_ خاص: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCPD / أحمد علي الفقيه.
“ثلاث محاولات في ثلاث سنوات مختلفة يتم رفضي من المدرسة فقط لأني كفيف” –عبد الملك الحاشدي (طالب في الصف السادس بمدرسة إبصار للتعليم الأساسي التابع لجمعية المكفوفين بصنعاء) يتحدث لل-MCPD بحرقة عن سبب تأخره عن التعليم، ويضيف –عبد الملك: “في كل مرة كان يتم رفضي كانت حجة مدير المدرسة أني كفيف ولا يمكنني أن أتعلم في المدرسة”
حددت وزارة التربية والتعليم في الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم الأساسي 2003-2015 سن السادسة بداية للتعليم النظامي في المدارس، ومن خلال تلك الاستراتيجية كانت تأمل وزارة التربية والتعليم بأن تحقق إلزامية التعليم للأطفال بعد هذا العمر ولا يحق لأي طفل أن يكون خارج أسوار المدرسة.
وعلى الرغم من ذلك فإن مجموعة كبيرة من الأطفال ذوي الإعاقة لم يلتحقوا بالمدارس، أو لا يلتحقون بها إلا في أعمار متأخرة مع أن وزارة التربية والتعليم قد كفلت للجميع ومنهم الأشخاص ذوي الإعاقة الحق في التعليم، ولقد أكدت ذلك القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة ضمن موادها حق المعاق في التعليم كغيره من أفراد المجتمع دون أي تمييز!؟.
فلماذا لا يلتحق كثير من المعاقين بالمدارس؟، أو لا يلتحقون إلا في أعمار متأخرة مقارنة بغيرهم من الأطفال؟، وماهي عواقب ذلك التأخر نفسياً وأكاديمياً على الأطفال ذوي الإعاقة؟
للإجابة عن هذه الأسئلة ناقشنا في هذا التقرير عددا من الأشخاص ذوي الإعاقة وأقاربهم والتربويين والأخصائيين.
لماذا يتأخر ذوي الإعاقة عن التعليم؟.
تقول –حكيمة الحمامي (معلمة من ذوات الإعاقة الحركية): “إن ذوي الإعاقة الحركية يجدون صعوبات كثيرة عند الالتحاق بالمدارس لعدة أسباب منها: قلة الوسائل المساعدة مثل الأطراف الصناعية والكراسي المتحركة، وبُعد المدارس عن منازل الأطفال ذوي الإعاقة فضلاً عن عدم تهيئة المدارس لتكون مناسبة لتنقل المعاق وحركته بحرية واستقلال واستقبال ذوي الإعاقة الحركية في فصولها التي قد تكون بعضها في أدوار مرتفعة” وتعتقد –حكيمة، أن قلة وعي الأسر وحمايتها الزائدة لأطفالها من ذوي الإعاقة هو السبب الرئيسي لتأخرهم عن التعليم.
من جانبها تقول –إحسان العباسي، وهي (تربوية وأم لأحد الأطفال المكفوفين) لل-MCPD: “إن تحرج بعض الأسر من إعاقات أطفالها وعدم رغبتهم في إظهارها أمام المجتمع، بالإضافة للحماية الزائدة، وعدم ثقتهم بامكانيات أطفالهم ذوي الإعاقة والتشكيك في قدراتهم على خدمة أنفسهم في الأمور المدرسية أو حتى العناية الشخصية يجعل الأسر تمتنع عن إلحاقهم بالمدارس أو تأخيرهم في التعليم”
وترى –إحسان، أن أبرز أسباب تأخر ذوي الإعاقة عن التعليم أو حتى الحرمان منه هو عدم معرفة الكثير من الأسر بوجود مدارس ومؤسسات خاصة بذوي الإعاقة وخصوصاً تلك الأسر القابعة في الأرياف والمحافظات البعيدة.
لكن ومع وجود مراكز خاصة بذوي الإعاقة فهي تضل قليلة مقارنة بأعداد ذوي الإعاقة الآخذ في الازدياد بسبب الحرب الدائرة في البلاد، ولأسباب أخرى أهمها:
تواجد المراكز في صنعاء والمدن الرئيسية وصعوبة التنقل والمواصلات بين المحافظات بسبب النقاط الأمنية والتكاليف الباهظة للنقل.
نفاذ الطاقة الاستيعابية للسكنات الداخلية المخصصة لاستقبال الوافدين من المحافظات الأخرى.
إغلاق بعض المدارس والسكنات الداخلية بسبب قلة الموارد من جهة وتعرض بعضها للقصف والنهب والاقتحام وقربها من المعسكرات من جهة أخرى.
ولذلك تسعى الكثير من مؤسسات ذوي الإعاقة للتوسع في برنامج (الدمج) والدمج هو: إلحاق الطلاب ذوي الإعاقة في المدارس العامة.
لكن بعض المدارس العامة ترفض قبول ذوي الإعاقة في فصولها نتيجة لعدم تهيئتها أو لقلة وعي مدراء تلك المدارس وتهاون الجهات المختصة في اتخاذ إجراءات رادعة لمنعهم من التمييز في التعليم ضد الأطفال ذوي الإعاقة.
التعليم في سن متأخر يؤدي لانخفاض التحصيل العلمي للتلاميذ.
يقول –حمود السوادي (معلم لغة عربية): “عملت مدرساً في مدارس خاصة بذوي الإعاقة وأخرى عامة، والتأخر عن التعليم إلى سن المراهقة سواءً للطلاب ذوي الإعاقة أو غيرهم له آثار سلبية، فالشخص في هذه المرحلة يتشتت ذهنه بعدة أفكار مما يؤثر على تحصيله العلمي”
ويقترح – السوادي، تقسيم الطلاب من ذوي الإعاقة من حيث سن الالتحاق بالتعليم إلى ثلاثة مستويات:
-الأول: الملتحقون بالمدارس وهم في عمر المراهقة، ويرى أن هؤلاء هم أقل الأشخاص انضباطاً وتفوقاً فالمتعلم في هذا العمر تزداد عليه الضغوط المحيطة مما يؤدي إلى انخفاض رغبته في التعلم.
-الثاني: الملتحقون بالمدارس بعد سن العاشرة، ويؤكد أنهم الأكثر قابلية للتعلم : فمداركهم في تفتح وعقولهم أكثر تركيزاً ولديهم الرغبة في التنافس.
-الثالث: الأطفال في سن التعليم أي بعد سن السادسة وهؤلاء تزداد فرص تعلمهم متى توفرت الوسائل المعينة على التعلم
آثار مهنية مستقبلية.
لا تنتهي آثار التأخر عن التعليم داخل الفصل بل تمتد إلى نواحي مختلفة من الحياة.
تقول –حكيمة الحمامي: “إن تأخر ذوي الإعاقة في التعليم يحد من فرص عملهم في المستقبل بسبب كبر السن وقربهم من سن التقاعد، ناهيك عن اشتراط معظم القطاع الخاص لسنوات من الخبرة قبل التوظيف مما يزيد الأمر تعقيداً”
آثار سلبية للتأخر عن التعليم قد تصل لترك المدرسة.
قد لا تظهر بشكل كبير ملامح التذمر لدى التلاميذ ذوي الإعاقة داخل مدارسهم الخاصة لكنها تظهر بشكل واضح عند انتقالهم لمرحلة الدمج في المدارس العامة عندما يرون زملائهم في ذات الصف وهم أصغر منهم سناً.
تقول الأخصائية الاجتماعية –عفاف الرفاعي، لل-MCPD: “أن وجود الفوارق السنية في الفصل الدراسي الواحد يسبب انعكاسات نفسية سيئة على الشخص الكبير مما يؤدي إلى انخفاض رغبته في التعلم، بل أن كثيراً منهم من يرى نفسه أنه قد أصبح كبيراً ويترك المدرسة وتزداد تلك المشاكل النفسية كلما تقدم المعاق في العمر فهو يرى أنه لم يحقق شيء وأنه عالة على الآخرين”
وطالبت الرفاعي مؤسسات ذوي الإعاقة أن تقوم بأدوارها التوعوية والإرشادية للمجتمع وأسر ذوي الإعاقة للتغلب على هذه المشكلة وغيرها من المشاكل الكثيرة.
ويضل الحق في التعليم لذوي الإعاقة مع مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص هو الحق المنشود الذي يطالب به ذوو الإعاقة وهو ما كفلته القوانين المحلية والاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة والتي تعد اليمن طرفاً فيها ومصادقة على بروتوكولها الاختياري.