على اعتراف الأمم المتحدة والدول الأطراف في الاتفاقية الدولية لتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة واليمن واحدة منها بأن ذوي الإعاقة من أشد الفئات تعرضاً للتهميش والإقصاء في المجتمع، فإنه يتوجب على مؤسسات ذوي الإعاقة وهي تحشد عشرات الملايين من الريالات أن تجيب ذوي الإعاقة عما سيتحقق لهم فعلياً على أرض الواقع من منجزات غير الاحتفالات المعتادة؟، وعلى مؤسسات ذوي الإعاقة أن ترفع الصوت عالياً لتوجد لها مكان ودور فاعل على غرار النساء وغيرهن من الفئات التي أصبحت رقماً هاماً لا يستطيع أحد استثنائه في كل المنظمات العاملة في اليمن وفي محادثات السلام وضمن مكونات جميع الأطراف المتنازعة.
كما أنه ينبغي على ذوي الإعاقة أفراداً ومؤسسات أن يوجهوا الجهود الإعلامية والحقوقية والميدانية الضاغطة نحو تثبيت حقوقهم في المؤسسات الحكومية والخاصة ذات النفع العام التي كفلتها لهم القوانين المحلية والتشريعات الدولية والحيلولة دون تهرب أي جهة من مسؤولياتها وإلقاء العبء على صندوق رعاية وتأهيل المعاقين أو مؤسساتهم المختلفة.
لقد عانى ذوو الإعاقة من الظلم والتعسف والحرمان حتى من قبل اندلاع الحرب في اليمن، وتخلت عنهم معظم الجهات الحكومية ملقيةً بكل المسؤولية على صندوق المعاقين الذي أُنشئ في عام 2002 ولم تُخصص له الموارد الكافية، ولم يتم تحديد أهداف تنموية لتحقيقها بقدر ما انشغل الصندوق بتغطية نفقات المراكز والجمعيات والجوانب الصحية، فضلاً عن الاختلالات المالية والإدارية التي طالما اشتكى منها ذوو الإعاقة على مدار سنوات تأسيس الصندوق، وقد حان الوقت لمساندة التوجهات الجادة التي تبذل حالياً لإصلاح صندوق رعاية وتأهيل المعاقين.
لقد دفع ذوو الإعاقة خلال سنوات الحرب ثمناً باهضاً أكثر من غيرهم حيث تعرضت مراكزهم ومؤسساتهم للحرق والنهب والسطو المسلح وحتى القصف المدفعي والقصف بالطيران كما وثق ذلك المركز الإعلامي لذوي الإعاقة في عدة تقارير سابقة، كما تزايدت حالات الإعاقة بشكل كبير في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وشحة الموارد المخصصة لمؤسساتهم، واستمر توقف الضمان الاجتماعي للعام الثامن على التوالي فيما ألغت منظمة اليونيسيف الزيادة التي كانت قد أقرتها على المساعدات النقدية الطارئة أثناء جائحة كوفيد 19، وعلاوة على ذلك فقد الكثير من ذوي الإعاقة وظائفهم ومنازلهم بسبب استمرار النزوح، وتقول منظمات محلية ودولية أن نسبة الفقر بين ذوي الإعاقة في اليمن تتجاوز 90%، كما أن ذوي الإعاقة في الأرياف ما يزالون محرومون من أبسط الخدمات الأساسية.
استمرار أنين معاقين الحرب رغم الهدنة
وفي حين شهد العام 2022 استقراراً أمنياً بفعل الهدنة الأممية التي بدأت إبريل نيسان الماضي وتنفس اليمنيون الصعداء إلا أن معاقي الحرب استمروا بالأنين لينضموا إلى ملايين المعاقين التي تتجاهلهم جميع الأطراف، وعلى الرغم من استمرار الهدنة كان من المفترض أن توجه الكثير من المساعدات نحو التأهيل والتدريب ودعم المشاريع الصغيرة والمنتجة لأرباب الأسر من ذوي الإعاقة إلا أنه لم يحدث شيء من ذلك باستثناء مشروع التمكين الاقتصادي لصندوق المعاقين في صنعاء الذي استهدف حوالي 1400 أسرة.
النشطاء في مواجهة الانتهاكات
في مطلع إبريل نيسان أثناء حفل نظمته الجمعية اليمنية للناجين من الألغام تساءلت لبيبة عبده سيف، رئيس الجمعية: “من منح المجرمين الضوء الأخضر لقتلنا واغتيال مستقبلنا؟، من سيعوض الضحايا في ظل تفاقم المشكلة أكثر وأكثر؟”، وقبلها صنف البرنامج الدولي أكلد Ecled اليمن أكبر دولة ملغومة في العالم منذ الحرب العالمية الثانية وتتحدث الجهات المختصة عن مئات الآلاف من الألغام وعشرات الآلاف من الضحايا وهذه الأرقام تشكل تحدياً كبيراً ومشاكل ستستمر إلى ما بعد توقف سنوات الحرب بكثير.
وفي العام 2022 لم تشهد الحالة الحقوقية لذوي الإعاقة هدنة ولم تتوقف الانتهاكات بحقهم، فقد تعرض طفل من ذوي الإعاقة الذهنية في عدن مطلع يونيو حزيران للاغتصاب الوحشي من قبل أخواله الثلاثة حتى فقد القدرة على المشي والتوازن، ورغم التشهير بالطفل ونشر صوره على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل بعض أفراد محسوبين على السلطة الأمنية لم يتم توفير أي نوع من الرعاية للطفل وحمايته وتم الإفراج عن الجناة وإعادة الضحية إليهم مرة أخرى وما يزال بحوزتهم حتى اللحظة.
وقد رصد المركز الإعلامي لذوي الإعاقة العديد من الانتهاكات التي يتعرض لها ذوو الإعاقات العقلية والذهنية في تقرير نشره في الثاني من أغسطس آب بعنوان: “المعاقون عقلياً في اليمن.. انتهاكات بالجملة ووجع خلف الجدران“، ومنها الطفل ذوي الإعاقة المزدوجة العقلية والحركية الذي تم رميه في مكب للقمامة وسط مدينة تعز وتكفلت به إحدى الأسر فيما لم تُعرف أسرته حتى الآن.
اللافت في هذا العام تصاعد العنف الأسري تجاه ذوي الإعاقة كما في الحالتين السابقتين بالإضافة لحالة الشاب يوسف النعامي، من ذوي الإعاقة البصرية، حيث أقدم والده على ضربه بالعطيف (الفأس) على رأسه أصبح على إثرها مشلولاً، ولاقت الحادثة استياءً كبيراً بين المكفوفين وعدد من المتضامنين الذين أصدروا في 17 ديسمبر كانون الأول عريضة تضامن تصدرها أكثر من 50 من الإعلاميين والمحامين والقضاة والأكاديميين والنشطاء ودعوا إلى نشرها وتداولها في وسائل التواصل الاجتماعي.
بل أن الاعتداء على ذوي الإعاقة والاستهتار بحياتهم قد وصل إلى تركهم على الطرقات كما حدث مع فؤاد عبده صالح، من ذوي الإعاقة العقلية، الذي دهسه سائق قاطرة في 21 ديسمبر كانون الأول في مديرية المخادر بمحافظة إب وسط اليمن بينما كان يرقد تحت شوال (كيس بلاستيكي) رغم اشتداد موجة البرد، وبحسب الأجهزة الأمنية فإن السائق قد سلم نفسه بعد معرفته بالحادث ووفاة فؤاد على الفور.
وفي نفس المديرية اقتحم مسلحون نهاية أبريل نيسان منزل نعمان عبد الله معوضة، من ذوي الإعاقة الحركية، وقاموا بتصفيته ثم لاذوا بالفرار، إلا أن الملازم أحمد الصلاحي، من شرطة المحافظة قد أكد للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة أن الأجهزة الأمنية قد ألقت القبض على أحد الجناة وأحالته إلى النيابة.
وفي حين يعتبر العام 2022 أقل تسجيلاً للانتهاكات بحق ذوي الإعاقة مقارنة بالعام الذي سبقه إلا أننا رصدنا كثافة في الانتهاكات الإعلامية والقوالب النمطية والمتحيزة بشكل كبير ولعل آخرها الاعتداء على الطفلة نبيلة، معاقة عقلياً ومن فئة المهمشين، وتعذيبها بقصد تصويرها والتشهير بها على أنها مصاصة دماء.
وفي مقابل تصاعد الخطاب الإعلامي غير المسؤول تجاه ذوي الإعاقة وخصوصاً من قبل صناع المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي فقد قاد الأشخاص ذوو الإعاقة ومناصروهم حملات ضاغطة رفضاً لذلك الخطاب، حيث أطلق المركز بيان إدانة لمسلسل “عيال المرحوم” الذي أساء إلى الصم تلته حملة على وسائل التواصل الاجتماعي انتهت باعتذار الشركة المنتجة،
وفي ذات السياق أطلق المركز حملة حقوقية حول التناول الرعائي والقاصر لذوي الإعاقة في كتاب الوطنية لصف السابع أساسي وقام بإجراء دراسة متكاملة للوحدة الرابعة في نفس الكتاب ورفعها إلى الوزارة وعلى إثرها تم إيقاف طبعة 2022 واستيعاب الكثير من التعديلات التي أقترحها المركز في طبعة 2023.
كما مثل ذوو الإعاقة صوتاً ضاغطاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي في عدة قضايا انتهت لصالحهم، وهذا يدل على أهمية تعزيز الوعي الحقوقي في أوساط الشباب والناشطين ذوي الإعاقة وتزويدهم بأدوات العمل الحقوقي وتدريبهم عليها لتمكينهم من الدفاع عن حقوقهم بأنفسهم.
تقول أم الخير: “دخلت مع ابنتي بتول في أول يوم دراسي لها ،تفاجأت جداً من الكتاب البرايل الذي كان أمامي عبارة عن مجرد نقاط لا أعرف لها تفسيراً، ولم أكن أعرف كيف أتعامل معه ولم يكن في بالي أن كتبهم مختلفة، يومها أتذكر أنني بكيت كثيراً وأحسست بأني أم فاشلة، وتساءلت -هل يمكنني فعلاً تحمل مسؤولية ابنتي الكفيفة؟!”
بودكاست “قصة إرادة” الحلقة (الثانية عشرة ) بعنوان : “تعلمت البرايل لأجل أبنائها.. أم الخير عطاء وحب بلا حدود” للمزيد على الرابط التالي :
خاص /
أقام المركز الإعلامي لذوي الإعاقة MCPD ندوة إعلامية حقوقية عصر اليوم بعنوان: وسائل الإعلام اليمنية وذوي الإعاقة الواقع والتحديات.
وفي الندوة التي عقدها المركز افتراضياً عبر تطبيق الزوم وبثها عبر صفحته على الفيسبوك تناول الناشط الحقوقي الصحفي فهيم سلطان القدسي، في المحور الأول: واقع وجود ذوي الإعاقة في وسائل الإعلام اليمنية سواءً كصانعي محتوى إعلامي أو كجمهور مستهدف، حيث أشار فهيم إلى أن وسائل الإعلام اليمنية رغم أنها قطعت شوط لا بأس به في تناول قضايا ذوي الإعاقة إلا أن ذلك التناول تراجع في الفترة الأخيرة، منوهاً إلى جملة من التوصيات التي من شأنها تفعيل دور ذوي الإعاقة وإشراكهم بشكل فاعل ضمن أدبيات وخطط وسائل الإعلام في اليمن.
من جانبها تحدثت أستاذ الإعلام المساعد بكلية الإعلام –جامعة صنعاء د. بلقيس محمد علوان، في المحور الثاني: عن مدى وعي الإعلاميين كأفراد وصانعي القرار في المؤسسات الإعلامية بكيفية تناول ومقاربة قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، وأكدت على ضرورة انطلاق وسائل الإعلام اليمنية من الأدبيات الحقوقية القانونية عند تناول قضايا ذوي الإعاقة، مشيرة إلى أهمية تمتع الإعلاميين بمستوى معرفي يؤهلهم للحديث عن قضايا ذوي الإعاقة، وعبرت علوان عن تقديرها الكبير للتوثيق العلمي والحقوقي الذي يطلع به المركز الإعلامي لذوي الإعاقة وقالت: “إن التقارير والرصد الإعلامي الموثق والدقيق الذي يقوم به المركز يشكل قاعدة معرفية هامة يمكن للإعلاميين ووسائل الإعلام الإستفادة منها”.
وفي المحور الثالث: تحدث دارس البعداني، رئيس المركز الإعلامي لذوي الإعاقة عن الاحتياجات الفعلية لذوي الإعاقة في الإعلام، مشيراً إلى أن الاحتياجات تتلخص في محورين الأول: احتياجات الإعلاميين ذوي الإعاقة وأهمية توفير بيئة إعلامية دامجة ومرحبة بذوي الإعاقة سواءً كموظفين وإداريين أو كقضايا وموضوعات يجب تناولها ضمن السياق العام وعدم تخصيص مساحات خاصة والاكتفاء بها، والمحور الثاني: تلبية الحاجات الاتصالية لجمهور وسائل الإعلام من ذوي الإعاقة مثل: عرض المزيد من البرامج بلغة الإشارة، وإدخال تقنية الوصف الصوتي للبرامج والمسلسلات وغيرها.
شهدت الندوة حضور نوعي من الحقوقيين والإعلاميين والأكاديميين المتخصصين الذين أشادوا بأهمية موضوع الندوة، مطالبين بالمزيد من الندوات وورش العمل التي تأسس لتناول واعي وحقوقي لمثل هكذا قضايا.
وخرجت الندوة بالعديد من التوصيات أهمها:
-إشراك ذوي الإعاقة في اتخاذ وتخطيط وتوجيه القرار في المؤسسات الإعلامية.
– ضرورة توسع وسائل الإعلام في تناول قضايا ذوي الإعاقة ضمن السياق العام للمحتوى وعدم عزلهم في مساحات محدودة.
– عمل دورات تدريبية للإعلاميين لزيادة معارفهم الحقوقية تجاه ذوي الإعاقة.
– إصدار دليل إرشادي يحتوي على الخطوط العريضة والمحددات القانونية والحقوقية التي يجب أن تنتهجها وسائل الإعلام بخصوص ذوي الإعاقة وتوحيد المفاهيم.
وفي الختام تقدم دارس البعداني، بالشكر للمشاركين على تفاعلهم، وأكد أن المركز الإعلامي سيعمل على تحويل تلك التوصيات إلى جانب عملي يلمسه ذوو الإعاقة في القريب العاجل.