المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى بمناصرة حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة

الحمى الشوكية وكرة الجرس.. طه يحكي قصة طموح مشوار رياضي حافل

الحمى الشوكية وكرة الجرس.. طه يحكي قصة طموح مشوار رياضي حافل

خاص / أحمد علي الفقيه

“في إحدى البطولات التي شاركنا فيها خارج البلاد عند ما مررت الكرة إلى زميلي في الفريق تدحرجت من يدي ودخلت إلى المرمى الخاص بنا بسبب ثقلها الذي لم نكن معتادين عليه، فالكرة التي كنا نلعب بها في اليمن لم تكن ثقيلة بهذا الوزن ما سبب لي في حينها إحراج كبير”.

طه الصياد، مسيرة رياضية حافلة بالإنجاز ومتوجة بالميداليات والكؤوس فمنهو؟:

طه أحمد الصياد، مواليد 1981-م، من أبناء محافظة المحويت_ مديرية الرجم_ عزلة بيت الجرادي.متزوج وأب لولدين. أصيب بالحمى الشوكية وفقد على إثرها بصره وهو في الخامسة من عمره.
يقول طه أنه لم يفقد بصره دفعة واحدة، ولكن بسبب قلة الوعي في منطقته النائية لم تتعامل الأسرة مع المشكلة إلا بعد سنة تقريباً من بداية تدهور نظره مما أدى إلى تلف العصب البصري.

سيراً على الأقدام رغم بعد المسافات.

فقد طه بصره، لكنه لم يفقد الأمل ولم يفقد طموحه، فالتحق بمركز النور لرعاية وتأهيل المكفوفين بصنعاء وهو في التاسعة من عمره ليدرس المرحلة الأساسية، واستمر في السكن الطلابي الملحق بالسكن بينما انتقل للدراسة الثانوية بمدرسة الشعب النموذجية ضمن برنامج الدمج. وفي العام 2006 تخرج طه من قسم الدراسات الإسلامية كلية الآداب بجامعة صنعاء.

يتحدث طه بحسرة عن انخفاض تحصيله العلمي عندما انتقل للدمج في المرحلة الثانوية ثم الجامعية بسبب كم الصعوبات التي واجهته كما واجهت زملائه المكفوفين، يقول طه: “لم يكن طريق التحصيل العلمي سهلاً ولم يكن مفروشاً بالورد على الإطلاق، فقد كنا نعاني في التسعينات ومطلع الألفية من عدم توفر المناهج بطريقة برايل للمكفوفين، وكنا نحصل على مناهج مسجلة صوتياً بعد صعوبات وتأخر كبيرين فضلاً عن صعوبة الحصول على الوسائل المعينة كالمسجلات والأشرطة الكاسيت حينها وغيرها، كما أن المدرسة كانت بعيدة عن السكن ولم تكن  لنا وسيلة مواصلات خاصة بنا فكنا نذهب إلى المدرسة ونعود منها راجلين على أقدامنا”

من اللجان الطلابية إلى القمة.

في السكنات الداخلية للطلاب تتلاقح الأفكار وتتنوع الخبرات والمعارف التي يكتسبها الطلاب من بيئتهم الغنية بالتنوع، إلى جانب الخبرة التي يكتسبونها من الأنشطة واللجان الطلابية، وكان بطلنا من أفراد قليلون يحرصون على الاستفادة من تلك الميزة فقد كان واحداً من أعضاء اللجنة الطلابية التي اختارها طلاب السكن لتمثيلهم أمام الجهات المختصة للمطالبة بحقوقهم وتحسين أوضاعهم في السكن التي تراجعت كثيراً بعد الحرب الأهلية عام 94 على غرار جميع مؤسسات القطاع العام كما يقول.

يعتقد طه إن عضويته في تلك اللجنة كانت الفاتحة لعمله في المجال الاجتماعي، فقد أُنتخِب عضواً في الهيئة الإدارية لجمعية المكفوفين في العام 2001 ليصبح مسؤولاً للإعلام إلى جانب المسؤول الرياضي المجال الذي يحبه طه ويعشقه بجنون، فبعدها بعام واحد كان طه ممثلاً عن الجمعية اليمنية للمكفوفين واحد من مؤسسي الاتحاد الوطني لرياضة المعاقين في اليمن، وشغل فيه منصب مسؤول الفروع حتى العام 2012، ثم مسؤولاً عن الإعلام والعلاقات العامة حتى اليوم.

وعلى الصعيد الاجتماعي يتمتع طه بعلاقات واسعة ومتميزة، بالإضافة لحياته المهنية من خلال عمله الحكومي في وزارة النقل منذ عام 2004، حيث تكرم مرتين من قبل وزيرين مختلفين الأولى في عام 2012 والثانية في عام 2019 نظير تميزه في عمله بالوزارة في إدارة الإعلام والعلاقات العامة على وجه التحديد.

لماذا اختار طه أن يكون رياضياً

يقول طه إن علاقته بالرياضة هي علاقة حب وشغف منذ الطفولة وكبرت معه، مضيفاً: “إن الرياضة إلى جانب دورها في تقوية البنية الجسدية، فهي تساعد الشخص على تحقيق أهدافه من خلال القيم التي يكتسبها من هذا المجال، كما أن الرياضة لم تؤثر على تحصيلي العلمي على الإطلاق”

كيف كانت البدايات؟

يصف طه بداياته مع الرياضة في سكن مركز النور وأيام الدراسة فيقول: “لم نكن نعرف كرة الجرس للمكفوفين فكنا نشتري كرة عادية فنضعها في كيس بلاستيكي حتى نتمكن من سماعها أثناء اللعب، فقد كان لعب عشوائي وبلا أي قواعد منظمة، لكننا عرفنا كرة الهدف أو ما يطلق عليها بكرة الجرس مؤخراً وخضت شخصياً تصفيات على مستوى الجمهورية، وشاركت في بطولات خارجية”

لم تكن كرة الهدف وحدها فقد تنقل طه في ممارسته للرياضة بين قوة البدن، ودهاء العقل، فقد مارس إلى جانب ذلك رياضة شد الحبل، ولعبة الشطرنج، والسباحة، والجري. وقد كانت له العديد من المشاركات داخلياً وخارجياً سواءً فردية أو جماعية ومنها:

المشاركات المحلية التي تنوعت وتعددت حيث يقول: “شاركت في كثير من المنافسات الرياضية والثقافية ولقد حصلت على المركز الرابع في بطولة الشطرنج التي أقامها الاتحاد الرياضي لرياضة المعاقين عام 2005، والمركز الأول في عام 2012، كما أنني شاركت في البطولة التي أقامها الاتحاد العام للشطرنج بأمانة العاصمة في مقر النادي الأهلي عام 2014 وحصلت فيها على تكريم خاص كأول كفيف يشارك مع غيره من اللاعبين المبصرين، وكان ترتيبي العاشر ضمن خمسين مشارك في البطولة، وقدت فريق كرة الهدف للجمعية اليمنية للمكفوفين إلى الفوز بلقبين لبطولة الجمهورية التي أقامها الاتحاد الرياضي.. وحمل كأس البطولة عامي 2008 و2013”.

  • المشاركة ضمن الفريق اليمني في بطولة آسيا للشطرنج بالهند عام 2003، ورغم أنها المشاركة الأولى لطه والفريق خارج البلاد إلا أن اليمن حصلت على المركز الرابع على مستوى الدول المشاركة في البطولة.
  • المشاركة في الأردن في كرة الهدف عام 2009، وعنها يقول طه: “لم تكن تلك المشاركة كما تمنيت للأسف، فقد كانت أول مبارةٍ في تلك البطولة بالنسبة لي كربة لا أنساها، فقد فوجئت من حجم الكرة وثقلها، فلم تكن لدينا كرة دولية داخل اليمن، من ما أثر على مستوى الفريق ونتائجه في تلك البطولة”.
صورة لميداليات البطولات التي شارك فيها

وكما أن الرياضة تبني جسماً سليماً فسيكون العقل والقلب سليماً بالضرورة كما تقول الحكمة المعروفة، وفعلاً فقد كانت لبطل قصتنا العديد من المشاركات في المسابقات الثقافية والقرآنية سواءً بشكل شخصي أو ممثلاً عن عدة جهات.

ولا يخفي طه في ختام حديثه لل-MCPD أحلامه على المستويين الخاص والعام: فعلى المستوى الخاص يتمنى أن تتاح له الفرصة في المزيد من العطاء والتألق في رياضات المكفوفين وخصوصاً الشطرنج، وعلى المستوى العام يقول طه: “أرجو أن يتحسن وضع رياضة ذوي الإعاقة في بلادنا، وأن ينتقل الاتحاد الرياضي للمعاقين إلى مقر ملك بدلاً عن الإيجار، كما أتمنى أن أرى الرياضيين ذوي الإعاقة في منصات التتويج محلياً وعالمياً”

رفض لمضمون وحدة دراسية عن المعاقين والوزارة تعد بالتصويب

رفض لمضمون وحدة دراسية عن المعاقين والوزارة تعد بالتصويب

خاص: إبراهيم محمد المنيفي /

“تفاجأت وأنا أذاكر لأختي ملاك في الصف السابع كتاب الوطنية بطريقة تناول المنهج لذوي الإعاقة، حيث قدمهم المنهج على أنهم يعانون من قصور في القدرة على التعلم، وقدمهم على أنهم حالة مرضية حيث وضعهم مقابل الأفراد السليمين في التعريف” خديجة أبو جابر تتحدث لل-MCPD عن الوحدة الرابعة من كتاب الوطنية الذي يعتبر أحد مجالات مادة الاجتماعيات للصف السابع الأساسي.

لطالما اشتكى ذوو الإعاقة من تهميشهم في المناهج الدراسية وتناولهم بطريقة نمطية وخاطئة، وطالبوا بأن يكون لوزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي دور في نشر الوعي بقضايا وحقوق ذوي الإعاقة كشريحة تمثل 15% من السكان.

ومؤخراً استجابت وزارة التربية والتعليم بصنعاء لمطالب ذوي الإعاقة وخصصت وحدة كاملة في مادة الاجتماعيات كتاب الوطنية الوحدة الرابعة التي تكونت من أربعة دروس بواقع سبعة عشر صفحة، ناقشت مواضيع الوحدة تعريف ذوي الإعاقة، ومتطلباتهم، وأبرز مؤسساتهم في اليمن، ودمجهم في الحياة العامة.

منظور رعائي متحيز يرفضه أولياء أمور المعاقين وبعض المعلمين.

على الرغم من التوجه الإيجابي لقطاع المناهج بوزارة التربية والتعليم نحو تبني قضايا ذوي الإعاقة من خلال المناهج الدراسية إلا أن حقوقيين وأولياء أمور رأوا في محتوى الوحدة الدراسية المشار إليها منظور رعائي طبي متحيز يخالف التوجه الحقوقي العادل الذي نص عليه مضمون القانون رقم 61 لسنة 1999 ولائحته التنفيذية والتزامات اليمن الدولية من خلال مصادقتها على الاتفاقية الدولية لتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

تقول خديجة أبو جابر: “شعرت بالأسف والاستياء حينما رأيت ذوي الإعاقة يقدمون بهذه الطريقة، وقررت إعطاء أختي تعريفاً مختلفاً عن التعريف الموجود في الكتاب مراعاةً لمشاعرها فهي كفيفة وأعتقد أن التعريف ذات مضمون لا يراعي مشاعر الطلاب ذوي الإعاقة” وتضيف خديجة: “حتى المعلمة التي تدرس أختي أخبرتني بأنها تجاوزت التعريف في غرفة الصف حرصاً على مشاعر أختي الطالبة لديها”

من جهتها تحدثت أمل ،معلمة اجتماعيات في إحدى المدارس الخاصة، أن مدرستهم تلقت الطبعة الجديدة بالفعل وأنها بدأت بتقديمها لطلابها في الصف السابع، وقالت أنها لم تلاحظ أي تقديم متحيز لذوي الإعاقة في الوحدة المشار إليها وأنها على العكس تحث في مضامينها على دمج ذوي الإعاقة في المجتمع.

مخالفات للقانون.. وذكر مؤسسات وتجاهل لأخرى.

يتفق الجميع على إيجابية التوجه نحو طرح وتناول قضايا ذوي الإعاقة ضمن المناهج الدراسية ويطالبون من وزارة التعليم العالي أن تحذو حذو وزارة التربية والتعليم في ذلك. وتكمن اعتراضات الحقوقيين وأولياء الأمور الذين تحدثوا لل-mcpd على مضامين الوحدة في عدة نقاط أهمها:

  • عنوان الوحدة “ذوي الاحتياجات الخاصة ومتطلباتهم” فمصطلح “ذوي الاحتياجات الخاصة” الذي تم استخدامه في عنوان الوحدة وخلال الدروس الأربعة يشمل فئات أخرى كثيرة غير ذوي الإعاقة كالموهوبين وذوي الأمراض المزمنة وأطفال الشوارع وغيرهم ممن يعتبرون فئات خاصة ولهم احتياجات خاصة يدرسها علم التربية الخاصة.
  • مخالفة روح الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة ومضامين القوانين النافذة في البلاد التي تشير إلى هذه الفئة بمصطلح ذوي الإعاقة، وذلك في صفحة 65 من الكتاب المذكور التي جاء فيها: “كما يطلق على هذه الفئات اسم المعاقين، والأفضل اسم ذوي الاحتياجات الخاصة حتى لا تُجرح مشاعرهم”
  • مخالفة التوجه الحقوقي الذي يعتبر الإعاقة حالة اختلاف وتنوع طبيعي في المجتمع تحتاج فقط لمعينات وتهيئة ظروف مناسبة لتجاوز الإعاقة وليست حالة صحية بمعنى أن ذوي الإعاقة ليسوا عاجزين عن تحقيق ما يحققه غيرهم إذا توفرت لهم الوسائل والأجهزة التعويضية والبيئة المناسبة، فالتعريف الوارد في كتاب الوطنية للصف السابع صفحة 65 يضع الشخص المعاق كشخص مريض مقابل غير المعاق الذي يصفه بالسليم حيث نص التعريف على المعاقين بأنهم: “أفراد يعانون من قصور في القدرة على التعلم أو اكتساب خبرات أو مهارات أو أداء أعمال يقوم بها الفرد السليم”
  • الخلط بين ذوي الإعاقة العقلية وذوي صعوبات التعلم وهما شريحتان مختلفتان بحسب مقياس الذكاء العالمي ستنفورد بينيه stanfurd binih SB5 في الدرس الثالث “متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة” صفحة 69.
  • وعند التطرق لذكر مؤسسات ذوي الإعاقة في الدرس الثالث ذكرت أسماء بعض المؤسسات بشكل خاطئ مثل: “مدرسة أمان للكفيفات” والمقصود مدرسة “الشهيد فضل الحلالي للكفيفات” التابع لجمعية الأمان، فضلاً عن ذكر مؤسسات توقفت عن العمل، والتفصيل في ذكر بعض المؤسسات والمراكز التابعة لها وتجاهل مؤسسات أخرى تعتبر الأكبر والأقدم مثل مركز النور للمكفوفين بعدن الذي تأسس عام 1954 والاتحاد الوطني الذي يعتبر مضلة لاتحاد جمعيات ذوي الإعاقة في اليمن.

الوزارة تنتقد مؤسسات ذوي الإعاقة وتعِد بالتصويب.

حصلنا في ال-MCPD على نسخة من كتاب الوطنية طبعة عام 2022 للتحقق من صحة ما ذُكِر، وتواصلنا مع د. ضيف الله الدريب، مدير عام المناهج بوزارة التربية والتعليم بصنعاء الذي أبدى استعداد الوزارة الكامل لتصويب ما يُعتقد أنها أخطاء وقال: “إن الكتاب المشار إليه نسخة تجريبية مدتها عام واحد، وسنعمل على تصويب ما قد تكون أخطاء أو معلومات ناقصة، وقد وجهت المعنيين بتوقيف إرسال الكتاب للمطابع للتحقق مما ذُكِر”

وعن استشارة ذوي الإعاقة والمتخصصين حول مضمون الوحدة الموجهة لذوي الإعاقة قال الدريب: “لقد قمنا بتشكيل فرق مختصة وأعطيناهم محددات ومعايير عمل ولا يمكن أن يتم الأمر بصورة ارتجالية”، وانتقد الدريب تقصير مؤسسات ذوي الإعاقة في التعاون والتشبيك مع قسم ذوي الإعاقة والموهوبين بالوزارة لتزويدهم بالمعلومات اللازمة.

من جهتها قالت صباح الجوفي ،مدير إدارة التربية الشاملة بوزارة التربية والتعليم: “لا نعلم بهذه الوحدة ولم يتم استشارتنا عند وضعها” وطالبت الجوفي من مؤسسات ذوي الإعاقة الاطلاع على الوحدة الدراسية المذكورة وعمل التصويبات والتوقيع عليها والرفع بها، وتعهدت بمتابعتها لدى الإدارة المختصة في الوزارة.

رفض لمضمون وحدة دراسية عن المعاقين والوزارة تعد بالتصويب

رفض لمضمون وحدة دراسية عن المعاقين  والوزارة تعد بالتصويب

خاص: إبراهيم محمد المنيفي /

“تفاجأت وأنا أذاكر لأختي ملاك في الصف السابع كتاب الوطنية بطريقة تناول المنهج لذوي الإعاقة، حيث قدمهم المنهج على أنهم يعانون من قصور في القدرة على التعلم، وقدمهم على أنهم حالة مرضية حيث وضعهم مقابل الأفراد السليمين في التعريف” خديجة أبو جابر تتحدث لل-MCPD عن الوحدة الرابعة من كتاب الوطنية الذي يعتبر أحد مجالات مادة الاجتماعيات للصف السابع الأساسي.

لطالما اشتكى ذوو الإعاقة من تهميشهم في المناهج الدراسية وتناولهم بطريقة نمطية وخاطئة، وطالبوا بأن يكون لوزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي دور في نشر الوعي بقضايا وحقوق ذوي الإعاقة كشريحة تمثل 15% من السكان.

ومؤخراً استجابت وزارة التربية والتعليم بصنعاء لمطالب ذوي الإعاقة وخصصت وحدة كاملة في مادة الاجتماعيات كتاب الوطنية الوحدة الرابعة التي تكونت من أربعة دروس بواقع سبعة عشر صفحة، ناقشت مواضيع الوحدة تعريف ذوي الإعاقة، ومتطلباتهم، وأبرز مؤسساتهم في اليمن، ودمجهم في الحياة العامة.

منظور رعائي متحيز يرفضه أولياء أمور المعاقين وبعض المعلمين.

على الرغم من التوجه الإيجابي لقطاع المناهج بوزارة التربية والتعليم نحو تبني قضايا ذوي الإعاقة من خلال المناهج الدراسية إلا أن حقوقيين وأولياء أمور رأوا في محتوى الوحدة الدراسية المشار إليها منظور رعائي طبي متحيز يخالف التوجه الحقوقي العادل الذي نص عليه مضمون القانون رقم 61 لسنة 1999 ولائحته التنفيذية والتزامات اليمن الدولية من خلال مصادقتها على الاتفاقية الدولية لتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

تقول خديجة أبو جابر: “شعرت بالأسف والاستياء حينما رأيت ذوي الإعاقة يقدمون بهذه الطريقة، وقررت إعطاء أختي تعريفاً مختلفاً عن التعريف الموجود في الكتاب مراعاةً لمشاعرها فهي كفيفة وأعتقد أن التعريف ذات مضمون لا يراعي مشاعر الطلاب ذوي الإعاقة” وتضيف خديجة: “حتى المعلمة التي تدرس أختي أخبرتني بأنها تجاوزت التعريف في غرفة الصف حرصاً على مشاعر أختي الطالبة لديها”

من جهتها تحدثت أمل ،معلمة اجتماعيات في إحدى المدارس الخاصة، أن مدرستهم تلقت الطبعة الجديدة بالفعل وأنها بدأت بتقديمها لطلابها في الصف السابع، وقالت أنها لم تلاحظ أي تقديم متحيز لذوي الإعاقة في الوحدة المشار إليها وأنها على العكس تحث في مضامينها على دمج ذوي الإعاقة في المجتمع.

مخالفات للقانون.. وذكر مؤسسات وتجاهل لأخرى.

يتفق الجميع على إيجابية التوجه نحو طرح وتناول قضايا ذوي الإعاقة ضمن المناهج الدراسية ويطالبون من وزارة التعليم العالي أن تحذو حذو وزارة التربية والتعليم في ذلك. وتكمن اعتراضات الحقوقيين وأولياء الأمور الذين تحدثوا لل-mcpd على مضامين الوحدة في عدة نقاط أهمها:

  • عنوان الوحدة “ذوي الاحتياجات الخاصة ومتطلباتهم” فمصطلح “ذوي الاحتياجات الخاصة” الذي تم استخدامه في عنوان الوحدة وخلال الدروس الأربعة يشمل فئات أخرى كثيرة غير ذوي الإعاقة كالموهوبين وذوي الأمراض المزمنة وأطفال الشوارع وغيرهم ممن يعتبرون فئات خاصة ولهم احتياجات خاصة يدرسها علم التربية الخاصة.
  • مخالفة روح الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة ومضامين القوانين النافذة في البلاد التي تشير إلى هذه الفئة بمصطلح ذوي الإعاقة، وذلك في صفحة 65 من الكتاب المذكور التي جاء فيها: “كما يطلق على هذه الفئات اسم المعاقين، والأفضل اسم ذوي الاحتياجات الخاصة حتى لا تُجرح مشاعرهم”
  • مخالفة التوجه الحقوقي الذي يعتبر الإعاقة حالة اختلاف وتنوع طبيعي في المجتمع تحتاج فقط لمعينات وتهيئة ظروف مناسبة لتجاوز الإعاقة وليست حالة صحية بمعنى أن ذوي الإعاقة ليسوا عاجزين عن تحقيق ما يحققه غيرهم إذا توفرت لهم الوسائل والأجهزة التعويضية والبيئة المناسبة، فالتعريف الوارد في كتاب الوطنية للصف السابع صفحة 65 يضع الشخص المعاق كشخص مريض مقابل غير المعاق الذي يصفه بالسليم حيث نص التعريف على المعاقين بأنهم: “أفراد يعانون من قصور في القدرة على التعلم أو اكتساب خبرات أو مهارات أو أداء أعمال يقوم بها الفرد السليم”
  • الخلط بين ذوي الإعاقة العقلية وذوي صعوبات التعلم وهما شريحتان مختلفتان بحسب مقياس الذكاء العالمي ستنفورد بينيه stanfurd binih SB5 في الدرس الثالث “متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة” صفحة 69.
  • وعند التطرق لذكر مؤسسات ذوي الإعاقة في الدرس الثالث ذكرت أسماء بعض المؤسسات بشكل خاطئ مثل: “مدرسة أمان للكفيفات” والمقصود مدرسة “الشهيد فضل الحلالي للكفيفات” التابع لجمعية الأمان، فضلاً عن ذكر مؤسسات توقفت عن العمل، والتفصيل في ذكر بعض المؤسسات والمراكز التابعة لها وتجاهل مؤسسات أخرى تعتبر الأكبر والأقدم مثل مركز النور للمكفوفين بعدن الذي تأسس عام 1954 والاتحاد الوطني الذي يعتبر مضلة لاتحاد جمعيات ذوي الإعاقة في اليمن.

الوزارة تنتقد مؤسسات ذوي الإعاقة وتعِد بالتصويب.

حصلنا في ال-MCPD على نسخة من كتاب الوطنية طبعة عام 2022 للتحقق من صحة ما ذُكِر، وتواصلنا مع د. ضيف الله الدريب، مدير عام المناهج بوزارة التربية والتعليم بصنعاء الذي أبدى استعداد الوزارة الكامل لتصويب ما يُعتقد أنها أخطاء وقال: “إن الكتاب المشار إليه نسخة تجريبية مدتها عام واحد، وسنعمل على تصويب ما قد تكون أخطاء أو معلومات ناقصة، وقد وجهت المعنيين بتوقيف إرسال الكتاب للمطابع للتحقق مما ذُكِر”

وعن استشارة ذوي الإعاقة والمتخصصين حول مضمون الوحدة الموجهة لذوي الإعاقة قال الدريب: “لقد قمنا بتشكيل فرق مختصة وأعطيناهم محددات ومعايير عمل ولا يمكن أن يتم الأمر بصورة ارتجالية”، وانتقد الدريب تقصير مؤسسات ذوي الإعاقة في التعاون والتشبيك مع قسم ذوي الإعاقة والموهوبين بالوزارة لتزويدهم بالمعلومات اللازمة.

من جهتها قالت صباح الجوفي ،مدير إدارة التربية الشاملة بوزارة التربية والتعليم: “لا نعلم بهذه الوحدة ولم يتم استشارتنا عند وضعها” وطالبت الجوفي من مؤسسات ذوي الإعاقة الاطلاع على الوحدة الدراسية المذكورة وعمل التصويبات والتوقيع عليها والرفع بها، وتعهدت بمتابعتها لدى الإدارة المختصة في الوزارة.

معاقون يُمنعون من ركوب الباصات ووسائل المواصلات فالماذا؟!

معاقون يُمنعون من ركوب الباصات ووسائل المواصلات فالماذا؟!

خاص: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD / محمد الشيباني

“منعت من ركوب  باص الطالبات في الجامعة رغم أنني طالبة منهن وذلك على أساس إعاقتي وبسبب الكرسي المتحرك الذي أمشي عليه” إيناس عبد الإله طالبة جامعية تشرح معاناتها مع وسائل المواصلات وكيف أثر ذلك على نفسيتها، تقول إيناس لل-MCPD: “بدأت المشكلة عندما اتخذ  مسؤول الحركة في جامعتي  قرار تعسفي بحقي وهو منعي من صعود الباص مع زميلاتي بذريعة أنني أستقل كرسي متحرك حيث أنه يشكل عائقاً أمام الطالبات وكذا يأخذ حيز كبير من الباص وهذا ما شكل لي عنف نفسي وخلق لي صعوبات كثيرة في دراستي”

وتتساءل إيناس: “كيف لذوي الإعاقة الحركية أن يمارسوا حياتهم وهم محرومون من حق التنقل عبر المواصلات العامة؟” قصة إيناس نموذج من سلسلة معاناة لا تنتهي من الطرق ووسائل المواصلات العامة تواجه ذوي الإعاقة وتضطر بعضهم للعزوف عن مشواره التعليمي والمهني خصوصاً أولئك الذين لا يستطيعون تحمل تكلفة مواصلات خاصة.

وجيد المقطري ،معاق حركياً، يقول لل-MCPD أنه توقف عن دراسته الجامعية جراء معاناته الطويلة مع وسائل المواصلات بسبب الكرسي المتحرك الذي يستقله. وبحسب وجيد فإن سائقي الباصات كانوا يرفضون التوقف لأجله لا سيما عند رؤيتهم للكرسي المتحرك، وهذا يحدث مع معظم  المعاقين كما يقول، يضيف وجيد: “نحن نحاول \إقناع السائق بأن الوضع عادي جداً و لا يستدعي القلق من أي شيء، ومع ذلك يرفض الاستماع هذا إذا افترضنا أنه توقف أصلاً”

من ناحية أخرى يشكوا ذوي الإعاقة البصرية من بعض سائقي الباصات العامة بأنهم يتجاهلونهم ويرفضون التوقف لهم حينما يكونون بمفردهم معتقدين أن الشخص الكفيف لن يكون بإمكانه وصف نقطة التوقف بشكل صحيح وأنهم سيتحملون مسؤولية ذلك، يقول مروان شداد ،شاب كفيف: “حدث أنني استوقفت وسيلة مواصلات عامة إلى مشوار معين بيد أن سائق الباص  رفض صعودي معه بسبب أنني بمفردي, والأدهى من ذلك أن المتواجدين على الباص لم يحركوا ساكن، بل وقام البعض بمساندته في القرار.”

ويحذر مروان من تبيعات مثل تلك الانتهاكات نفسياً على ذوي الإعاقة حيث يقول: “على الرغم من أن هذه مشكلة أصبحت نادرة إلا أنها تصيب البعض بخيبات أمل خصوصا عندما يرفض السائق استيضاح الأمر ويعبر الطريق دون مبالاة أو اهتمام.” أما ذوي الإعاقة السمعية فتبدو مشكلتهم مع المواصلات أكثر تعقيداً بسبب عدم فهم الكثير للغة الإشارة وعدم تضمينها ضمن متطلبات رخصة القيادة من الإدارة العامة للمرور.

كما يواجه ذوو الإعاقة أحياناً مواقف محرجة مثل مبادرة البعض للتصدق عليهم طلباً للأجر حتى لولم يوحي شكل المعاق بأنه متسول ما يعكس نظرة سلبية كرستها بعض وسائل الإعلام والدراما عند المجتمع بأن ذوي الإعاقة متسولون.

أعطينا في ال-MCPD مساحة لسائقي الباصات العامة للرد والحديث حول هذه المشاكل واقتراح الحلول, حيث يقول زكي ،سائق باص منذ ستة أعوام،:  “نادراً ما ألتقي بأشخاص ذوي إعاقة سيما الحركية، وحتى إن وجدتهم فأنا أتعامل معهم من المنظور الإنساني فلا فرق بيننا وبينهم”

وحين سألناه عن الحيز الذي تأخذه الكراسي المتحركة الخاصة بذوي الإعاقة الحركية؟ قال  بأنها تأخذ ثلاثة مقاعد كحد ادنى. يقترح بعض الحقوقيين من ذوي الإعاقة أنه وإلى جانب التوعية بحق ذوي الإعاقة في التنقل عبر المواصلات العامة فإن هناك إجراءات أخرى يمكن لها أن تشجع سائقي الباصات والمواصلات العامة على مراعاة ذوي الإعاقة وعدم تجاهلهم مثل إعفائهم من بعض رسوم الفرز ( نقطة تجمع الباصات العامة ) والضرائب حال وجد على متن وسيلة المواصلات شخص من ذوي الإعاقة وغير ذلك من الإجراءات إدارة المرور ليست مطلعة على قانون المرور ويعتقد مروريون أن هناك قضايا أهم من قضايا حق المعاقين في التنقل.

ما دور إدارة المرور في الجانب التوعوي والإرشادي؟

تحدثنا في ال-MCpD  إلى شرطي المرور  ثائر غيلان، منظم لحركة السير بأمانة العاصمة والذي أفاد بدوره بأن إدارة المرور لا تهتم بهذا الجانب مشيرا إلى أن المرور لديه مواضيع أكبر وأهم من ذلك على حد تعبيره، معللاً ذلك بأن أفراد المجتمع لا يعون أبسط قواعد المرور البديهية ناهيك عن مراعاة ذوي الإعاقة، ومع ذلك وعد غيلان بطرح هذه القضية للإدارة ووضعها على طاولة النقاش.

وعن الأسباب التي دعت إلى إغفال هذا الجانب من قبل المرور يقول غيلان: “بأن الموضوع وعلى الرغم من تزايد عدد المعاقين جراء الحرب إلا أنه يتم  التعامل معهم بنظرة إنسانية وليس وفقا للمنظور الحقوقي.”

وأشار العميد ركن دكتور بكيل البراشي مدير عام المرور بالعاصمة إلى قانون رقم 46 لسنة 1991 الذي يحتوي على بعض النصوص المتعلقة بحقوق ذوي الإعاقة في المرور والتي لن يعمل بها على أرض الواقع كما قال، إلا أننا في ال-MCPD قد تحققنا من القانون المشار إليه والذي لم يتطرق إلى ذوي الإعاقة لا من قريب أو بعيد على الرغم من النص على مراعاة الحيوانات من قبل سائقي المركبات العامة وتخفيض السرعة.

ويضل الحق في التنقل الآمن والمستقل حقاً مهدوراً يدفع ثمنه ذوو الإعاقة كل يوم كما يقولون، والمشكلة ستطرح على طاولة النقاش وستحل، هكذا يعد المسؤولون.