الوسم: ذوي الإعاقة
خاص : إبراهيم محمد المنيفي /
أعلنت منظمة الصحة العالمية العاشر من أكتوبر تشرين الأول يوماً عالمياً للصحة النفسية، وبحسب المنظمة فإن الصحة النفسية هي: “حالة من الرفاه النفسي تمكن الشخص من مواجهة ضغوط الحياة وتحقيق إمكانياته، والتعلم، والعمل بشكل جيد، والمساهمة في مجتمعه المحلي، وهي جزء لا يتجزأ من الصحة والرفاه الذَين يدعمان قدراتنا الفردية والجماعية على اتخاذ القرارات وإقامة العلاقات وتشكيل العالم الذي نعيش فيه، وهي حق من حقوق الإنسان”
ووفقاً للصحة العالمية فإن عدم وجود الاضطرابات النفسية لا يعني أنه توجد صحة نفسية بالضرورة إذ لا صحة نفسية دون رفاه على مختلف المستويات، ومن هنا كان شعار اليوم العالمي لهذا العام “الصحة النفسية والرفاه للجميع”.
وفي اليمن قبل اندلاع الحرب 2014 كان 47% من السكان يعيشون تحت خط الفقر وارتفعت النسبة إلى 79% بعد ثمان سنوات من الحرب بحسب المنظمات الإنسانية، ونتيجة لتزايد انتشار الفقر واستمرار الحرب والمصاعب الاقتصادية تتزايد الاضطرابات النفسية بشكل كبير بين اليمنيين، وقدرت دراسة ميدانية قامت بها مؤسسة التنمية والإرشاد الأسري بين عامي 2014-2017 عدد الذين يعانون من اضطرابات نفسية بخمسة ملايين شخص، ولاشك أن الأرقام قد تزايدت بشكل أكبر ولا سيما مع إعلان الأمم المتحدة اليمن أشد أزمة إنسانية في الكوكب لستة أعوام على التوالي.
وإذا كان نسبة كبيرة من السكان في اليمن عرضة للاضطرابات النفسية وقد بدأت منظمات ومختصين يدقون ناقوس الخطر فإن الأشخاص ذوي الإعاقة أكثر عرضة لخطر الاضطرابات النفسية لا سيما مع الارتفاع الكبير لأعداد المعاقين بفعل الحرب وتدهور خدمات الرعاية والتأهيل وإغلاق وتوقف العديد من مراكز ذوي الإعاقة وصعوبة وصولهم لما تبقى منها.
ما طبيعة مشاكل ذوي الإعاقة ومن وراءها؟
ولأن ذوي الإعاقة جزء من المجتمع فهم يتعرضون لما يتعرض له غيرهم من ضغوط وصعوبات وإن كانت بشكل أكبر ومن نواحي مختلفة فبحسب أسماء البهلولي، أخصائية ومعالجة نفسية، فإن انخفاض تقدير الذات والنظرة الدونية، والاعتمادية، والرغبة في البقاء في دائرة الشفقة، وعدم المرونة والتحسس الشديد من الانتقاد هي أبرز ملامح الحالات التي تعاملت معها من ذوي الإعاقة كأخصائية.
وتتفق معها حنان الجمادي، اخصائية اجتماعية في الجمعية اليمنية للمكفوفين سابقاً، وتقول: “أنه بالإضافة للنظرة الدونية فإن ذوي الإعاقة يتعرضون لحرمان عاطفي كبير من قبل الأسرة والمجتمع ما يتسبب لهم في حالة من الاكتئاب وانخفاض تقدير الذات وأزمات واضطرابات نفسية مختلفة”، وترجع الجمادي السبب في الكثير من الاضطرابات التي يعانيها ذوي الإعاقة إلى التنشئة الاجتماعية بشكل عام بما تتضمنه من طرق تعامل وتوزيع للأدوار داخل الأسر وضمن المجتمع.
من جهته يرى فؤاد المعاين، طالب جامعي من ذوي الإعاقة، إن عدم توفر مقومات الحياة للمعاق بالشكل المطلوب من شأنها أن تعزز شعوره بالدونية وهي في الأساس ناتجة عن نظرة بعض أفراد المجتمع القاصرة تجاه ذوي الإعاقة.
ويعتقد الدكتور ناصر البداي، أستاذ علم النفس بجامعة صنعاء أن المعاق يتحمل جزء مهم من المسؤولية تجاه نفسه وعليه أن يكون إيجابياً فنظرة الاستحقار للنفس بسبب الإعاقة أو الدونية تلعب دوراً فعالً في هذا الموضوع، بالإضافة الى مناعة الشخص في تقبل إعاقته على حد تعبير البداي. وبالإضافة إلى نظرة المعاق لنفسه، ودور التنشئة الاجتماعية يرى مهتمون بأن مؤسسات ذوي الإعاقة والجهات المختصة في الدولة ومنظمات المجتمع المدني تتحمل مسؤولية تجاه الصحة النفسية لذوي الإعاقة تتمثل بتجنيبهم الخبرات والصدمات النفسية من خلال توفير فرص تدريب متساوية مع الآخرين وتكافؤ الفرص في حق التوظيف والعمل، ودعم المشاريع الصغيرة والأسر المنتجة، فضلاً عن زيادة المساهمة الحقيقية والفاعلة في توفير خدمات الرعاية الصحية التي تثقل كواهل ذوي الإعاقة وتحملهم مبالغ باهظة إلى جانب معاناتهم الصحية التي قد تتحول إلى اضطرابات نفسية.
أزمة ميدان علم النفس وذوي الإعاقة.
يواجه ميدان الصحة النفسية في اليمن أزمة حقيقية وكارثية تتمثل في قلة المتخصصين مقارنة بزيادة المضطربين نفسياً، ووفقاً للمعهد اليمني لحرية الإعلام ومؤسسة التنمية والإرشاد الأسري فإنه وحتى العام 2020 يوجد سرير نفسي واحد لكل 200 ألف فرد وطبيب نفسي واحد لكل 500 ألف فرد، وتذكر آخر استراتيجية وطنية للصحة النفسية صدرة في مارس آذار 2010 أن عدد الأطباء النفسيين في اليمن 59 طبيباً موزعون على خمس محافظات فقط تقول منظمة الصحة العالمية أن 34 طبيباً منهم في أمانة العاصمة وحدها.
ومع ندرة الأطباء النفسيين والأخصائيين إلا أن المضطربين نفسياً من ذوي الإعاقة يواجهون مشكلة من نوع آخر تتمثل في عدم التفهم لطبيعة سيكولوجية المعاق من قبل الأطباء والمتخصصين النفسيين وبالتالي صعوبة تشخيص سلوكهم ودوافعه وكيفية تلبية حاجاتهم النفسية بما يتلاءم وإعاقتهم.
تقول أسماء البهلولي أن المقررات الجامعية هي في الغالب نظرية ولا تتذكر أنها تلقت أثناء دراسة البكالوريوس مدخلات نفسية ذات اعتبار عن سيكولوجية الإعاقة، لكنها تؤكد على أهمية الجانب التطبيقي العيادي، وتضيف: “كممارسة في الميدان فإننا نتعرف على ذوي الإعاقة في العيادات والمستشفيات وهم فئة موجودة ولها حيز ولابد أن نتعامل معها”
وتضل شريحة ذوي الإعاقة كبقية شرائح المجتمع ليسوا جميعاً أصحاء نفسياً كما أن معظمهم ليسوا مرضى وإن كانت تواجههم ضغوط كثيرة ومضاعفة.
الحلقة الأولى – قصة : صباح العتبي .. (ملكة الشطرنج)
بقلم /إبراهيم محمد المنيفي، تقديم /تهاني البهلولي إشراف / دارس البعداني .
فيلم تحفيزي ملهم لمعلمي التربية الخاصة، يروي الفيلم قصة انسانية رائعة، تمتزج فيها الدموع ببسمات الانتصار، وتتقاطع فيها خطوط الخيبة مع النجاح، يتناول كاتبها من خلالها قصة فتاة شاءت الأقدار أن تنتزع منها كل قدرة على الاتصال مع العالم لتصبح عاجزة عن أن ترى أو أن تسمع أو أن تتخاطب مع من حولها.
في سن العامين تبدأ معاناتها ومعاناة أسرتها ، وتبدأ ميشيل حياتها في عالم أسود لا نور فيه ولا أمل، لا أصوات مبشرة ولا حتى قدرة على التعبير ، حتى شائت الأقدار ان تتقابل مع معلم كان لها بمثابة النور والأمل ليخرجها من ظلامها الدامس الى النور والتعليم ، هذا المعلم الذي أمن بقدرات طالبته وأصر على العمل معها واخراجها الى الضوء.
فاز الفيلم بالعديد من الجوائز، متضمنةً 11 جائزة من فيلم فير، العدد الأكبر في تلك المناسبة، و3 من جوائز الفيلم الوطني، وهي أفضل فيلم هندي، وأفضل ممثل لباتشان، وأفضل تصميم أزياء لسابيساشي موكرجي.
خاص : مصطفى صالح /
من وسط واقع مظلم تتكالب عليه الظروف والمصاعب، تنبثق نماذج مشرقة تؤكد إمكانية قهر الظروف والتغلب عليها متى ما وُجِدت الإرادة القوية والثقة الذاتية والغاية النبيلة.
آلاء ذات الـ 11 عامًا وشقيقها أبان المشاكس اللطيف الذي يقترب من إكمال ربيعه السادس ، طفلان من ذوي الإعاقة السمعية لم يعرف الأطباء سبب إعاقتهما حتى الآن، مثلا نموذجا يحتذى به في الإيمان بالقدرات والمواهب والإبداع، ساعدهما بذلك والدان يفخران بهما ويثقان بقدراتهما ويؤمنان بأن الإعاقة ليست نهاية المطاف وليست المشكلة في الإعاقة بل في النظرة القاصرة لذوي الإعاقة.
والد الطفلان، عادل علي دبوان الشحري، طبيب أسنان، من محافظة تعز، يقيم مع عائلته في السعودية منذ نهاية العام 2014، لفت انتباه آلاف المستخدمين على السوشال ميديا داخل الوطن وخارجه، عبر مشاركته لمقاطع فيديو لطفليه، ذات محتوى ترفيهي وتعليمي في الوقت نفسه.
يقول الوالد في حديث مع ( MCPD) إن الفكرة انطلقت عندما بدأت طفلته آلاء بالمشاركة في مناسبات وطنية بالسعودية، وحينما رأى حجم التفاعل الكبير معها على (تويتر وسناب شات)، سجل لها عدة مقاطع مرئية ونشرها على صفحته في الفيسبوك، ولاقت تفاعلاً كبيراً، فدعمها بشكل أكبر بافتتاح قناة لها على اليوتيوب تقدم محتوى تعليميا بطريقة ترفيهية، على أن تقدم مستقبلا دروسا تعليمية بلغة الإشارة.
ويتحدث عادل برضى كبير عن ارتفاع الوعي بأهمية لغة الإشارة وفهمها لدى متابعيه رغم وجود ردود “صادمة” من قبل بعضهم في بداية المشوار، لكن كان يتكفل بالرد عنها بقية المتابعين، ومن ردود الفعل السلبية يذكر حالات تنمر كان يزعم أصحابها أن بعض حركات (لغة الإشارة) هي رموز للصليب، والشيطان، والماسونية!.
في حين أن من المواقف الإيجابية الدعم المعنوي الذي تلقته طفلته آلاء من المتابعين وبعض المشهورين، أما الدعم والتشجيع من أي جهات رسمية أو خاصة في اليمن فلم يحظَ به طفليه خصوصا بعد استقرارهما خارج البلاد.
تتلقى آلاء تعليمها النظامي، واليوم تدرس في الصف السادس الابتدائي بأحد معاهد “ذوي الإعاقة بالمملكة”، أمضت بعض مراحلها في مدارس دمج وبعضها في مدارس خاصة، فيما لم يلتحق شقيقها أبان بالتعليم بعد نظراً لصغر سنه.
ويواجه والدهما، صعوبات تتمثل في البحث عن مدارس لطفليه، فأحيانا يكون هناك مدينة ليس فيها مدرسة خاصة بذوي الإعاقة السمعية، وأحيانا يجد مدرسة ولا يجد فصلا لابنته آلاء، غير أنه بحكم الإقامة، يتغلب على تلك الصعوبات بمساعدة من الجهات الرسمية في منطقة جازان بالمملكة إذ قامت الأخيرة بتوفير فصل لآلاء حسب قوله.
يتمتع الطفلان بإبداعات وهوايات أهمها الرسم والاطلاع ولديهما شغف وهمة عالية في البحث عبر الانترنت عن أشياء جديدة وكلمات وأماكن، وأي فكرة تخطر على بالهما يقومان بالبحث والاطلاع على تفاصيلها.
وتحب آلاء الرسم كثيرًا وقد حصلت على جوائز كثيرة في مجال الرسم خلال مناسبات وطنية، وكذلك في المدارس على مستوى مناطق كبيرة بالسعودية، وسبق وأن شاركت آلاء أيضًا في أكثر من مسابقة وحصلت على جوائز في حفظ القرآن الكريم، ولديها أكثر من 20 ألف متابع على موقع فيسبوك ومتابعين كثر في سناب شات وتويتر وإنستقرام ويوتيوب.
يقول والد آلاء، إن طفلته لديها أيضًا مهارات قيادية، وغالباً هي متفوقة ومن أوائل المدرسة، وترشد زميلاتها على سبيل المثال أين يقضين الفسحة، وماذا يفعلن ويلعبن، ومتى يخرجن، وأين يلتقين يوم الجمعة، وهكذا في أمورهن اليومية، ويستدرك: “طبعا بأسلوب لطيف وليس بعنف كما يفكر البعض”.
وعن تفاصيل حياة آلاء وأبان اليومية يقول والد الطفلين: “يقضي أبان وآلاء تفاصيل يومهما كغيرهما من الأطفال، تندلع بينهما معارك الطفولة على الدفاتر والأقلام وبعض الألعاب أحياناً، وفي أحايين كثيرة تجمعهما علاقة مرحة وحيوية، ويتفنان في صنع المقالب اللطيفة لبعضهما” ويضيف ضاحكاً: “أبان أكثر تفوقاً في صنع المقالب لأخته”
الدور الأكبر في صنع نجاح آلاء وأبان بعد إرادتهما يعود للمدرسة العظيمة الأم فهي بحسب عادل صاحبة الدور الأكبر، إذ يقول ممتناً لها خلال حديثه مع ال-MCPD: “أنا منشغل بعملي ودوامي كطبيب أسنان، وتتحمل زوجتي العبء الأكبر وقد أصبحت اليوم متمكنة في لغة الإشارة، وتبحث ليلا ونهارا عن لغة الإشارة في الإنترنت وتعلمت من القاموس السعودي والمصري واليمني مما مكنها من جعل آلاء نموذجا يحتذى به في المدارس التي تدرس فيها، وتستفيد منها المدارس بالرجوع لها في ترجمة بعض المقاطع أو الكلمات بلغة الإشارة”
وعن خجل بعض أولياء أمور ذوي الإعاقة من إعاقة أبنائهم، يتأسف والد آلاء وأبان بشدة، ويرى أنها ظاهرة سلبية ومحبطة، ويقول إن من أسباب نشره لمقاطع طفليه، في السوشال ميديا هو زرع الثقة فيهما وكذلك تحفيز للمجتمع ولأولياء الأمور أن يظهروا فخرهم وثقتهم بأبنائهم، وأنهم بهممهم العالية سيواجهون كل الصعاب.
ولا يخفي أن هناك نظرة سلبية من بعض من وصفهم بـ”المتعلمين” الذين ينظرون إلى ذوي الإعاقة السمعية على أنهم أشخاص عنيفون، ويقول إنهم بالعكس أشخاص ذوي لطافة وأناقة، وإن كان هناك استثناء فذلك نتيجة عدم اختلاطهم مع الناس أو اختلاط الناس بهم على حد تعبيره.
ويطالب والد الطفلان، الجهات المختصة في اليمن بتوفير الصفوف لذوي الإعاقات في كل المناطق إن لم يكن في كل المدارس قائلاً: “إنهم “شريحة كبيرة جدا وسيخدمون المجتمع ويقدمون رسالة راقية جدا ويجب الاهتمام بهم”
وتوجه برسالة للمجتمع، وخصوصا لأولياء الأمور الذين لديهم أبناء من ذوي الإعاقة أن يثقوا بأولادهم ويزرعوا فيهم الثقة، وسيرون منهم الكثير والكثير.وعبر عن أمنيته بنشر لغة الإشارة في المرافق الحكومية والمستشفيات والمدارس والجامعات والمولات وكل المنشآت التي يرتادها ذوي الإعاقة السمعية.
وتمثل آلاء وأبان وعائلتهما، إحدى قصص النجاح الملهمة والمشرفة التي تؤكد أن الإعاقة ليست مبرر لعزل ذويها وقمع قدراتهم
ولو لم يقم عادل وزوجته بما قاما به، لكان طفليهما اليوم خارج المدرسة والتعليم ككثير من قرنائهما في العمر والإعاقة الذين هضمت عائلاتهم حقهم وآثرت كبت قدراتهم وإبداعهم واعتقال تطلعاتهم وطموحاتهم.
ختامًا، تقول آلاء في أحد منشوراتها على الفيسبوك: “لم يمنعني فقدان السمع من تطوير مهاراتي بل تجاوزت ذلك، بكل إصرار وتحدي لإعطاء دروس لكل من يعانون من فقدان السمع مثلي.”