المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى بمناصرة حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة

تصرفي .. إكــســير حـــــياة لـــمواصــــلة الإنــجــــاز

تصرفي  ..  إكــســير حـــــياة  لـــمواصــــلة الإنــجــــاز


خاص/المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة (MCPD) فهيم سلطان القدسي

تتزاحم بنا الأفكار وتمر بنا ذكريات الحياة ونحاول بين الفينة والأخرى أن نصارع كل ما فيها من معوقات علنا نصل إلى مرافئ الأمان كما وصلت إليه بطلة قصتنا , لنتعلم من الآخرين أسمى معاني التحدي والصمود أمام مواجهات العراقيل التي تعترض سبيل أحلامنا وطموحاتنا .

سنذهب معا للغوص في أعماق شخصية لنكتشف خفاياها في إصرارها ومضيها بكل جد نحو ذلك الأفق الوضاء بكل تفاصيله رغم انه جزء عابر من حياتها المليئة بكثير من المواقف التي صقلت منها شخصية قوية وقادرة على وضع بصمة أسمها “تيسير مطر” .

فهي ذات الستة والثلاثون عاما من مواليد محافظة حجة اليمنية أصيبت بكف البصر منذ الولادة , بكر والديها وأخت لثمانية أخوة ، عضو في الهيئة الإدارية لجمعية الأمان لرعاية الكفيفات ومختص في قسم الإعلام والمناصرة بجمعية الأمان، موظفة لدى المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون في قسم الرعاية والأنشطة .

تقول “تيسير يحيى مطر” : عشت حياتي كأي إنسان لا يعرف أهله انه ذو ظرف خاص كنت العب مع الأطفال وأمارس حياتي اطلع وأتحرك , مرة أتعرض للإصابات ومرة أتفوق عليهم ومرة اخفق , فأهلي لا يعرفون كيف التعامل مع طفلة تعاني من كف البصر ” .

المدرسة .. إصرار على الإستمرار .

التحقت تيسير بالمدرسة العادية ، ولم تكن قد التحقت بأي جمعية أو منظمة خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة . اعترضتها العديد من المعاناة في سنوات دراستها فكان بعض المدرسين يواجهون عدم قدرتها على القيام بعمل الواجبات بالضرب بشكل شبه يومي ,

تيسير “بعض زميلاتي كن يواسني بقولهن لو كنا مكانك لن نداوم بل لن نحضر للدراسة ومع كم الكلمات التي كنت استمعها منهن , كنت استمع لشيء بداخلي يقول لي استمري وواصلي وتغلبي على كل المعوقات والنظرات القاصرة وكل شي سيئ محيط بك , على الرغم إني كنت طفلة لكن كان إصراري بداخلي عجيب “

وتمضي تيسير بذلك الإصرار الذي وصفته بالعجيب لأنها لم تكن تدرك حينها أي قوة غريبة تلك التي منحتها الاستمرار , فلم تكن هذه فقط الصعوبات التي واجهتها بل ويواجهها كل ذوي الإعاقة في مراحل التعليم العام مفتقرة إلى ابسط مقومات الدمج التي يجب توفرها لهم .

فتسرد تيسير روايتها للمركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة الذي يتشرف بإفراد هذه الزاوية لها , بعضا من الصعوبات التي مازالت تتذكرها في المدرسة ” أحيانا كانوا على سبيل المثال في أيام الامتحانات يتم تعليق جدول الامتحانات , وأحيانا يتم تعديل بعض المواد أو تقديمها أثناء فترة الامتحانات وخاصة انه كنا نمتحن في شهر رمضان فيحاولوا يقدموا ليكون هناك متسع للتحضير للعيد من قبل المدرسين , وكنت احضر الاختبارات ولم يخبرني احد بذلك التغيير وتفوتني مواد , وبالنسبة للمدرسة أحيانا أتعرض للسقوط من أماكن مرتفعة أو تعترضني سلالم مكسرة لم أكن أدركها , وكنت أتعرض للأذى النفسي بشكل متكرر , مرت الأيام ومرت السنوات وانتهيت من مرحلتي الثانوية وسط تشجيع من أهلي الذين بذلوا معي الكثير من الجهد ومازالوا يبذلون إلى هذه اللحظة .

جمعية الأمان لرعاية الكفيفات “نقطة التحول إلى الانجاز”

التحقت “تيسير مطر” بجمعية الأمان لرعاية وتأهيل الكفيفات بعد أن أكملت دراسة الثانوية العامة وبعد مرور شهرين أصبحت عضوه في الهيئة الإدارية للجمعية الجمعية التي وجدت فيها الأمان الحقيقي ليس ذلك فحسب بل أنها وجدت دافعاً تصفه تيسير في معرض قولها بإكسير حياة لها ولزميلاتها أنها الأستاذة فاطمة العاقل رحمة الله عليها :” رحبت بطموحي وأشعرتني أني إنسانة ذات قيمة في مجتمعي وانه سوف يظهر مني الكثير فكانت دائما تشجعني وتحمسنا أنا وصديقاتي الكفيفات , أتذكر منها الكلمة التي صقلت مني جميع ما حباني الله به هي كلمة (تصرفي) عندما تواجهنا صعوبات كانت دائما تجعلنا في المحك الحمد لله أصبحنا ذوات انجاز في مجتمعنا وأصبح يشار إلينا بالبنان .

الجامعة ومادة الحاسوب غيرت حلم حياتي !

رغم حبها الجم للكتابة ورغبتها بمجال الإعلام انسحبت تيسير من الالتحاق بقسم الإعلام بسبب تخوفها من مادة الحاسوب حسب قولها عندما اخبروها أنها مادة أساسية . فتصف لنا السبب ” تخوفت كثيرا وكنت أقول لا يوجد لدي حاسوب وكيف سوف أتعامل مع الحاسوب , انسحبت من حلم حياتي وهو قسم الإعلام والتحقت بقسم اللغة العربية بجامعة صنعاء وكنت متميزة بشهادة الكثيرين من مدرسين وزملاء , والكل كان متعاون معي ورغم الصعوبات والمعوقات التي كانت موجودة بالمقابل أجد ذلك الحافز الداخلي بالاستمرار ومن يكون عونا لي على تجاوزها سواء من أسرتي أو صديقاتي أو زملائي أو جمعيتي خلال هذه الفترة عملت كمتطوعة في الجمعية كنت ادرس واعمل وأنهيت دراستي الجامعية وحصلت على شهادة البكالوريوس بتقدير ‏جيد جداً مع مرتبة الشرف وحضرت الكثير من الدورات والدبلومات التي طورت من شخصيتي ومهاراتي .

الدراسات العليا والماجستير بامتياز .

بعد سنوات فكرت في الالتحاق ببرنامج الدراسات العليا والماجستير كنت أرغب بمجال التربية الخاصة ولكن جامعة صنعاء لم تفتح هذا القسم وحاولت البحث عن قسم قريب وشبيه بهذا القسم فكان قسم علم النفس هو الأقرب .التحقت تيسير بالبرنامج وبدأت الدراسة وكانت من أصعب مراحل حياتها كما تقول . ” كانت مرحلة الجد من خلال التكاليف التي كنا نكلف بها والواجبات والأبحاث وأصعب شيء واجهني وجود ثلاث مواد إحصائية واحدة كانت نظري , ومادتين وعدت بالإعفاء منها ولم يتم ذلك وطلب مني اجتياز الامتحان ولم أوفق وأول مرة في حياتي وبسبب أن الدكتورة لم تعي كيف التعامل مع ذوي الإعاقة البصرية في إعداد الامتحان ونظرا لوجود رموز وأشكال يصعب علي التعامل معها ومعرفتها , وبعدها قررت امتحاني شفوي ولكنه تم جمع مادتين في يوم واحد واجتزت الامتحان ولكن قسم الكلية رفض النتيجة وشعرت يومها بذلك الشعور المحفوف بإحباط غريب , تذكرت كلمتها (تصرفي) الكلمة التي اعدها أكسير حياة , وأخذت عهد على نفسي أن أكمل الدراسة خارج اليمن لان هناك مراعاة وتقدير لذوي الإعاقة وتشجيع لمواصلة الدراسة , والحمد لله حصلت على درجة الماجستير بتقدير امتيازفي مجال التربية الخاصة في رسالتي الموسومة ب:(المشكلات التي يواجهها طلبة المرحلة الثانوية من ذوي الإعاقة البصرية في مدارس الدمج الحكومية في الجمهورية اليمنية )” .

عنها في سطور .

ونحن نطوف أمام قامة من قامات ذوات الإعاقة ما كنا نريد أن نحط رحالنا, معها لأنها نبراس نتعلم منها الكثير “تيسير مطر” تختم بعبارات صاغتها لنا لنبعثها عبر صفحات للــــ (MCPD) تقول فيها :على الرغم مما حققته مازلت احلم بالكثير أتمنى الوصول إلى أعلى الدرجات العملية إلى أعلى المراتب , وان يعم السلام وتسود المحبة والسلام بين أبناء اليمن كافة , ويصل كل ذي إعاقة إلى ما يطمح إليه وهو يسعى إلى ذلك , أتمنى من كل يد نديه تستطيع إعادة الأمل إلى كل قلب استطاع اليأس التمكن منه أن لا تبخل .الأحلام كثيرة ولكن تحقيقها صعب المنال وتحتاج إلى جنود مجهولة وأيدي خفية تدفع إلى مواصلة المشوار .

حياة الأشموري (قصة إلهام).

حياة الأشموري (قصة إلهام).

خاص: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة(MCPD). إبراهيم محمد المنيفي

طفلةٌ كفيفة ترفضها المدرسة فقط لأنها كفيفة فتعود مع والدتها مكسورة الخاطر باكية العينين لأنها أول مرة تعلم بأنها كفيفة لم تعد تحب الدفتر والأقلام وعلبة الألوان التي أصرت على اقتنائها أسوة بأقرانها من الأطفال فالمديرة طلبت من والدتها أن تضعها في غرفة خاصة بها وهي “عمياء لا يمكنها أن تتعلم” هكذا كسرت المديرة مجاديف تلك الطفلة البرئة التي عادت مع أمها مكسورة الجناح وضلت تبكي وتتحسر “لماذا يضعوني في غرفة بمفردي؟ ما الذي فعلت؟!!! ترى هل ستستمع أمي لكلام تلك المديرة؟!! ترى هل أنا عمياء بالفعل! أنا لا أشعر بذلك في أسرتي لماذا لم يخبروني أنني عمياء؟! “،

تلك هي الصورة الأولى. أما الصورة الثانية فهي لشابة كفيفة تدرس إدارة أعمال دولية في إحدى أرقى الجامعات في البلد وتتخرج منها بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف وتعمل حالياً مختص المتابعة والتقييم في جمعية الأمان لرعاية الكفيفات.

وبين الصورتين قصة كفاح مُلهِمة، بين الصورتين عشرات الصور والقصص، بين الصورتين عشرات الخطوات تعثرت في بعضها بطلتنا لكنها لم تظل جاثية على قدميها بل نهضت لتصنع الحلم وتحقق إنجازات يُشار إليها بالبنان، بين الصورتين قد تتوقف أيها القارئ العزيز وآلاف المكفوفين والكفيفات يحيون ذكرى رائدة العمل الخيري في اليمن الراحلة فاطمة العاقل في هذا الشهر وفي الخلفية صوت نشيد ونشيج لفتاة كفيفة تنشد بصوت حزين ،(فيضُ المشاعرِ والشجون حين الفراق غدت لحون** برحيلِ من بعطائها كانت لنا نور العيون )

صاحبة تلك الأنشودة الحزينة والكثير من أناشيد الإرادة والحث على طلب العلم والتوعية بقضايا الكفيفة ودورها في المجتمع هي بطلة قصتنا وهي صاحبة الصورتين السابقتين أيضا . فمن هي؟. هي حياة علي بن علي الأشموري من مواليد أمانة العاصمة صنعاء، فقدت بصر ها باكراً بسبب المياه البيضاء (Cataract) وعاشت طفولتةً دافئة مليئة بالحب والعطف والحنان وكما تصفها لل mcbd بأنها كانت رائعة وجميلة، ولكن ككل المكفوفين والكفيفات لابد وأن تنعكس الإعاقة البصرية على حياتهم بسبب قلة الوعي وعدم تهيئة الظروف البيئية المناسبة .

فتقول حياة الأشموري :”كنت ألعب مع رفيقاتي وكن يستثنينني من بعض الألعاب لأني لا أرى وكنت أتساءل كيف يرون؟!!” وتحدثنا حياة باعتزاز وفخر عن أختها التي تليها بسنة وكيف أنها كانت معها في كل خطوة وكيف كانت ترفض أن تلعب الألعاب التي تُستثنى منها أختها حياة وتلعب معها، وتتساءل حياة:”لا أدري كيف ستكون حياتي في الطفولة لولم يسخر الله لي أختي التي كانت تتضامن معي دائماً”

متى شعرت حياة بإعاقتها البصرية؟

تقول حياة الأشموري للMCPD : ” لم أكن أعلم بأني كفيفة بسبب التعامل الجيد من قبل الأسرة الذين لم يشعروني بذلك الشعور، وأول مرة شعرت بأني كفيفة حينما كنت متحمسة لأدرس مثل غيري و أنني سأقتني دفاتر وأقلام وألون مثل رفيقاتي ، وذهبت صحبة والدتي إلى المدرسة القريبة من منزلنا لتسجلني لكن رد مديرة المدرسة كان صادماً لي فقد رفضت وبشدة تسجيلي في المدرسة وقالت لوالدتي بالنص : “ابنتك عمياء ولا يمكن أن تتعلم وعليك أن تجعليها في غرفة خاصة بها في البيت وتهتمي بها” وتستمر حياة بسرد تلك القصة بصوت متألم وتقول:”حينها أظلمت الحياة في عيني وظللت أبكي لأيام، وكرهت الألعاب والخروج من المنزل، وكنت أحس بالقهر والإحباط الذي أصيبت به والدتي بسبب كلام تلك المديرة”.

كيف بدأت حياة مشوارها التعليمي؟

وتناهى إلى مسامع الأسرة خبر مدرسة وجمعية أسستها امرأة كفيفة لتعليم الكفيفات ورعايتهن، وكانت تلك المرأة الكفيفة هي رائدة العمل الخيري في اليمن الراحلة فاطمة العاقل، وكانت تلك الجمعية هي جمعية الأمان لرعاية الكفيفات ومعهد الشهيد فضل الحلالي. وكانت والدة حياة مندفعة لإلحاقها بجمعية الأمان للكفيفات بينما كان والدها متحفظ في البداية لخوفه على ابنته ولما يعرفه من شخصيتها العنيدة والمكابرة فقد خاف أن تتحطم كيف لا وهي التي ظلت تبكي أيام لكلام قاسي سمعته من المديرة، لكن حياة وعلى كل حال التحقت بمعهد الشهيد فضل الحلالي التابع إدارياً لجمعية الأمان للكفيفات وكانت تلك هي الانطلاقة الحقيقية لحياة والتي غيرت مجرى حياتها، حيث تقول حياة إن حياتها تغيرت جذرياً وأصبحت اجتماعية وشخصية قيادية وواثقة من نفسها كثيراً، والأهم أنها وجدت أن للمكفوفين طريقة للقراءة والكتابة تختلف عن المبصرين فأقبلت على تعلمها وتعلم مختلف وسائل المكفوفين بدافعية كبيرة.

حياة تصنع الأرقام وتحقق الحلم.

في صفحتها على الفيسبوك تصف حياة نفسها في أحد المنشورات بأنها “شقية، عفوية، مرحة، عنيدة، استثنائية لا تشبه أحد ولا أحد يشبهها” وفعلاً كانت حياة تخط طريقها بوضوح وتتجاوز مشاكل الدمج التي حدثتنا عنها كثيراً ولعل أهمها كيفية الإجابة عن الأسئلة النمطية جداً التي ظلت تجيب عليها طوال مرحلة الدمج من قبيل (كيف تأكلين؟ كيف تشربين؟ كيف تتحركي وأنتي كفيفة؟ من يرتب لك أغراضك؟). وأسئلة أخرى أكثر سطحية واستفزازاً من ذلك، وعند تخرجها من الثانوية العامة عام 2012 أثبتت حياة للجميع بأنها فعلاً عنيدة واستثنائية فقد كانت السادسة في القسم الأدبي على مستوى الجمهورية وأول كفيفة تحقق ذلك المستوى بعد عشرات السنوات من الحرمان والإقصاء على حد تعبيرها.

وعلى الرغم من كل المعيقات والعقبات إلا أن حصول حياة على الترتيب السادس على مستوى الجمهورية لم يكن سهلاً، وقد تحدثت حياة الأشموري لل mcbd عن قصة نضال كبيرة لاستحقاقها ذلك الترتيب الذي حُرمت منه في البداية لكونها كفيفة، حيث تقول:”إن وزير التربية والتعليم حينها رفض ادراج اسمي ضمن أوائل الجمهورية رغم معدلي المرتفع بحجة عدم دراسة الرياضيات والذي أعفت الوزارة المكفوفين منها بقرار رسمي لعدم توفير إمكانيات تكييفها معنا كمكفوفين” .

وتضيف حياة:”لقد وافق الوزير أخيراً على تكريمي ضمن الأوائل ولكن بشرط استحداث قسم خاص بأوائل ذوي الاحتياجات الخاصة حسب قوله، لكني رفضت بشدة ولا أدري ما تلك القوة التي جعلتني أقف في وجه الوزير وقلت له: لو أعطيتموني مليون ريال فأنا لا أريد، أنا تعبت مثل غيري وذاكرت ذات المنهج الذي ذاكره كل أوائل الجمهورية “

وبين تلك المديرة التي رفضت تسجيل حياة في المدرسة بداية دراستها وتفوقها وموقف وزارة التربية والتعليم تستذكر حياة الأشموري بفخر كبير الدور الذي قامت به مديرة مدرسة زينب للبنات مع جمعية الأمان للكفيفات لكي تحصل حياة على حقها في التكريم ضمن أوائل الجمهورية للعام 2012 وقد حققت ذلك بكل اقتدار.

التحقت حياة الأشموري بجامعة العلوم والتكنولوجيا بكلية الإدارة قسم إدارة الأعمال الدولية وتخرجت منها عام 2017 بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف. وحصلت حياة الأشموري على شهائد تقدير وخبرات كثيرة أهمها حصولها على شهادة التوفل من معهد يالي وشهادة الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب، ودبلوم اسبرينبورغ من المجلس البريطاني، ودبلوم روافد من الصندوق الاجتماعي للتنمية، وشهايد أخرى بالإضافة لحضور الكثير من ورش العمل والدورات التدريبية المختلفة.

تشكو حياة بمرارة النظرة القاصرة للفتاة الكفيفة حيث تقول لل،MCPD أنها رغم مؤهلاتها العالية وخبراتها الكثيرة كتبت سيرتها الذاتية بالغتين العربية والإنجليزية وقدمت في بعض الجهات الخاصة لكنهم رفضوا لمجرد معرفتهم أنها كفيفة وتضيف حياة:”طلبت من بعض الجهات أن أعمل لديهم متطوعة وأن أخضع للاختبار والتقييم لكنني انصدمت برفضهم القاطع” ولكن جمعية الأمان للكفيفات لم تكن لتهمل إحدى ثمرات إنجازها فاستقبلت حياة وعملت لديها في إدارة الاستجابة الإنسانية لمدة عام وتعمل حالياً مختص متابعة وتقييم في ذات الجمعية.

وتكتب حياة الأشموري منشور أسبوعي في إحدى صفحات الفيسبوك اليمنية التي يتابعها أكثر من ثلاث مائة وتسعون ألف متابع تتناول فيه مختلف قضايا المكفوفين بإسلوب شيق ومثير وتتفاعل مع المتابعين من خلال التعليقات والرد عليها باعتبارها أحد مديري الصفحة. تعتقد حياة الأشموري أنه قد تحقق للكفيفات الكثير من الإنجازات في الفترة القليلة الماضية وأنهن تمكن من سبر أغوار العديد من التخصصات الجامعية وبعضهن يحضرن الدراسات العلياء ويمتلكن مؤهلات لا بأس بها في اللغات والحاسوب، ولكن حياة تستدرك بأنه لا يزال الكثير من الطموحات لم تتحقق ومنها أن يتمكن الكفيفات من الدراسات العلياء بسهولة وتتوفر الإمكانيات اللازمة لذلك.

وتعبر حياة عن أملها بأن يكون لكل كفيفة مشروعها الخاص الذي تديره بنفسها وتعتمد من خلاله على ذاتها. وإلى هنا نكون قد انتهينا من الغوص في أعماق قصة فتاة كفيفة مثابرة وملهمة لكن حياة لم تنتهي بعد ومازالت تطمح وتتطلع لتتوفر لها الإمكانيات لتحقيق حلمها بمواصلة الدراسات العلياء خارج اليمن حيث تتوفر الإمكانيات المناسبة لفتاة عنيدة وطموحة واستثنائية. و نختم القصة على انغام صوت حياة وهي ترثي الراحلة فاطمة العاقل بصوتها الشجي

” هي ذا الكفيفةُ للأمام.. تمضي لتُمسكَ بالزمام… لِتساندوها يا كرام.. بعطائِكم وتواصلون” ..

اليــمني شـــجــاع نشــوان .. ثــامـــن أبــطال أوروبــا في رياضة الجودو .

اليــمني شـــجــاع نشــوان  ..  ثــامـــن أبــطال أوروبــا في رياضة الجودو .

خاص /

“درست الصف الأول في مركز النور للمكفوفين بصنعاء , ثم بعد ذلك تم انتقالنا إلى ألمانيا وأتممت دراستي هناك , أعني في ألمانيا وكان انتقالنا إلى ألمانيا بشكل عائلي وبسبب اهتمامهم بالمعاقين حصلت على الفرصة في الدراسة والاستقرار هناك “

شجاع نشوان لاعب جودو “كفيف” من أصول يمنية هاجر إلى ألمانيا مع اسرته ، وهو في عمر السادسة , تعلق كثيراً بالرياضة وشغف بها لدرجة قد لا يتوقعها أحد ، وبمثابرته استطاع “شجاع” الوصول إلى العالمية , ويعد أحد لاعبي المنتخب الوطني الألماني للمكفوفين .

عبر المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة تم التواصل معه ومعرفة أهم جوانب التميز في حياته وكيف استطاع أن يلج عالم الرياضة ويضع له بصمة متميزة كبطل من أبطال العالم .

من هو شجاع نشوان .

يقول : “شجاع نشوان” البالغ من العمر ثلاثة وعشرون عاما ” أنا أسمي شجاع سامي نشوان اسكن في مدينة “هنوفا” الألمانية طالب في الجامعة ـ طب علم نفس ـ متزوج حديثاً ولقد أقمت العرس في اليمن شهر أغسطس /آب الماضي أثناء زيارتي لليمن ، أنا أصلي من محافظة إب وأحمل الجنسية الألمانية وسبب إعاقتي منذ الولادة .

شجاع ورياضة الجودو .

بدأ شجاع بممارسة العديد من الرياضات لكنه وجد نفسه أقرب إلى الرياضات القتالية ومنها رياضة (الكونغ فو ) يقول: شجاع ” نظرت إلى كثير من الرياضات فرغبت في (الكونغ فو) وهي من الرياضات الصينية ثم بعد ذلك بدأ يخف نظري فبدأت أمارس لعبة (الجودو) وهي لعبه يابانيه , وكانت أسهل لي عندما خف نظري حيث تعتمد فقط أن يكون الشخص أمامي وأنا قابض عليه بيدي “.

البداية كانت صعبة بالنسبة لـــ شجاع ومدرب لا يشفق .

من خلال تواصلنا في الـــ MCPD مع “شجاع نشوان” وللوهلة الأولى تلمسنا فيه تلك الروح المرحة والإبتسامة التي لا تفارق محياه ، بدئ لنا وكأنه يسعى جاهدا لإخفاء الكثير من الأعباء التي ترهق كأهله, ويحلم شجاع بتحقيقها فلم تكن بداياته الأولى بتلك البساطة أو السهولة التي قد يتوقعها البعض لمجرد علمهم أنه في بلد بها من الإمكانيات والوسائل المتاحة التي قد تصنع له النجومية ، ولكن منذ تعرفنا على بداياته الأولى جعلتنا نؤمن برسالة يجب أن نوصلها لكل الأشخاص من ذوي الإعاقة وهي أن الإعاقة ليست في البدن وإنما هي في روح الإنسان ، يصف لنا شجاع بداياته بقوله : ” لقد بدأت التدريب مع الأصدقاء ومع مدرب لي وكان لا يشفق عليا , وكان يدفعني ويدربني بكل قوة وحب لكي تصل إلي رسالة منه وهي ( أعتمد على نفسك) وحتى أزداد قوة وثقة بالنفس , ولقد احتجت إلى كثير من الوقت في تلك الأيام حتى نجحت وعلمت أنني بطل وأنني أستطيع تحمل كل شي بعد كل هذا الجهد المبذول ، وجدت العديد من الصعوبات كبعض المواقف التي أتذكرها مثل أن تصطدم قدمي بالحديد دون أن أعلم وغيرها، وكانت اللعبة الصينية (الكونغ فو) صعبه بعض الشيء لأنني لا أستطيع أن أرى الخصم ومن أين سوف أتلقى اللكمة ، وزحلقة القدم من أين ستأتي … ولكني الآن مع لعبة الجودو لا أواجه صعوبة كبيره فكل من أعرفهم ومن لا أعرف يحترمونني ويقدرون هذا الشيء “.

كن شجاعاً ..

بعد مشوار طويل من التدريب الشاق النابع من حب “شجاع” للرياضة استطاع أن يضع له بصمة متميزة بل واسم معروف ليكن بطل من إبطال العالم وثامن أبطال أوروبا واضعاً شعاراً يمنحه القوة والإرادة التي يحتاج إليها في كل بطولاته التي يخوضها وهو (كن .. شجاعاً )

وكما يقول شجاع ” البطولات التي شاركت فيها هي للمكفوفين بطولات أوروبا هي : للشباب من عمر الواحد والعشرون سنه عام 2017 فزت وكنت الثالث في كأس العالم في بريطانيا , وفي إيطاليا كنت ثالث أبطال أوروبا لكأس العالم لعام 2019 , وكذلك شاركت في 2019 في بطولة طلاب الجامعات في ألمانيا وكنت ثالث أبطالها , وأنا الآن ثامن أبطال أوروبا وأول كفيف يستطيع ممارسة الرياضة مع الذين هم مبصرين , وسأشارك في الألعاب البارالمبية في اليابان وهي أكبر رياضه في العالم , وتقام كل أربع سنوات , وكُنا سنلعبها هذه السنة إلا أن كورونا أنتشر فتم تأجيلها إلى السنة القادمة بإذن الله وأنا أنتظرها بكل حماس ، وشعاري دائما هو كن .. شجاعا “

طموحاتي أن أحقق لليمن الحب والسلام .

بروحه المرحه والمتواضعة النابعة من حبه لبلده اليمن يحدثنا “شجاع” عن طموحاته فيقول : ” من طموحاتي أن أحقق لليمن وأهلها بعلمي وحبي لها وتدريبي” السلام” وأن نحصل على حل للمشاكل في اليمن وهي محتاجة لكل أبنائها لكي نكون يداً واحدة لنقدم الدعم اللازم من تدريب وتعليم وأمن وغير ذلك من الاحتياجات اللازمة “

فكل شخص يستطيع تقديم المساعدة لكل من حوله ولمجتمعه وبذلك ننشر السلام والحب في وطننا الحبيب وأريد أن أقول في رسالتي هذه أن الإعاقة ليست اعاقة الجسد وإنما هي في روح الإنسان ، فنحن نعمل بجد ومثلي كثير ولقد حققنا طموحات وإنجازات كثيرة ولله الحمد .

بهذه الرسالة التي يختم بها البطل “شجاع نشوان” لقائنا معه وهو على يقين أن هذا الطموح هو أمل وحلم كل أبناء الشعب اليمني فأن هذا الطموح لن يتحقق كما قال نشوان الا عندما نكون يدا واحدة نقدم الدعم اللازم كل حسب مجاله وتخصصه .

لســــت المعــاقـة الــوحيدة ..   هنــــاك مـــــعـاقــيـن وإعاقتهم اشد مــن إعاقتي .

خاص /

“بعد مرور سنوات من طفولتي بدأت أشعر بإعاقتي وأتحسس منها ، وكنت أكره نظرات الشفقة التي تصوب نحوي من قبل بعض الناس ، والعبارات الجارحة التي كانت تخرج من أفواههم … لهذا تعقدت وصرت انطوائية, وكنت أكره الناس “الطبيعيين” (غير ذوي الإعاقة )”

قد تكون هذه العبارات هي المشاعر التي تختلج نفسية أي شخص من ذوي الإعاقة للوهلة الأولى من حياته، بل قد ترافقه بقية حياته إذا ما استسلم لها , ولكنها قد تتغير إذا كانت حافزا وانطلاقه للتغير نحو الأفضل .

وهذا ما سوف نعرفه عبر صفحة المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة عن جزء من حياة بطلة قصتنا “إيمان عبدالله الرجامي”

أصيبت بالإعاقة في السنة الثانية من عمرها جراء خطأ طبي ، بعد إصابتها بحمى شديدة , أخذها والدها إلى إحدى العيادات من أجل تخفيف الحمى فكان قدرها مع إبرة ضربت لها بالخطأ سببت لها إعاقة دائمة رافقتها سني حياتها .

إيمان خطأ طبي أعاقها .

ولدت أيمان عبدالله الرجامي عام 1984م في محافظة صنعاء , ملئت أرجاء منزلها بالفرحة التي تنتظرها كل أسرة بقدوم ضيفاً جديداً , وكان ذلك من خلال إقامة كل طقوس الفرح والابتهاج, مرت الأيام وكان عمر إيمان السنتين ليخبئ لها القدر موعدا مع الإعاقة ، تقول إيمان ( والدي في البداية شعرا بالأسى والحزن ، وبعدها رضيا بما قسمه الله وتقبلا إعاقتي بكل رحابة صدر ، وعاملوني مثل معاملتهم لإخواني ليس هناك فرق ، ولم يشعروني بنقص أو أني معاقة أبداً , وزرعوا في داخلي الثقة بالنفس) ,

ومع مرور الأيام كبرت تلك الفتاة الصغيرة ، ومرت بمرحلة الطفولة التي تمتزج فيها الشقاوة بالبراءة , فلم تكن إيمان تعير إعاقتها أي اهتمام بل كما تقول أيمان ” لم أشعر بإعاقتي وكنت كغيري من الأطفال أتطلع إلى اللعب والمرح والمشاكسة مع أطفال الحارة ” ولكن تلك الطفلة الصغيرة أصبحت ناضجة تعي كل ما يدور حولها , وبدأت تطرح على نفسها عدد من التساؤلات؟؟ منها لماذا أنا مختلفة عن بقية الأطفال ؟ لماذا أنا فقط من لا استطيع أن أتحرك وأتنقل كبقية من حولي ؟ بل أنها وصلت إلى درجة الإحساس بنظرات الشفقة والعطف التي تراها في أعين الآخرين ,

كل ذلك خلق لديها عداوة وكره كما تصفه , وتحولت الإعاقة إلى عامل نفسي يلاحق إيمان أينما ذهبت ” بعد مرور سنوات من طفولتي بدأت أشعر بإعاقتي وأتحسس منها ، وكنت أكره نظرات الشفقة التي تصوب نحوي من قبل بعض الناس ، والعبارات الجارحة التي كانت تخرج من أفواههم … لهذا تعقدت وصرت انطوائية, وكنت أكره الناس “الطبيعيين” (غير ذوي الإعاقة)

دراسة إيمان وكراسيها المتحرك

المعاناة التي ترافق الأشخاص ذوي الإعاقة في بداية رحلتهم الدراسية أو مرحلتهم الجامعية مازالت هي المؤرقة لكل ذوو إعاقة ، فليس هناك إجراءات يتم العمل بها من أجل قبول الأشخاص ذوي الإعاقة بحسب إعاقاتهم إضافة إلى صعوبة الوصول إلى مرافق التعليم وعدم تهيئتها بما يتناسب مع إعاقتهم .

التحقت إيمان بالمدرسة وتصف إيمان هذه المرحلة والتي شغفت بها لحبها وإصرارها على الدراسة ” في البداية واجهت صعوبات وعراقيل لعدم توفر كراسي متحركة آنذاك باليمن عدا كراسي متحركة محلية من مركز الأطراف , وكان أهلي يحملوني للمدرسة كل يوم، وبعدها صرفوا لي كرسي متحرك مستخدم وبصعوبة من مركز الأطراف ، كنت أواجه دائماً في الطريق مشاكل بسبب أنه مستعمل ، رغم كل الصعوبات التي واجهتها فلم تقف حجر عثرة في طريق إصراري على إكمال الدراسة، واستخدمت عكاكيز وتدربت على المشي بها “

بإصراراها وحبها للدراسة والتعلم عُرفت بالطالبة المتميزة بذكائها وشاطرتها وتفوقها في الدراسة، ” أقنعتُ الجميع بأن إعاقتي لن تشكل عائقاً ولا يعني أننا لسنا أذكياء، اشتهرتُ في المدرسة من خلال إثبات وجودي بتفوقي في الدراسة ، ولا زال اسم (إيمان الرجامي) يتذكروه لغاية الآن في المدرسة” .

أيمان في كوكب جمعية المعاقين حركيا

التحقت أيمان بجمعية المعاقين حركيا وان كانت الآن لا تتذكر تاريخ انضمامها , لكنها مازلت تتذكر أنها ذهبت إلى عالم أحست فيه بالأمان وكانت بداية لإنطلاق إيمان نحو التميز والإبداع, فقد أكسبتها الجمعية الكثير من الإضافات وصقلت لديها العديد من المواهب أهمها موهبة التمثيل المسرحي , الذي خلد اسم “إيمان” لتكون أفضل ممثلة من ذوات الإعاقة, تقول إيمان” لن أنسى دور إخوتي الذين هم أكبر مني وفضلهم من بعد الله فقد أوصلوني إلى ما أنا فيه الآن .. ” سمع إخوتي عن جمعية اسمها جمعية رعاية وتأهيل المعاقين حركياً وطلبوا مني أن أسجل فيها .. فرفضت بشدة ، ولكنهم أصروا على أن ألتحق فيها وأقنعوني إذا لم تعجبني أتركها ، وعندها كنت صغيرة لا أتذكر في أي عام التحقت بها “

ذهبت إيمان والتحقت بجمعية ذوي الإعاقة الحركية لتكون أحد أعضائها, وتشهد حياتها تحول من نوع أخر وكأنها في كوكب من نفس فصيلتها التي تنتمى إليهم, وان كان هناك ثمة شي جعلها تشعر بالاستغراب والدهشة للوهلة الأولى، منذ أن وطأت عجلات كرسيها المتحرك فناء الجمعية ” كنت أنظر بدهشة واستغراب من وجود معاقين كثر ، وكنت أقول في نفسي لست أنا المعاقة الوحيدة ، بل هناك معاقين وإعاقتهم أشد مني “

إيمان تقهر أبو الفنون

أحبت إيمان الجمعية واندمجت مع المعاقين , وأثبتت وجودها فيها بشكل سريع ، ودخلت في عدة أنشطة منها (دورة الخياطة – دورة الآلة الكاتبة – دورة المسرح ).

وكغيرها من جمعيات ذوي الإعاقة ها هي تعد للاحتفال باليوم الوطني والذي يصادف التاسع من ديسمبر( يوم وطني كان يحتفل به في اليمن )

تتحدث إيمان عن تلك المناسبة ومن هنا كانت انطلاقتها المسرحية ” طلبوا مني أن أكتب مقالة لكي ينشروها في مجلة (الإرادة) , التي كانت تصدر سنوياً في اليوم الوطني للمعاق ، وكتبت مقالة بعنوان ( اشغل حيز من الفراغ ) كانت تحكي عن إثبات الوجود ، وشاركت في بطولة أول مسرحية لي اسمها ( لو كنتم بمكاني ماذا أنتم فاعلون؟) مع المخرج “حسن بخيت ” ، وهي كانت بداية انطلاقتي في مجال المسرح وشاركت بعدها في عدة مسرحيات داخلية ، ومسرحيات خارجية …أهمها:-

– مسرحية ما ذنبي أنا ، وأخذت جائزة أفضل ممثلة في عام 2008م/ قطر

– مسرحية عيال حارتنا ، حصلت جائزة أفضل ممثلة (دور ثاني) في عام 2011م/ الإمارات

– مسرحية حصاد الأرض ، حصلت جائزة أفضل ممثلة (دور ثاني) في عام 2013م/البحرين

تأثرت كثيراً بالأستاذ/علي الخيّاط – مخرج مسرحية (ما ذنبي أنا) وتعلمت منه الكثير ، فكان يجعلنا نخرج عن شخصياتنا تماماً ، ونعيش دور الشخصية التي نمثلها.

إيمان وظيفتي رسمت مستقبلي .

” أتذكر ذلك اليوم جيدا” تقول إيمان , وهو اليوم الذي ذهبت مع مجموعة من أعضاء الجمعية لغرض البحث عن تقديم وظائف لهم , وكان ذلك من صميم الأنشطة التي تقوم بها الجمعية بعد تأهيل وتدريب أعضائها المنتسبين إليها , بينما “إيمان” لم تكن تفكر على الإطلاق بالحصول على الوظيفة وإنما ذهبت معهم من اجل “التسلية وليس للبحث عن العمل”

تقول ” ذهبنا إلى وزارة الأشغال العامة والطرق .. وطلبوا منا أن يختبرونا في الطباعة على الكمبيوتر ، وأنا لا أعرف عن الكمبيوتر شيء ولأن لوحة مفاتيح الكمبيوتر مشابه للآلة الكاتبة بالضبط .. نجحت في الاختبار وقبلوني وأنا لا أريد وظيفة آنذاك لأني كنت لا زلت صغيرة وأدرس في صف ثالث إعدادي ، ولا أريد أن أترك الجمعية، ذهبت إلى البيت وأعطيت ورقة الموافقة بتوظيفي لأخي .. ففرح جداً واندهش لرؤية الموافقة ولم يتبقى سوى إجراءات بسيطة لاستكمال التوظيف , فتابع إجراءات استكمال التوظيف دون علمي .. وأعلموني باتصال من الجمعية بأنها انتهت إجراءات التوظيف وبعد جهد كبير من أهلي لإقناعي بأهمية الوظيفة للشخص غير المعاق فما بالك للشخص المعاق .. داومت من بداية عام 2000م ، في البداية لم أتأقلم ، كنت متساهلة وكثيرة الغياب ، وكان باص (حافلة) الجمعية يأتي إليّ من الساعة العاشرة صباحاً لكي أذهب إلى الجمعية ، كنت متعلقة بها جداً ، وزملائي بالعمل كانوا متعاونين معي وصبروا عليَ ، وظليت على هذا الحال إلى العام 2004م, وبعدها أكملت دراستي الثانوية وابتعدت عن الجمعية شيئاً فشيء، والآن أذهب إليها في المناسبات فقط “

الوظيفة هي بداية خروجي للمجتمع ككل ، وعرفت فعلاً بأن الإعاقة في العقل لا الجسد .. أثبت وجودي بعملي الرائع ، وذلك بقدراتي التي تخطيت بها كل الحدود ، ورسمت معالم مستقبلي المستقل الذي يكفيني السؤال ومد يدي لطلب المساعدة من أي أحد كان.

“يواجهون مشكلة مع إعاقتي ولست أنا”

تقول “إيمان” ” مواقف كثيرة حصلت بحياتي محزنة وسعيدة .. حصل لي موقف قريب جداً أغضبني ، كنت ذاهبة إلى أحد أماكن التسوق لشراء بعض الحاجيات .. أوقفت السيارة وكان هناك اُناس ينظرون إليّ بإعجاب .. فلما نزلت من السيارة ، نظراتهم تغيرت من نظرات أعجاب إلى استغراب كأني جئت من كوكب آخر ( معاقة وتسوق سيارة !!!) ؟ لا يود الجميع كسر نمط تفكيرهم الرجعي … فأنا لا أحتاج إلى شفقتهم ولا نظراتهم التي تعلوها الرحمة ، ولكنني أحتاج لإحترامهم .. فقد قاسيت كثيرا لأخرج من البيت وأفك قيد الخوف والانطواء, حتى أحس أني إنسانه كرامتها تفوق كل الأشياء .. ففي الحقيقة أنهم هم من يواجهون مشكلة مع إعاقتي ولست أنا.

رسالة إيمان لذوي الإعاقة

أتمنى من الجميع أن ينظرون إلينا كأشخاص وليس كمعاقين .. ينظرون بداخل كل منّا، وليس على مظهرنا, يتحدثون معنا ، يتواصلون مع أفكارنا وتجاربنا,

للمعاق الحق في المشاركة بجوانب الحياة المختلفة كـ (المدارس – أماكن العمل – السياسة –الخدمات … وغيرها ) ، والتمتع بجميع حقوقهم الإنسانية ، والعمل على ازالة جميع صعوباتهم ومعوقاتهم.

أمل .. من عدم المساواة والإقصاء
إلى الآفق الواسع من الطموح والنجاح.

أمل .. من عدم المساواة والإقصاءإلى الآفق الواسع من الطموح والنجاح.

قادرة بعزيمة لا تلين وإرادة صلبة ، تكاد تقهر الجبال , كسرت حواجز اليأس التي تقف أمام طموحها وعزيمتها النابع من إيمان قوي بما لديها من مواهب وإمكانيات رغم الإعاقة الحركية التي شخصت على أن إعاقتها شلل دماغي ولين في العظام , برغم كل الظروف التي واجهتها وخاصة ما فرضتة العادات والتقاليد المجتمعية ونظراتهم القاصرة تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة ناهيكم أنها ايضا فتاة من ذوات الإعاقة . لكنها رسمت بريق أمل يضيئ لها طريق حياتها .

نستضيف اليوم وبكل فخر واعتزاز عبر صفحة المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة إحدى المثابرات من ذوات الفكر الطموح والعزيمة التي لا تلين ،

أنها أمل حسن الغويدي الحاصلة على بكالوريوس تقنية معلومات جامعة سكيم مانيبال الهندية اضافة الى دبلوم عالي تصميم شبكات معهد أبتك ودبلوم عالي هندسة شبكات معهد سيسكو ودبلوم عالي لغة انجليزية معهد يالي (التوفل) رخصة دولية في الترجمة من اليونسكو.

حكاية أمل

بدأت الحكاية بطفلة مطلبها الوحيد من هذه الحياة أن تعيش كبقية أقرانها , أتت أمل كأي مولود جديد يطل على الدنيا و لكن بسبب الضغوط النفسية و سوء التغذية عند والدتها ولتعسرها في الولادة وسوء تصرف الأطباء حدث للمولودة اختناق ، مما سبب لها شلل دماغي مع لين عظام

فكانت كصاعقة نزلت على أهلها بدل أن تكون فرحة كبيرة.

طفله لا تحرك يد ولا قدم ولا تأكل ولا يمكن حملها إلا فوق وسادة , ولكن أم أمل اتبعت إحساسها وصممت مع والدها على أن يجعلوا من طفلتهما شيء له وجود ، وكيان في المجتمع. هم لا يعرفوا لماذا هي هكذا ولا يعرفوا ما مقدار تلكم النتائج التي سيصلان إليها ، تخلل اليأس إلى نفسيهما وربما الإحباط شيئا فشيئاً , ولكن بقية تلكم الأحاسيس التي تنتاب الأم بأن هذة المولودة يجب أن يكون لها شأن عظيم . فكان أول قرار لهم اختيار اسما لها يمنحها القوة والتفاؤل والذي لطالما افخرت به العالم وهو “أمل” فبدأت والدتها الأمل باستخدام العلاج الطبيعي بشكل عشوائي في المنزل دون استشارة طبيب أو مختص، وبعد فترة تابع الأبوين علاج “أمل” في بعض العيادات ثم في كل المستشفيات الكبرى في السعودية و ركزوا عليها بتمارين العلاج الطبيعي يوميا وبدأت بالحبو وهي في السنة الثالثة من عمرها وبدأت تقف على قدميها في السنة التاسعة من عمرها ، فكان لتلك الإرداة التي تولدت لدى الأبوين دافعا نحو بصيص الأمل التي وصلت إلية طفلتهما ليكون هذا الانجاز الماثل أمامهم الآن , ليعلموها الثقة بالنفس مع الرجوع إلى الله في كل أمور حياتها وفي اتخاذ قراراتها, ووفروا لها بيئة طبيعية بين إخوتها , وكل من حولها فلم تشعر يوماً إنها مختلفة عنهم ،

وبدأت أول خطوة نحو المستقبل .

أمــــــــل … والمدرسة

وعندما بدأت سن الدراسة لم تقبل أي مدرسة حكومية “أمل” بسبب إعاقتها و خوفا من المسؤولية أو بحسب ظنهم أنها إعاقتها ستشكل خوفا لدي بقية الطالبات بسبب اختلافها ,لا تدري “أمل” ما المشكلة الحقيقية بالضبط. فكانت والدتها عند تقديم طلب تسجيلها في أي مدرسة تضعها في ساحة المدرسة ، وتدخل إلى الإدارة بمفردها بالملف حتى لا تسمع “أمل” أي كلمات جارحة وخشية أن يتسلل الحزن إلى نفس طفلتها أن رفضوا قبولها لديهم ولكن “أمل” كانت تشعر بذلك , وعند رفضهم للطفلة تعود الوالدة بها إلي المنزل وهي مبتسمة, تبكي من داخلها لسوء المعاملة فتسألها أمل متى سأبدأ الدراسة؟ فترد الأم إن شاء الله قريبا يأبنتي لأنها تعرف مدى شوق طفلتها للمدرسة والدراسة, ومن كثر شوقها للدراسة، بدأت تقراء و تكتب عربي وانجليزي وحدها ومع إخوتها , فكان كل من يراها يظن أنها في مدرسة خاصة أو أجنبية .

بصيص أمل…

في إحدى الأيام كانت أمل تتلقى العلاج في إحدى المستشفيات السعودية ، رأتها طبيبة أثناء تطبيق طلاب الامتياز وهي تكتب و تقرأ .. فسألت الطبيبة الأم: أين تدرس أمل ؟ فلما عرفت بأن أمل لا تدرس , قررت أن تدرسها في مدرسة خاصة على حسابها الخاص ودعمتها أيضا حتى أنهت مرحلة الإعدادية لأن أسرة “أمل” ذات دخل محدود. فكان ذلك بمثابة بصيص أمل وحلم، انبرئ جليا بمدى سعادتها وهي تضع قدميها ثقيلتا الحركة في اول سلالم الأمل المنشود ولتبدأ رحلتها منذ تلك اللحظة، مع كل الصعوبات التي واجهت “أمل” كادت أن تطير محلقة في بحر العلم الى درجة ان معلمتها حاولت وضع مقعد بجانبها لكثرة نشاطها الذهني و الحركي ومشاركتها وسعادتها, وبدأت مشوار حلمها الطويل مع مجريات التحديات التي لا تعلم “أمل” ما هي اجتهدت وثابرت وكانت دائما تحتل الترتيب الأول ، حتى أتممت المرحلة الثانوية في بلدها اليمن.

حلم أمل…

تحلم أمل أن تكون طبيبة ساعية من خلال ذلك الحلم الذي رسمته إلى مساعدة كل من يحتاج إليها وبخاصة الأطفال،

فعزمت على اجتياز كل الصعوبات والعقبات بقوة عزيمتها وتشجيعا من أبويها وأسرتها , ومع اجتياز المرحلة الثانوية بتفوق لا تعلم “أمل” أنها مع القدر من جديد في تحدى أخر , خيل لها أنها في مرحلة انضج من المراحل السابقة كونها ستكون بمعية صفوة المجتمع ونخبته وهم أساتذة الجامعات ولكنها كانت الصدمة التي فجأتها ووجدت سيناريو الرفض مرافقا لها فقد تم رفضها من كل الجامعات التي تقدمت اليها .. لماذا ؟ لأنها معاقة. وبعد بحث من قبل أخوة “امل” وجدوا لها جامعة تقبل بإعاقتها ولكنها جامعة خاصة فبرغم ظروفهم المادية الا انهم وجدوا في ذلك إسعاد لأختهم التي تمالكها الحزن ،وقد يتسلل اليأس إلى خلجاتها، وكانت بمثابة خطوة أعطتها الفرصة بعدما ضاع الأمل ولكن ظهرت لها مشكلة أخرى أنه ليس لديها المال الكافي حتى تلتحق بها .

كفاح أمــــــــل .. ودراستها الجامعية

نظرا لتكاليف الدراسة الباهظة في الجامعة الخاصة قررت أمل أن تخرج و تبحث عن مصدر دعم أو عمل، وهي خجولة جدا لأنها لم تطلب من احد غريب أي شيء من قبل, وسط رفض أهلها خروجها خوفا عليها من العالم الخارجي فصممت أمل وخرجت. وحصلت على مساعدة من أهل الخير و دعم من أختها ذات الراتب المحدود التي أصرت على مساعدتها والوقوف إلى جانبها , ودرست في كلية الآداب قسم اللغة الانجليزية تخصص ترجمة لشغفها بتعلم هذة اللغة ، إضافة إلى أن الرسوم مناسبه لها مقارنة بغيره من التخصصات في تلك الفترة, وبعزيمتها المثابرة كانت تتربع على المرتبة الأولى على الدفعة , وأثناء دراستها ظلت تبحث عن عمل فعملت كإدارية في أحد المستشفيات كطباعة بشهادة الإعدادية حتى توفر مصاريفها الخاصة ,

وتقول أمل ” رغم تلك الصعوبات التي قررت من خلالها إثبات الذات أتذكر ان الله هيأ لي الكثير من الأسباب فكان زملائي متعاونين معي جدا, ولا انسى أبي كان وقتها يمتلك باص (حافلة) كانت وسيلة المواصلات المساعدة لي فكان يأخذني بين العمل والجامعة، واستغليت فترة مابعد العصر بتدريس مجموعة طلاب مادة الانجليزي , إضافة إلى ما كنت اشتغله من اعمال يدوية كتطرز بالخيط و بالخرز وتصنع إكسسوارات حتى أستطيع مجابهة تكاليف الدراسة , وتجمع قيمة جهاز كمبيوتر لطالما حلمت بأن أمتلكه ليكون لي عونا في دراستي ” .

عندما تتجدد الآمال …

بخطوات واثقة دوما كبرت “أمل” وكبر طموحها فحاولت ان تعمل بشهادتها الجامعية في الشركات الكبيرة أو الأجنبية

وبعض المنظمات فلم يقبل بها أحد منهم لانها معاقة فهم ينظرون إلى إعاقتها لا إلى ماتمتلكه من قدرات وبعد فترة من الحزن على وضعها نصحتها امرأة فرنسية بأن تدرس كمبيوتر مع الانجليزي لتحصل على عمل أفضل فقررت الدراسة في هذا المجال ولكن ظل المال هو العائق ؟

وحينها سمعت عن صندوق المعاقين الذي بفضله كما تقول “أمل” أنها أستطاعت أن تدرس بكالوريوس تقنية معلومات في جامعة هندية كان لها فرع باليمن واختباراتها عن بعد وكانت الأولى على الدفعة و أيضا درست دبلوم عالي تصميم شبكات ثلاث سنوات في معهد أبتك, فأحبت البرمجة مع ميولها إلى دراسة الشبكات وكون الطبيب نصحها بتخفيف الجلوس على الكمبيوتر أيضا درست بعدها هندسة شبكات CCNA في أكاديمية سيسكو حتى تأهل نفسها في هذا المجال و تتمنى أن تدرس CCNP بعد ذلك وان تعمل في هذا المجال, و حصلت على منحه من السفارة الأمريكية صدفه لتحضر التوفل في معهد يالي بعد أن تم رفضها من قبل نفس المعهد لكونها ذات إعاقة . كما حضرت بعض الدورات مثل: دورة البرمجة العصبية بما فيها من التنويم المغناطيسي والعلاج بالإحاء و تحليل خط اليد و حصلت على شهادة مدربة دولية في التنمية البشرية. ثم حصلت على رخصة رسمية لمزاولة مهنة الترجمة من منظمة اليونسكو لتستطع أن تعمل العمل الذي تطمح إليه .

طموحاتي

وقبل أن نختم مع “أمل” كان لزاما أن نتعرف على طموحاتها وأمالها التي مازالت ترنوا إليها بشغف بعد هذة الرحلة المفعمة بالعلم والمعرفة والسمو، فماذا تقول أمل ” مازلت أطمح أن أكمل دراستي العليا في مجال الشبكات أو إدارة الأعمال نظام MBA في الولايات المتحدة وان يكون لي مكانة مميزة في المجتمع وأتمنى أن أعيد ولو جزء من الجميل لوالدي الحبيبين وأسرتي وقت ضعفهم كما دعموني في وقت ضعفي وأكون داعمة أيضا لكل من يحتاج جلسات العلاج الطبيعي الذي انقطعت عنها منذ عودتي إلى اليمن لأنه هو علاجي الوحيد “

ونختم مع “أمل” بهذة العبارات التي لخصت رحلت أمل الغويدي الطويلة والتي وضعتها نصب عيناها فتقول :-

تعلمت من الحياة ” أن المجتمع لا يرى الإنسان قبل وصوله ولكن يراه بعد أن يكاد يصل”.

” سأظل أسير و أسير في هذا الطريق و نور الأمل هو الرفيق رغم إني لا ادري ما هي نهاية هذا الطريق إنما أرى بريق”.

أمل .. من عدم المساواة والإقصاءإلى الآفق الواسع من الطموح والنجاح.

أمل .. من عدم المساواة والإقصاءإلى الآفق الواسع من الطموح والنجاح.

خاص /

قادرة بعزيمة لا تلين وإرادة صلبة ، تكاد تقهر الجبال , كسرت حواجز اليأس التي تقف أمام طموحها وعزيمتها النابع من إيمان قوي بما لديها من مواهب وإمكانيات رغم الإعاقة الحركية التي شخصت على أن إعاقتها شلل دماغي ولين في العظام , برغم كل الظروف التي واجهتها وخاصة ما فرضتة العادات والتقاليد المجتمعية ونظراتهم القاصرة تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة ناهيكم أنها ايضا فتاة من ذوات الإعاقة . لكنها رسمت بريق أمل يضيئ لها طريق حياتها .

نستضيف اليوم وبكل فخر واعتزاز عبر صفحة المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة إحدى المثابرات من ذوات الفكر الطموح والعزيمة التي لا تلين ،

أنها أمل حسن الغويدي الحاصلة على بكالوريوس تقنية معلومات جامعة سكيم مانيبال الهندية اضافة الى دبلوم عالي تصميم شبكات معهد أبتك ودبلوم عالي هندسة شبكات معهد سيسكو ودبلوم عالي لغة انجليزية معهد يالي (التوفل) رخصة دولية في الترجمة من اليونسكو.

حكاية أمل

بدأت الحكاية بطفلة مطلبها الوحيد من هذه الحياة أن تعيش كبقية أقرانها , أتت أمل كأي مولود جديد يطل على الدنيا و لكن بسبب الضغوط النفسية و سوء التغذية عند والدتها ولتعسرها في الولادة وسوء تصرف الأطباء حدث للمولودة اختناق ، مما سبب لها شلل دماغي مع لين عظام

فكانت كصاعقة نزلت على أهلها بدل أن تكون فرحة كبيرة.

طفله لا تحرك يد ولا قدم ولا تأكل ولا يمكن حملها إلا فوق وسادة , ولكن أم أمل اتبعت إحساسها وصممت مع والدها على أن يجعلوا من طفلتهما شيء له وجود ، وكيان في المجتمع. هم لا يعرفوا لماذا هي هكذا ولا يعرفوا ما مقدار تلكم النتائج التي سيصلان إليها ، تخلل اليأس إلى نفسيهما وربما الإحباط شيئا فشيئاً , ولكن بقية تلكم الأحاسيس التي تنتاب الأم بأن هذة المولودة يجب أن يكون لها شأن عظيم . فكان أول قرار لهم اختيار اسما لها يمنحها القوة والتفاؤل والذي لطالما افخرت به العالم وهو “أمل” فبدأت والدتها الأمل باستخدام العلاج الطبيعي بشكل عشوائي في المنزل دون استشارة طبيب أو مختص، وبعد فترة تابع الأبوين علاج “أمل” في بعض العيادات ثم في كل المستشفيات الكبرى في السعودية و ركزوا عليها بتمارين العلاج الطبيعي يوميا وبدأت بالحبو وهي في السنة الثالثة من عمرها وبدأت تقف على قدميها في السنة التاسعة من عمرها ، فكان لتلك الإرداة التي تولدت لدى الأبوين دافعا نحو بصيص الأمل التي وصلت إلية طفلتهما ليكون هذا الانجاز الماثل أمامهم الآن , ليعلموها الثقة بالنفس مع الرجوع إلى الله في كل أمور حياتها وفي اتخاذ قراراتها, ووفروا لها بيئة طبيعية بين إخوتها , وكل من حولها فلم تشعر يوماً إنها مختلفة عنهم ،وبدأت أول خطوة نحو المستقبل .

أمــــــــل … والمدرسة

وعندما بدأت سن الدراسة لم تقبل أي مدرسة حكومية “أمل” بسبب إعاقتها و خوفا من المسؤولية أو بحسب ظنهم أنها إعاقتها ستشكل خوفا لدي بقية الطالبات بسبب اختلافها ,لا تدري “أمل” ما المشكلة الحقيقية بالضبط. فكانت والدتها عند تقديم طلب تسجيلها في أي مدرسة تضعها في ساحة المدرسة ، وتدخل إلى الإدارة بمفردها بالملف حتى لا تسمع “أمل” أي كلمات جارحة وخشية أن يتسلل الحزن إلى نفس طفلتها أن رفضوا قبولها لديهم ولكن “أمل” كانت تشعر بذلك , وعند رفضهم للطفلة تعود الوالدة بها إلي المنزل وهي مبتسمة, تبكي من داخلها لسوء المعاملة فتسألها أمل متى سأبدأ الدراسة؟ فترد الأم إن شاء الله قريبا يأبنتي لأنها تعرف مدى شوق طفلتها للمدرسة والدراسة, ومن كثر شوقها للدراسة، بدأت تقراء و تكتب عربي وانجليزي وحدها ومع إخوتها , فكان كل من يراها يظن أنها في مدرسة خاصة أو أجنبية .

بصيص أمل…

في إحدى الأيام كانت أمل تتلقى العلاج في إحدى المستشفيات السعودية ، رأتها طبيبة أثناء تطبيق طلاب الامتياز وهي تكتب و تقرأ .. فسألت الطبيبة الأم: أين تدرس أمل ؟ فلما عرفت بأن أمل لا تدرس , قررت أن تدرسها في مدرسة خاصة على حسابها الخاص ودعمتها أيضا حتى أنهت مرحلة الإعدادية لأن أسرة “أمل” ذات دخل محدود. فكان ذلك بمثابة بصيص أمل وحلم، انبرئ جليا بمدى سعادتها وهي تضع قدميها ثقيلتا الحركة في اول سلالم الأمل المنشود ولتبدأ رحلتها منذ تلك اللحظة، مع كل الصعوبات التي واجهت “أمل” كادت أن تطير محلقة في بحر العلم الى درجة ان معلمتها حاولت وضع مقعد بجانبها لكثرة نشاطها الذهني و الحركي ومشاركتها وسعادتها, وبدأت مشوار حلمها الطويل مع مجريات التحديات التي لا تعلم “أمل” ما هي اجتهدت وثابرت وكانت دائما تحتل الترتيب الأول ، حتى أتممت المرحلة الثانوية في بلدها اليمن.

حلم أمل…

تحلم أمل أن تكون طبيبة ساعية من خلال ذلك الحلم الذي رسمته إلى مساعدة كل من يحتاج إليها وبخاصة الأطفال،

فعزمت على اجتياز كل الصعوبات والعقبات بقوة عزيمتها وتشجيعا من أبويها وأسرتها , ومع اجتياز المرحلة الثانوية بتفوق لا تعلم “أمل” أنها مع القدر من جديد في تحدى أخر , خيل لها أنها في مرحلة انضج من المراحل السابقة كونها ستكون بمعية صفوة المجتمع ونخبته وهم أساتذة الجامعات ولكنها كانت الصدمة التي فجأتها ووجدت سيناريو الرفض مرافقا لها فقد تم رفضها من كل الجامعات التي تقدمت اليها .. لماذا ؟ لأنها معاقة. وبعد بحث من قبل أخوة “امل” وجدوا لها جامعة تقبل بإعاقتها ولكنها جامعة خاصة فبرغم ظروفهم المادية الا انهم وجدوا في ذلك إسعاد لأختهم التي تمالكها الحزن ،وقد يتسلل اليأس إلى خلجاتها، وكانت بمثابة خطوة أعطتها الفرصة بعدما ضاع الأمل ولكن ظهرت لها مشكلة أخرى أنه ليس لديها المال الكافي حتى تلتحق بها .

كفاح أمــــــــل .. ودراستها الجامعية

نظرا لتكاليف الدراسة الباهظة في الجامعة الخاصة قررت أمل أن تخرج و تبحث عن مصدر دعم أو عمل، وهي خجولة جدا لأنها لم تطلب من احد غريب أي شيء من قبل, وسط رفض أهلها خروجها خوفا عليها من العالم الخارجي فصممت أمل وخرجت. وحصلت على مساعدة من أهل الخير و دعم من أختها ذات الراتب المحدود التي أصرت على مساعدتها والوقوف إلى جانبها , ودرست في كلية الآداب قسم اللغة الانجليزية تخصص ترجمة لشغفها بتعلم هذة اللغة ، إضافة إلى أن الرسوم مناسبه لها مقارنة بغيره من التخصصات في تلك الفترة, وبعزيمتها المثابرة كانت تتربع على المرتبة الأولى على الدفعة , وأثناء دراستها ظلت تبحث عن عمل فعملت كإدارية في أحد المستشفيات كطباعة بشهادة الإعدادية حتى توفر مصاريفها الخاصة ,

وتقول أمل ” رغم تلك الصعوبات التي قررت من خلالها إثبات الذات أتذكر ان الله هيأ لي الكثير من الأسباب فكان زملائي متعاونين معي جدا, ولا انسى أبي كان وقتها يمتلك باص (حافلة) كانت وسيلة المواصلات المساعدة لي فكان يأخذني بين العمل والجامعة، واستغليت فترة مابعد العصر بتدريس مجموعة طلاب مادة الانجليزي , إضافة إلى ما كنت اشتغله من اعمال يدوية كتطرز بالخيط و بالخرز وتصنع إكسسوارات حتى أستطيع مجابهة تكاليف الدراسة , وتجمع قيمة جهاز كمبيوتر لطالما حلمت بأن أمتلكه ليكون لي عونا في دراستي ” .

عندما تتجدد الآمال …

بخطوات واثقة دوما كبرت “أمل” وكبر طموحها فحاولت ان تعمل بشهادتها الجامعية في الشركات الكبيرة أو الأجنبية

وبعض المنظمات فلم يقبل بها أحد منهم لانها معاقة فهم ينظرون إلى إعاقتها لا إلى ماتمتلكه من قدرات وبعد فترة من الحزن على وضعها نصحتها امرأة فرنسية بأن تدرس كمبيوتر مع الانجليزي لتحصل على عمل أفضل فقررت الدراسة في هذا المجال ولكن ظل المال هو العائق ؟

وحينها سمعت عن صندوق المعاقين الذي بفضله كما تقول “أمل” أنها أستطاعت أن تدرس بكالوريوس تقنية معلومات في جامعة هندية كان لها فرع باليمن واختباراتها عن بعد وكانت الأولى على الدفعة و أيضا درست دبلوم عالي تصميم شبكات ثلاث سنوات في معهد أبتك, فأحبت البرمجة مع ميولها إلى دراسة الشبكات وكون الطبيب نصحها بتخفيف الجلوس على الكمبيوتر أيضا درست بعدها هندسة شبكات CCNA في أكاديمية سيسكو حتى تأهل نفسها في هذا المجال و تتمنى أن تدرس CCNP بعد ذلك وان تعمل في هذا المجال, و حصلت على منحه من السفارة الأمريكية صدفه لتحضر التوفل في معهد يالي بعد أن تم رفضها من قبل نفس المعهد لكونها ذات إعاقة . كما حضرت بعض الدورات مثل: دورة البرمجة العصبية بما فيها من التنويم المغناطيسي والعلاج بالإحاء و تحليل خط اليد و حصلت على شهادة مدربة دولية في التنمية البشرية. ثم حصلت على رخصة رسمية لمزاولة مهنة الترجمة من منظمة اليونسكو لتستطع أن تعمل العمل الذي تطمح إليه .

طموحاتي

وقبل أن نختم مع “أمل” كان لزاما أن نتعرف على طموحاتها وأمالها التي مازالت ترنوا إليها بشغف بعد هذة الرحلة المفعمة بالعلم والمعرفة والسمو، فماذا تقول أمل ” مازلت أطمح أن أكمل دراستي العليا في مجال الشبكات أو إدارة الأعمال نظام MBA في الولايات المتحدة وان يكون لي مكانة مميزة في المجتمع وأتمنى أن أعيد ولو جزء من الجميل لوالدي الحبيبين وأسرتي وقت ضعفهم كما دعموني في وقت ضعفي وأكون داعمة أيضا لكل من يحتاج جلسات العلاج الطبيعي الذي انقطعت عنها منذ عودتي إلى اليمن لأنه هو علاجي الوحيد “

ونختم مع “أمل” بهذة العبارات التي لخصت رحلت أمل الغويدي الطويلة والتي وضعتها نصب عيناها فتقول :-

تعلمت من الحياة ” أن المجتمع لا يرى الإنسان قبل وصوله ولكن يراه بعد أن يكاد يصل”.

” سأظل أسير و أسير في هذا الطريق و نور الأمل هو الرفيق رغم إني لا ادري ما هي نهاية هذا الطريق إنما أرى بريق”.

رابط القصة باللغة الأنجليزية : /https://www.facebook.com/385141179001507/posts/790549411794013/