أطلق المركز الإعلامي لذوي الإعاقة صباح اليوم برنامجه الحقوقي الإذاعي الأول “بالصوت العالي”، البرنامج من إعداد فريق المركز الإعلامي لذوي الإعاقة MCPD بالتعاون مع صندوق رعاية وتأهيل المعاقين، وتقديم رئيس المركز الإعلامي –دارس البعداني.
يُبث البرنامج مباشرةً على إذاعة راديو يمن تايمز 91.9 الساعة الحادية عشر صباحاً كل يوم أحد ويُعاد الأثنين الرابعة عصراً والأربعاء الساعة الثامنة مساء، وبالتزامن مع البث الإذاعي المباشر يتم البث والتفاعل مع المتابعين على صفحتي الإذاعة والمركز على الفيسبوك. وقد تناولت الحلقة الأولى من برنامج “بالصوت العالي” دور وسائل الإعلام في مساندة قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، ودور الإعلاميين ذوي الإعاقة في الانتصار لقضاياهم. سيتناول البرنامج قضية أسبوعية يناقشها دارس البعداني مع ضيوف البرنامج، بالإضافة إلى آخر أخبار ومستجدات ذوي الإعاقة من واقع الأنشطة والفعاليات المختلفة، ونظرة على أهم التقارير الحقوقية والقصص التي يتناولها المركز الإعلامي على مدار الأسبوع.
يأتي برنامج “بالصوت العالي” ليعزز من التناول الحقوقي لقضايا ذوي الإعاقة عبر الإذاعة بعد أن قطع المركز شوطاً كبيراً في الإعلام الإلكتروني من خلال العشرات من التقارير والقصص والقوالب المختلفة التي شملت الحديث عن ذوي الإعاقة في مختلف المجالات.
مرحباً متابعينا فيلم هذا الأسبوع تتجسد فيه مقولة ” إن لم تقاتل من أجل ما تتمناه ، ستعاني كثيراً لتتعايش مع وضع لا تريده ” حيث تدور أحداث الفيلم Inside I’m Dancing عن “مايكل” الشاب لديه بشلل دماغي، والذي تخلى عنه والده ليقيم في دار رعاية خاصة بذوي الإعاقة والذي يعيش حياته بشكل روتيني مستسلم حتى يصل للدار “روري” الشاب المصاب بضمور العضلات، ولا يستطيع تحريك أي عضو في جسده إلّا أصبع يستخدمه في توجيه كرسيه المتحرك، وهو صاحب شخصية متمردة لا يقبل بروتين الدار ورتابتها، في البداية لم يتقبل “مايكل” أسلوب “روري”، ولكن سرعان ما نشأت بينهما صداقة قوية، خاصةً وأنّ “روري” الوحيد الذي استطاع فهم كلمات “مايكل” دون الحاجة إلى لوحة الحروف ليشرح بها ما يريد قوله. ويبدأ الاثنان للتخطيط لترك الدار والاستقلال بحياتهما في شقة بمفردهما مع مساعد، يواجهان صعوبة في الموافقة على طلبهما، ولكنهما لم يستسلما حتى حصلا على مرادهما، فكل ما يبحثان عنه هو حياة حرة كروح كل منهما الحبيسة في جسد لا يتحرك، الفيلم أيرلندي إنتاج 2004، إخراج “داميان أودونيل”، وبطولة “جيمس مكافوي”، و “ستيفن روبرتسون”، و “رومولا جاري .حصد الفيلم على جائزة Edinburgh International Film Festival Audience Award
“ما الذي أفعله لابني الكفيف الذي يعاني من التوحد وجميع الجهات تتنصل عنه وترمي الحمل على غيرها؟” هكذا يتساءل محمد البريهي، والد لفتاة معاقة بمتلازمة داون والطفل شعيب الذي يعاني من إعاقة مزدوجة بصرية وتوحد.
حيرة محمد وتساؤله هي زفرة وجع وأنين مكتوم للكثير من أولياء أمور ذوي الإعاقة المزدوجة الذين يشكون الإهمال لأطفالهم من الجهات المعنية في البلاد، وخصوصاً أن الأطفال ذوي الإعاقة المزدوجة يحتاجون لبرامج تدريب وتأهيل بمبالغ تفوق قدرات أولياء الأمور بكثير.
والأطفال ذوي الإعاقة المزدوجة هم الذين لديهم إعاقتين في نفس الوقت، وتتعدد صور الإعاقات المزدوجة فهناك من توجد لديهم إعاقات حركية وعقلية أو ذهنية، وهناك من يواجهون صعوبات إعاقات حسية “بصرية أو سمعية” مع الإعاقة العقلية أو الحركية والفئة الأخيرة بحسب المختصين هي الأشد معاناة والأقل اهتماماً حيث أن الإعاقة الحسية سواءً كانت بصرية أو سمعية تحول دون اكتساب الكثير من المعلومات والمعارف الأساسية وتؤثر في مدى ونوعية العلاقات الاجتماعية للأطفال، ولن يستطيع الأطفال بسهولة تعويض كلما يفتقدون من معلومات ومعارف وخبرات لصعوبة حركتهم أو لقدراتهم العقلية مما يخلق لديهم تحديات إضافية تختلف عن أقرانهم من مختلف شرائح المعاقين.
حينما ترفض المعاق كل المراكز أين يذهب؟.
تبدأ مشكلات ذوي الإعاقات المزدوجة بسوء التشخيص ولا تنتهي بتنصل الكثير من الجهات عن خدمتهم وتركهم عرضة للإهمال، يقول محمد البريهي للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة: “لقد ألحقت أبنائي بأحد المراكز الخاصة بالتوحد والإعاقات المزدوجة وتحسنوا بشكل ملحوظ، وكنت أدفع شهرياً مبالغ باهظة تزيد عن 250 ألف عن الطفلين لكنني لم أستطع الاستمرار بدفع تلك المبالغ الكبيرة، فلجأت إلى المركز الثاني التابع لصندوق المعاقين وهناك تم تشخيص درجة التوحد عند شعيب بأنه خفيف ونصحوني أن أتوجه به إلى مركز النور للمكفوفين كونه المكان الأنسب وأن برنامج المركز الثاني لا يتناسب وقدرات شعيب بل قد يتسبب بتدهورها”
وفي مركز النور للمكفوفين رفضت لجنة القبول والتسجيل قبول الطفل شعيب رغم أنه يعاني من حالة توحد خفيفة وبإمكانه أن يتعلم بحسب والده والمركز الثاني للعلاج الطبيعي التابع لصندوق المعاقين، توجهنا لحسن إسماعيل، مدير مركز النور للمكفوفين، فأفاد بأن الطفل المذكور بالإضافة لبُعد مكان سكنه وصعوبة جلبه بالباصات كزملائه فإنه يعاني من اضطراب توحد بدرجة متوسطة وعلمياً وعملياً لا يستطيع الالتحاق بالفصول العادية الموجودة في مركز النور، وبالتالي لا يستطيع الإقامة في السكن الداخلي لعدم وجود خبراء متخصصين بالإعاقات الذهنية.
تحققنا في المركز الإعلامي لذوي الإعاقة من درجة التوحد عند شعيب – هل هي خفيفة ويمكنه الالتحاق بمركز النور للمكفوفين؟ أم هي متوسطة ويجب أن يتلقى خدمات التدريب والتأهيل في المركز الثاني أو أي جهة أخرى، وتوجهنا إلى طرف ثالث هو مركز “سن رايز للتوحد” وهو مركز كان الطفل شعيب قد التحق به وأثنى والده على المركز وقال إن ابنه تحسن فيه فأفادت مدير المركز الدكتورة مريم الآنسي، بأن الطفل شعيب بالفعل لديه توحد بدرجة متوسطة وأوصت أن يستمر بتلقي التدريب والتأهيل إلى جانب برنامج تعليمي مكيف.
وبين تشخيص هذا وذاك يستمر محمد بالبحث عن جهة تقدم الرعاية والتدريب والتأهيل لابنه الذي يقول أنه توقف عن تعليمه وتدريبه وأنه يقبع في البيت مطالباً الجهات المختصة بتحمل مسؤوليتها تجاه ذوي الإعاقة المزدوجة. من جهتها تقول الدكتورة منى الغشم، مدير مركز أمان للتدريب والتأهيل المجتمعي، أن هناك ضعف كبير وملحوظ في الواقع والرؤية المستقبلية لذوي الإعاقة المزدوجة خصوصاً البصرية الذهنية”، وتشير إلى ضعف الدعم المالي، وقصور في مهارات العاملين، وقلة المتخصصين والاستشاريين في الإعاقة المزدوجة، والقصور الشديد في المقاييس المحلية، وضعف استخدام البرنامج الوظيفي والعلاج السلوكي لعدم وجود الأجهزة والمواد الخاصة بكل خدمة.
من ناحية أخرى تتحدث أمة الغفور الجومري، أخصائية تربية خاصة ومدير مركز نور الأمل، عن المدخلات الأكاديمية الضعيفة جداً حسب وصفها عن الإعاقات المزدوجة في كليات وأقسام التربية الخاصة فضلاً عن التخصصات الإنسانية الأخرى، وتقول الجومري أنما وجدته في الميدان يختلف تماماً عما تلقته في الجامعة عن هذه الفئة خصوصاً.
وحيدون في الميدان.
في الوقت الذي يتعرض له ذوو الإعاقة المزدوجة وأهاليهم من معاناة وصعوبات مضاعفة يتشبثون بإرادة الحياة ويمضون بمفردهم دون سند يعتمدون على أنفسهم ويحققون بعض الإنجازات، تداول نشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل واسع صورة للشاب محمد السباك، كفيف ومعاق حركياً، وهو على ظهر والده لابساً بدلة التخرج من الصف الثالث الثانوي عام 2018.
تعرض محمد لحادث شل حركته ترك على إثره مقاعد الدراسة ست سنوات، وفي عام 2014 عاد للتعليم في مركز النور للمكفوفين الذي هيئ له المواصلات والظروف المناسبة حسب محمد، لكنه اضطر لدراسة المرحلة الثانوية بنظام المنازل لصعوبة المواصلات وعدم تهيئة البيئة في مدارس الدمج، يقول محمد للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة: “من المفترض أن ألتحق هذا العام بالجامعة لكن إذا كان المكفوفون يعانون صعوبات كثيرة فكيف بكفيف ومعاق حركياً في نفس الوقت، فمنزلي بعيد عن الجامعة ولا تتوفر لي وسيلة مواصلات وظروف أخرى كثيرة فرضتها علي الإعاقة المزدوجة” ويردف: “لكني أخطط وأعمل على تحقيق أمنيتي بأن أواصل التعليم الجامعي من السنة القادمة”
نداءات جادة.
عبر حسن إسماعيل عن أسفه الشديد لحرمان فئة مهمة من أبسط حقوقها في الرعاية والتأهيل المناسب والمتخصص، وناشد عبر المركز الإعلامي لذوي الإعاقة كل من يهمه الأمر أن يلتفتوا بشكل حقيقي ومسؤول لذوي الإعاقة المزدوجة، وأضاف: “نحن نخطط في مركز النور للمكفوفين أن نستوعب ذوي الإعاقة البصرية الذين توجد لديهم إعاقات أخرى لجانب البصرية، ولكن هذا يتطلب فصول خاصة ومتخصصين مؤهلين ونفقات تشغيلية في الوقت الذي نعاني حالياً من شحة الإمكانيات.
وأكدت الدكتورة منى الغشم على ضرورة التبني الرسمي لكافة الخدمات المقدمة للمعاقين وألا يُترك الحمل على مؤسسات المجتمع المدني وحدها حسب تعبيرها، وأضافت: “احتياجات المعاقين أكبر من قدرات منظمات المجتمع المدني، ولن يستمر تقديمها إلا بتبني رسمي لها، فمهما بلغت إمكانيات تلك المنظمات فلن تصل إلى إمكانيات الدولة”.