خاص : ابراهيم محمد المنيفي /
عتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثانية والستين المنعقدة عام 2007 القرار 139 الذي قضى باعتماد الثاني من نيسان إبريل يوماً عالمياً للتوعية باضطراب طيف التوحد ليحتفل به العالم من كل عام.
واليوم يسرنا في ال MCBD أن نستضيف الأستاذة – أحلام محمد الرياشي، المدير التنفيذي للمؤسسة اليمنية للتربية الخاصة والتوحد.
يعرف المختصون الطفل التوحدي بأنه: ذلك الطفل الذي يعاني من اضطراب نماءي عصبي يظهر بشكل واضح بقصور في التواصل والتفاعل الاجتماعي، بالإضافة إلى سلوكيات وأنشطة تتصف بالمحدودية والنمطية والتكرار تظهر في السنوات الأولى من عمر الطفل وتؤثر على جوانب النمو المختلفة لدى الطفل والسؤال الذي يطرح نفسه في البداية
ما حجم انتشار اضطراب طيف التوحد بين الأطفال في اليمن؟
الحقيقة أنه لا توجد أي إحصائيات رسمية أو غير رسمية، لكننا نعتمد على إحصائيات تقريبية تعتمدها دول ومنظمات عالمية حيث يعتقد أنه من بين كل 160 طفل يوجد طفل توحدي على الأقل، وفي اليمن أعتقد أن النسبة ستكون أكثر بطبيعة الحال باعتبار اليمن واحدة من الدول النامية أو مما يسمى بدول العالم الثالث.
في ظل ما تشهده اليمن من أوضاع وأزمات ماهي أبرز التحديات التي يواجهها الأطفال ذوي اضطراب التوحد برأيك؟
للأسف الشديد أثرت الحرب على الجميع لكن التأثير كان أكثر على ذوي الإعاقة وعلى وجه الخصوص ذوي التوحد حيث توقف صندوق رعاية وتأهيل المعاقين عن مدنا بأي ميزانية منذ عام 2017 مما أثر على مجمل خدماتنا علاوة على ذلك فمعظم ذوي الإعاقة كما يعرف الجميع يأتون من أسر فقيرة ومعدمة لا تسطيع أن تشاركنا كمراكز ومؤسسات في التغلب على هذه المشكلة وهذا أدى إلى انقطاع الكثير من الأطفال عن الجلسات العلاجية والتدريبية مما عرضهم لانتكاسات كبيرة.
قبل التوقف هل كانت الميزانية التي يقدمها الصندوق كافية لكم باعتباركم أول مؤسسة في مجال تدريب وتأهيل ذوي اضطراب التوحد في اليمن ولا سيما إن طبيعة البرامج العلاجية والتدريبية تعتمد في الكثير على الجلسات الفردية مع كل طالب على حدة؟
كان صندوق رعاية وتأهيل المعاقين يحيل إلينا الأطفال ويتبنى 20% من إجمالي التكاليف، ولكن كان الدور الذي يقوم به الصندوق مهم وساعدنا بشكل كبير حيث كنا نستطيع جلب الأطفال من منازلهم بتوفير المواصلات وكان الأطفال التوحديون يتلقون الخدمة مجاناً بشكل كامل.
ما سبب التوقف برأيك هل مؤسستكم معتمدة؟
نعم المؤسسة اليمنية للتربية الخاصة والتوحد أنشأت في العام 2005 وأعتمدت في 2006 وهي المؤسسة الأولى في اليمن في مجال اهتمامها ولنا فروع في بعض المحافظات، لكن التوقف قد تكون له أسبابه فالحرب وارتفاع أسعار المشتقات النفطية وقلة الإيرادات قد تكون هي أبرز الأسباب، والتوقف لم نعاني منه وحدنا فقط بل هناك مراكز أخرى تعنى بذوي اضطراب التوحد أغلقت تماما
كيف تعملون في مثل هكذا وضع وكيف تقدمون خدماتكم للأطفال التوحديين؟
نحن نعمل بجهود دأوبة وأود عبر ال- MCBD أن أتوجه لبعض التجار والشركات والبيوت التجارية التي وقفت ولا تزال بجزيل الشكر والامتنان.
هل هناك مشاكل أخرى؟
نعم هناك مشاكل كثيرة لكن معظم المشاكل فرضتها الأوضاع القائمة فنحن الآن فقط نقدم الخدمات للأطفال التوحديين لكننا توقفنا عن تقديم الخدمات لفئة الشباب.
لماذا؟
لأن الشباب لا تقتصر الخدمات التي يجب تقديمها لهم على الجانب الأكاديمي بل هناك خدمات مهنية ورياضية وغيرها ليست لدينا الإمكانيات لتقديمها في الوقت الحالي.
كيف تقيم الأستاذة أحلام دور الحكومة ومنظمات المجتمع المدني تجاه ذوي اضطراب التوحد أفراد ومؤسسات؟
للأسف الدور الحكومي مفقود والدور الوحيد للحكومة كان عبر صندوق رعاية وتأهيل المعاقين ولكنه رفع يده عن الأطفال ذوي اضطراب التوحد، ودور المنظمات ضعيف جداً لا يكاد يذكر اللهم فقط ما قامت به بعض المنظمات من عمل للمساحات الآمنة بشكل محدود وحتى هذه للأسف توقفت بسبب جائحة كورونا العام الماضي.
ماذا عن التشخيص والعلاج للأطفال ذوي اضطراب التوحد هل توجد مقاييس مقننة محلياً وبرامج تراعي البيئة اليمنية للأطفال ذوي اضطراب التوحد؟
لا يوجد لكننا نستخدم آخر الإصدارات المعتمدة عالمياً في هذا المجال وأثبتت فاعلية كبيرة مع أبنائنا الأطفال.
بعد التدريب والتأهيل ماذا عن حق الأطفال ذوي اضطراب التوحد في التعليم؟
نعاني من مشاكل كبيرة عندما نريد دمج أبنائنا الأطفال ذوي اضطراب التوحد بعد تأهيلهم فالمجتمع لا يتقبلهم والمدارس إما غير مؤهلة للدمج أو ترفض الأطفال ذوي اضطراب التوحد بسبب الوعي القاصر والنظرة الخاطئة تجاه التوحد أو خوف المدارس من رفض أولياء الأمور لبقاء أبنائهم مع أطفال مختلفين عنهم.
تحدثتي عن رفض بعض المدارس تدريس الأطفال ذوي اضطراب التوحد فهل تخاطبتم مع وزارة التربية والتعليم؟
نعم: تخاطبنا مع وزارة التربية والتعليم ورفعنا مذكرة بهذا الخصوص للمعنيين لكننا لم نجد حلول فعلية تنتصف لأبنائنا الطلاب ذوي اضطراب التوحد.
التعليم حق من الحقوق المك فولة دستوراً وقانوناً وحسب المواثيق الدولية التي أقرتها اليمن وصادقت عليها وحرمان الأطفال ذوي اضطراب التوحد انتهاك يقودني لأسألك عن الانتهاكات التي تتعرض لها هذه الفئة ماذا عن رصدها وتوثيقها هل لكم دور في ذلك؟
نعم لقد كنت أعتقد كما يعتقد الكثير إن هذه الفئة خط أحمر ولا يمكن أن تتعرض للإعتداء من أي أحد لكننا تفاجأنا عندما قربنا من الأطفال أكثر بأن هناك أطفال من ذوي اضطراب التوحد يعانون من حالات نفسية بسبب ما تعرضوا له من اعتداء ومعاملة قاسية، بل وجدنا أطفال تعرضوا للاغتصاب من قبل أقرب الناس وممن يفترض عليهم حمايتهم كحارس في العمارة أو أحد المحارم من داخل الأسرة للأسف.
كيف تتعاملون مع هكذا حالات وكيف تتبنوها مع الجهات المختصة قانونياً؟
أولاً أود أن ألفت نظرك للحساسية الكبيرة التي تكتنف الأمر والتحفظ والتكتم الشديد من قبل الأسر على مواضيع الانتهاكات بشكل عام فالأسر التي تعرض أطفالها للانتهاكات وتبدأ تعرف بأننا بدأنا في التعرف على ما تعرض له ابنهم تبدأ بسحبه منا تدريجياً، وكل القضايا التي إطلعنا عليها رفضت الأسر التعامل معنا أو تم حلها عبر القضاء بين أولياء أمور الأطفال والجناة دون تدخل للمؤسسة أو أي جهة حقوقية.
أخيراً ماهي الرسائل التي تريدون التعبير عنها في اليوم العالمي للتوحد ولمن توجهونها؟
نتمنى أن يكون اليوم العالمي للتوحد فرصة لإذكاء الوعي بقضايا ذوي اضطراب التوحد فمشكلتنا بالدرجة الأولى ناجمة عن قلة الوعي سواءاً لدى معظم الأسر التي مازالت تخجل وتحاول إخفاء أطفالها ذوي اضطراب التوحد، أو لدى الجهات الحكومية والأهلية التي لم تدرك طبيعة الأدوار التي يجب أن تطلع بها تجاه هذه الشريحة المهمة من المجتمع، وبالمناسبة أتمنى من وسائل الإعلام المختلفة بذل المزيد من الجهود والاهتمام بشكل أكبر بنشر التوعية والتصورات الإيجابية عن هذه الفئة من المجتمع فهؤلاء الأطفال أبناء المجتمع كل المجتمع وجميعنا معنيون بهم.
في ختام هذه المقابلة باسمي وباسم الزملاء في المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة MCBD نعبر عن تهنئتنا الكبيرة للأطفال ذوي اضطراب التوحد ونتمنى لهم مزيد من الرعاية والاهتمام، كما نتقدم بجزيل الشكر للأستاذة – أحلام الرياشي، على المعلومات والطرح الذي تفضلت به أثناء المقابلة.