خاص : إبراهيم محمد المنيفي /
احتشدت في الولايات المتحدة الأمريكية خمسة عشر ألف امرأة في تظاهرات ومسيرات غاضبة في الثامن من مارس آذار عام 1908، للمطالبة بتخفيض ساعات العمل، وتحسين الأجور، وحق التصويت في الانتخابات العامة، وفي العام التالي اعتبر الحزب الاشتراكي الأمريكي يوم الثامن من مارس آذار يوماً وطنياً للمرأة واعترفت به لاحقاً الأمم المتحدة يوماً عالمياً للمرأة يتم الاحتفال به سنوياً ويسلط الضوء على قضايا المرأة والتحديات التي تواجهها على الصعيدين العالمي والوطني على حد سواء.
وتحتفل الأمم المتحدة والمنظمات النسائية بيوم المرأة هذا العام تحت شعار “كسر التحيز break The Bias”، حيث عانت النساء ولا يزل من أشكال كثيرة من العنف والتحيز ضدهن على خلفية النوع الاجتماعي، حيث تقول الأمم المتحدة: “إن العنف ضد المرأة والفتاة يعد واحداً من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً واستمراراً وتدميراً في عالمنا اليوم، ولم يزل مجهولاً إلى حد كبير بسبب ما يحيط به من ظواهر الإفلات والصمت والوصم بالعار”.
وتقر الأمم المتحدة أنه في حين أن العنف القائم على نوع الجنس يمكن أن يحدث لأي شخص وفي أي مكان فإن بعض النساء والفتيات من فئات معينة معرضات للخطر بشكل خاص ومنهن النساء والفتيات ذوات الإعاقة.
وعلى الرغم من اعتراف معظم دول العالم بأن النساء ذوات الإعاقة يتعرضن لأشكال متعددة من التحيز والتمييز كما في المادة السادسة من الاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ووعد الدول الموقعة على الاتفاقية باتخاذ التدابير اللازمة لضمان تمتعهن بكافة الحقوق فإن النساء والفتيات ذوات الإعاقة مازلن مغيبات بشكل كبير سواءً من الدولة أو من المنظمات النسوية المحلية والدولية العاملة في اليمن.
وفي هذا التقرير نبحث عن سبب تغيب النساء ذوات الإعاقة عن النشاط النسوي، وماهي الأدوار التي قامت بها مؤسساتهن والمنظمات النسوية لرفع أصواتهن للمجتمع؟.
غياب يؤدي لانتهاك الحقوق.
تقول فاطمة المطهر ،صحفية وباحثة في قضايا المرأة للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة: “هناك تقصير وتعامل نمطي مع المرأة في اليمن بشكل عام سواءً في الإعلام، أو حتى في الممارسة مثل الحرمان من التعليم، أو تحميلهن أعباء الزواج المبكر، وعدم الاعتراف بالكثير من حقوقهن،
والنساء ذوات الإعاقة مشتركات مع غيرهن من النساء في التعرض لتلك الانتهاكات، إلا أن ذوات الإعاقة حلقة أضعف ويتم التعامل معهن كعبْ وعالة على الأسر”.
تتفق معها الناشطة وداد البدوي ،وهي صحفية ورئيس مركز الإعلام الثقافي وتقول: “إن المرأة ذات الإعاقة في اليمن تعاني من الانتهاكات لحقوقها كونها مرأة وكونها من ذوات الإعاقة فإن المعاناة مضاعفة أكثر بكثير من غير المعاقات، والحرب زادت وتزيد من نسبة المعاقين في اليمن بشكل كبير”
تعتقد –هدى الصديق ،من ذوات الإعاقة الحركية، أن هناك مفهوم قاصرا ومجتزأ لحقوق المرأة عموماً وذوات الإعاقة خصوصاً، وتقول: “إن النساء ذوات الإعاقة لهن الكثير من الحقوق التي يجب أن يحصلن عليها، وإن هناك تقصير من الجميع ومنهم ذوات الإعاقة في المطالبة بحقوقهن المشروعة”
من جهتها ترى الباحثة –تيسير مطر ،مسؤول المناصرة بجمعية الأمان للكفيفات، إن الانتهاكات التي يتعرضن لها ذوات الإعاقة هي غالباً بسبب قلة الوعي وضعف حضورهن في المجتمع وتقول مطر إن تواجد ذوات الإعاقة في المحيط الكلي للمجتمع لا يزال قليلاً، وترجع ذلك لعدة أسباب منها:
” الاتكالية، الرضوخ للعادات الخاطئة، الاستسلام للإعاقة مما حد من ظهورها ومشاركتها وجعل الآخرين يتجاهلون وجودها”.
وتضيف مطر: “هناك أيضاً أسباب مهمة ساهمت في تهميش صوت النساء ذوات الإعاقة منها:
انحصار ذوات الإعاقة في تخصصات ومجالات محدودة وعدم تطوير أنفسهن للانخراط في سوق العمل بما في ذلك العمل الحقوقي، وأيضاً تخوف الجهات الأخرى من استقطاب معاقات لا يحملن مؤهلات.
عدم وجود التشبيك والتكامل بين الجهات العاملة في مجال حقوق المرأة وجمعيات ذوات الإعاقة”.
وقد نجم عن ذلك التغيب عن المشهد العام والعمل النسوي الحقوقي جملة من الانتهاكات، حيث تقول وداد البدوي: “إن من الانتهاكات التي تعرضت لها المرأة هو تعرضها للإعاقات بسبب الحرب والقصف الذي تعرضت له المدن، وكل أطراف الحرب تعطي أولوية لجرحاها ومصابيها الذين جاءوا من الجبهات والنساء تعرضن للإعاقة في بيوتهن أو قراهن وليس في الجبهات، لذلك يستثنين من تلك المساعدات، كما أن النساء ذوات الإعاقة لا يحصلن على الرعاية الصحية المناسبة والكافية للأسف وهذا بحد ذاته انتهاك”.
مؤسسات ذوات الإعاقة تقدم الرعاية على حساب الحقوق.
تهتم مؤسسات وجمعيات النساء ذوات الإعاقة بجوانب الرعاية لمنتسباتها على حساب الجوانب الأخرى رغم أهميتها، فبحسب تيسير مطر فإن مؤسسات ذوات الإعاقة تكابد وتناضل لتوفير بعض الجوانب كالرعاية والتعليم والتأهيل وبناء جوانب شخصية المرأة ذات الإعاقة ولم تعمل على تصدير شخصيات ناجحة للمجتمع.
ورغم تعلل مؤسسات ذوي الإعاقة عموماً وذوات الإعاقة خصوصاً بالأوضاع الاقتصادية للتنصل من العمل الحقوقي والنقابي إلا أن الأصوات تتعالى لتضمين الحقوق ضمن أولويات تلك الجمعيات والمؤسسات.
تقول فاطمة المطهر: “إن جمعيات ومؤسسات ذوات الإعاقة مقصرة ولا تبذل الجهد الكافي للمطالبة بحقوق النساء ذوات الإعاقة على الرغم من أن لهن حقوق كثيرة، وعلى مؤسسات ومنظمات ذوي الإعاقة أن تتابع تنفيذها بشكل جيد، وأن تكون أكثر اهتمام وشفافية في جعل الحقوق أولوية في أعمالها”.
غياب ذوات الإعاقة عن العمل النسوي مبرَر أم استبعاد مقصود؟
تتحدث النساء ذوات الإعاقة عن تهميش دورهن ضمن الحراك النسوي، كما لم يمثلن ذوات الإعاقة ولو لمرة واحدة في الوفود النسائية التي التقت مسؤولين في الأمم المتحدة أو سفراء بعض دول مجلس الأمن الدولي لنقل رؤية نساء اليمن لصناعة السلام.
وترد وداد البدوي، على تلك الاتهامات فتقول: “أن المنظمات النسوية تناضل لإيصال أصوات النساء للمجتمع، وذوات الإعاقة لا يتم استبعادهن لكن المنظمات النسوية ليست دولة بحيث أنها لابد أن تشمل الجميع، لكن هن مجموعة من النساء يتفقن على رؤية وأهداف محددة يسعينا لتحقيقها وقد يكن ذوات الإعاقة جزء من هؤلاء النساء أو لا يكن، باختصار حينما أقرر عمل منظمة لا يمكن أن أضم في عضويتها إلا من أتفق معه من أي شريحة كانت”.
وتضيف البدوي: “في لقاء مجموعة التسعة مع نائب مبعوث الأمم المتحدة لليمن ركزنا على آليات إشراك النساء في العملية السياسية ولم نناقش مواضيع تعني فئات بعينها، باعتقادي هذه مرحلة قادمة الآن يجب أن نركز كيف نصل من خلال آلية تشمل النساء جميعاً”.
من جهتها اتهمت فاطمة المطهر، المنظمات النسوية بالتقصير تجاه ذوات الإعاقة واتهمت بعضها بالمتاجرة، حيث تقول للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة: “المنظمات والتجمعات النسوية مقصرة في حق النساء عموماً وذوات الإعاقة بشكل خاص، للأسف أصبحت قضايا الحقوق ومنها قضايا النساء مجال متاجرة أكثر منها مبادئ، ولذلك يجب أن تفعل آليات الرقابة والمساءلة المجتمعية على منظمات المجتمع المدني والمنظمات النسوية حتى نعرف ماهي قضاياهم؟ وماهي أولوياتهم؟ وهل تخدم المجتمع؟” أولوياتهم؟ وهل تخدم المجتمع؟”
وعن مستوى قبول النساء ذوات الإعاقة ضمن أطر العمل النسوي قالت فاطمة المطهر للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة: “ما يزال هناك رفض لمشاركة النساء ذوات الإعاقة حتى وإن ادعى البعض أنه مع الحقوق ومع مشاركة الجميع، وعدم إقصاء أحد، ولكنهم حين يتحدثون عن عدم الإقصاء يقصدون الجانب السياسي وعدم إقصائهم هم ولا يقصدون الفئات الضعيفة والمهمشة في المجتمع ومنها ذوات الإعاقة”.